منصات التواصل الاجتماعي دعم سخي للاحتجاجات السودانية

  • 12/23/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

اضطرت الحكومة السودانية لحجب منصات التواصل الاجتماعي على الإنترنت، إثر تحولها لمنصات إعلامية بديلة، نقلت بكثافة «أخبار المظاهرات» بالصورة والفيديو، أولاً بأول، وأفلحوا في تحويل الأحداث إلى «تريند» يومي على «تويتر» و«فيسبوك»، ليتداوله الملايين.وفي وقت مبكر من فجر السبت الماضي، وبعد مرور 3 أيام على الانتفاضة التي أشعلت شرارتها مدينة عطبرة الأربعاء، فوجئ النشطاء بأن تطبيقات التواصل الاجتماعي «تويتر» و«فيسبوك» و«واتساب» و«إنستغرام» لا تعمل عندهم. في بادئ الأمر، ظن البعض أن السلطات قطعت خدمة الإنترنت كاملة، ليكتشفوا بعد دقائق أن الخدمة قطعت فقط من هذه التطبيقات، وسريعاً ما تبادلوا وصلات «البروكسي» والشبكات الافتراضية الخاصة (VPN)، فعادت التطبيقات للعمل، وتناقلوا هاتفياً تفسيرات لأسباب حجب هذه التطبيقات عن العمل في السودان.وعد بعض النشطاء حجب مواقع التواصل الاجتماعي «محمدة» لأنه «سيخرج المتابعين من غرف الدردشة للشوارع، ليعرفوا ماذا يجري فيها»، وأكدوا أنه اعتراف بدور هذه الوسائط في تشكيل الرأي العام، وأنها تحولت لبدائل للصحافة الورقية المحلية، وقنوات التلفزة والإذاعات التي تسهل السيطرة عليها.ولم تعلن وزارة الاتصالات «رسمياً» وقف الخدمة على الفور، فيما أنكر رئيس جهاز الأمن والمخابرات الوطني، صلاح عبد الله قوش، في لقاء مع الصحافة، تعطيل الخدمة الحيوية بأوامر منه، وقال إن جهازه ليس مع حجب وسائل التواصل الاجتماعي، وأضاف: «قناعاتنا مع عدم الحجب، والتفاعل معها، ورؤيتنا أن نكون في قلبها، ونهزم الأكاذيب، ونقتحم محل الشر، لنحوله إلى خير، وإن هناك نقاش مع وزارة الاتصالات المعنية بذلك».من جانبها، نفت شركة «زين» السودان، أكبر مشغلي الهاتف الجوال وتقديم خدمة الإنترنت، أن تكون قد عطلت الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي بسبب المظاهرات. ونقلت «الأحداث نيوز» عن الرئيس التنفيذي للشركة، الفاتح عروة، قوله إن «قرار الحجب حكومي، اتخذته السلطات لأسباب تخصها»، وطبقته على شركات الاتصالات الأربع العاملة بالبلاد، وإن شركته نفذته قبل باقي الشركات، رغم أنها المتضرر الأكبر من إيقاف الخدمة التي أفقدتها 15 في المائة من حركة الإنترنت اليومية.ووفقاً لرواية تداولها النشطاء، فإن مدير هيئة الاتصالات السابق، يحي عبد الله، أقيل لأنه رفض قطع خدمة الإنترنت، واستبدل به مصطفى عبد الحفيظ، الضابط بجهاز الأمن، وإن مدير الهيئة الجديد أمر بقطع الخدمة عن البلاد نهائياً، لكن المهندسين والفنيين أقنعوه بأن قطع الإنترنت يعني إصابة البلاد بالشلل التام، واقترحوا عليه حجب مواقع التواصل الاجتماعي، فوافق على المقترح على مضض.وقبل وقف الخدمة، أفلح النشطاء في إطلاق «هاشتاق»: (مدن_السودان_تنتفض)، الذي لقي تداولاً واسعاً بين السودانيين، في الداخل والخارج، ومحطات التلفزة والإذاعة العالمية، ومن بينها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، إضافة إلى «هاشتاق» يدعو للعصيان المدني: (civil_disobedience_in_Sudan)، الذي حصد أيضاً عشرات الآلاف من المشاركات في وقت وجيز، ولم تتأثر هذه الحملات كثيراً بحجب المواقع، إذ عادت لتعمل بكفاءة بعد مدة وجيزة.