سعى الأكاديمى المسرحى العراقى جبار خماط، بفكرة جديدة، وهى دمج عيادة نفسية فى المسرح إلى علاج المرضى بفن التمثيل، متخذًا من المسرح عاملًا محفزًا للآخرين وقادرًا على مساعدتهم وبث الأمل فيهم من جديد، بتمارين مسرحية بسيطة تتطلب التركيز والاسترخاء والقدرة الصوتية، ونجح فى تأسيس تجربة علاجية جديدة عن طريق الفن، وكان أبطال هذه التجربة هم المرضى أنفسهم الذين يعانون من الإدمان والمشاكل النفسية ومرض السرطان هذا ما بثته قناة الغد الإماراتية خلال الفيلم الوثائقى «عراقى يحول المسرح لعيادة نفسية لمعالجة الإدمان والسرطان والمرضى النفسيين» للدكتور الأكاديمى المسرحى العراقى جبار خماط.لم يكتفِ «خماط» بإنشاء عيادته المسرحية فقط، بل عمد إلى استقطاب أساتذة وطلاب تطوعوا فى العمل بهذا المشروع، لكى يكونوا مدربين فى تلك العيادة، بعد أن يقوموا بعروض مسرحية تجريبية يعيش من خلالها حالة المرضى قبل علاجهم، حيث قالت إيمان القبيسى، أستاذة متخصصة فى أدب الطفل، إن هناك حالات كثيرة تعافت من الإدمان، ولكن العلاج النفسى أكثر وسيلة للاستشفاء، لأن المسرح يؤثر كثيرًا على نفسياتهم ويساعدهم فى العلاج، بينما أكدت الطالبة دلال بشير أن الاعتماد على أطروحات أرسطو التى تناولت التطهير والاعتماد أيضًا على الجوانب النفسية والمعروفة بالسيكودراما، واستطاعت العيادة العلاجية المسرحية جذب العديد من الحالات المرضية التى نجحت فى علاجها، ولا تقتصر تمارينها على خشبة المسرح فقط بل الأماكن المفتوحة أيضًا بإقناع المشاركين فيها من المرضى والمتدربين أن يؤمنوا بالتمثيل والتفاعل معه، لكى يكتشفوا أنفسهم من جديد لصنع خبرة مستقبلية يقومون بتأليفها بخيالهم وتصوراتهم لمستقبلهم الجديد.قال الدكتور الأكاديمى المسرحى جبار خماط، إن العراق تعرض إلى هزات عنيفة خاصة بعد عام ٢٠٠٣، هزات بنياوية على مستوى الشعور والتواصل والسلوك العام المجتمعى، وهنا جاءت فكرة كيفية التواصل مع هؤلاء الناس ومساعدتهم فى حل هذه المشاكل بطريقة جمالية، وعندما ذهبت إلى السجون، وشاهدت الطرق التقليدية التى يتعامل معها السجين، لا تعطى مجالاً أن يتخلص من الجوانى الجرمية، ولكن إذا أدخلته بحالة من الأداء الإبداعى سوف يجد نفسه من جديد ويتخلص من عقدة الانعزال والتهميش ويدخل إلى دائرة الضوء الإعلامى والاجتماعى، فهذا الإبداع المسرحى من الممكن أن يحققه الجميع، وهؤلاء الناس يتفاعلون مع الصدق والحالة الإيجابية، فإذا قدمت لهم التمثيل بطريقة تجعلهم يؤمنون بأنفسهم وتساعدهم على تحقيق رغباتهم والأفكار التى يؤمنون بها والتى لا يجدونها فى الحياة ومجتمعهم، سوف يتحولون إلى مبدعين، وهذه القدرة تعد حالة جديدة فى العلاج عن طريق الفن، لكن بسبب الحياة وصعوباتها لا يستطيع هؤلاء المرضى الوصول إلى نماذجهم الشخصية الذين يؤمنون بها ويسعون للوصول إليها، ويبحثون عن النافذة، وهى التمثيل لتجسيد هذه الشخصيات الإيجابية، مؤكدًا أن التكرار اليومى يجعلهم إيجابيين، والمصاب هو الذى يكتب النص، ويمثل، ويواجه الجمهور، وهذا هو التحدى الأكبر بالنسبة لهم.ويقوم المسرح على مفهوم الارتجال، وهو أكثر مهارات وصولًا إليه، لأنه يتضمن التلقائية، والصدق، والحميمة، فالارتجال التلقائى هو المفتاح الأول، ثم تأتى المرحلة الثانية وهى تنظيم الارتجال بمعنى أن المهارات تقدم بعض السلوكيات المهارية والأدائية التى تساعده على التحويل من التلقائية إلى أداء مسرحى به علم المسرح من الحركة والصوت إلى آخره، فهذه التجربة لا تقتصر على العراق فقط، وإنما نسعى إلى وصولها إلى بلدان أخرى، فنحن لدينا مشروع مهم لمرضى السرطان فى بغداد وسوف يقدم فى القاهرة أيضًا، فإذا توصلنا إلى مرحلة علاج مرضى السرطان بالتمثيل المسرحى، فهذا يعد ابتكارًا، فنحن نعانى من افتقاد الجانب النفسى والإرادى أيضًا، فهذه الطريقة سوف تعطى أملًا وثقة وإرادة جديدة للمريض أن يتجاوز هذا المرض.
مشاركة :