ورغم سوء خدمة الإنترنت، فإن النشطاء السودانيين استخدموها بمهارة للترويج للاحتجاجات التي وجدت تأييداً وتجاوباً من قطاعات شعبية وعربية، وتبادلوا آلاف الصور للمحتجين والضحايا والقتلى وأسرهم، ولم يفلح مؤيدو النظام من النشطاء في وسائط التواصل الاجتماعي في مجاراة مؤيدي الانتفاضة الشعبية.واستخدم النشطاء السخرية في الرد على مؤيدي النظام وانتقادهم، فسخروا من تصريحات بعض المسؤولين، ولقي اتهام السلطات لمخربين دربهم «الموساد» واندسوا وسط المتظاهرين سخرية بليغة. وكان رئيس جهاز الأمن قد ذكر أن الموساد ضالع في أحداث التخريب، وأن 280 عنصراً من «حركة تحرير السودان»، بقيادة عبد الواحد محمد نور، تم تسريبهم للسودان من إسرائيل، وتدريبهم على التخريب وإشعال الفتنة في مدن عطبرة والدامر وبربر. وجاءت التعليقات الساخرة من قبيل: «لو كنتم ترصدونهم، لماذا تركتموهم يخربون؟».كما استخدموا الصور المعدلة والكاريكاتيرات الساخرة في حملاتهم لإسناد المحتجين، بل وتنادى النشطاء في خارج البلاد، ووجهوا الدعوة لنظرائهم في الداخل لتسهيل إيصال المعلومات لوسائل الإعلام الدولية، وتشكيل لوبيات للضغط على المنظمات والمؤسسات الأممية والدول الغربية لإسناد الاحتجاجات السودانية. وتحول غروب «عاجل» على تطبيق التراسل الفوري «واتساب» إلى منصة تقدم الأخبار والمعلومات للصحافة المحلية والعالمية، ويضم أكثر من مائتي صحافي وناشط سوداني في الداخل والخارج، ينقلون إليه أخبار الاحتجاجات والصور، ليقوموا بتدقيقها وفقاً للمهنية الصحافية، ليتم التعامل معها باعتبارها «خدمة صحافية» متكاملة.ويعد شعار «ارحل»، الذي تتم كتابته وتوزيعه بين النشطاء بأشكال وطرق مختلفة، أحد أكثر الشعارات المتداولة، إلى جانب الشعار الجديد «طير طير يا بشير»، المستنسخ من شعار مؤيدي الرئيس البشير «سير سير يا البشير».وإلى جانب حجب مواقع التواصل الاجتماعي، فرضت الأجهزة الأمنية مجدداً «رقابة قبلية» مشددة على الصحف الورقية، وأمرت المطابع بعدم طبع أي صحيفة قبل أن يطلع عليها الرقيب الأمني، رغم توقيع ميثاق شرف صحافي الشهر الماضي، أعلن بموجبه جهاز الأمن رفع الرقابة، واضطرت أكثر من صحيفة للاحتجاب اليومين الماضيين احتجاجاً على عودة الرقابة.ومن الصحف التي احتجبت صحيفة «الجريدة» المستقلة، بعد حذف الرقيب الأمني أكثر من 5 صفحات، في المرة الأولى، تضمنت تغطية للاحتجاجات. وفي الثانية، اضطرت الصحيفة للاحتجاب لأن الرقيب الأمني رفض نقل تصريحات من مدير جهاز الأمن بمقتل متظاهرين. واضطرت صحيفة «التيار» المستقلة للاحتجاب يوم أمس، لأن الرقيب الأمني طلب منها حذف خبرها الرئيسي المنسوب لرئيس جهاز الأمن أيضاً، ويتعلق بقوله إن حق التعبير السلمي مكفول، وذكرت الصحيفة أنها احتجبت عن الصدور لأن جهاز الأمن طلب منها حجب «مواد تمس مصداقيتها»، بحسب أحد المسؤولين فيها بمواقع التواصل الاجتماعي.أما بقية الصحف اليومية، فقد اضطرت لنقل الأحداث وفقاً لرؤية جهاز الأمن، وخرجت بخطوط عريضة من قبيل: «الحكومة تعمل على معالجة الأزمة وترفض التخريب»، و«تورط الموساد في أعمال التخريب»، و«أزمة السيولة تنتهي في أبريل»، و«قبضنا شبكة تجسس إسرائيلية»، وذلك في الوقت الذي يواجه فيه المتظاهرون السلميون القتل في معظم مدن البلاد. وانتقد النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي كثيراً من الصحف، واعتبروها «تعرض خارج الزفة»، وطالبوا بمقاطعتها، والاعتماد على ما يبث على شبكات التواصل الاجتماعي، من معلومات وأخبار وصور.

مشاركة :