تركيا تبحث عن دور جديد في ليبيا عبر بوابة تونس

  • 12/24/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تونس - تنظر الأوساط السياسية التونسية بكثير من الحذر إلى الزيارة الرسمية التي بدأها الأحد، وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى تونس، بالنظر إلى ما يُحيط بها من مخاوف وهواجس مُرتبطة بأجندات التحالف التركي-القطري-الإخواني، والحسابات المتصلة بها تجاه تونس وكذلك أيضا ليبيا التي توقّف في عاصمتها طرابلس لعدة ساعات. ولا تتردد في التحذير من هذه الزيارة وما قد ينتج عنها من تفاهمات، مُرتبطة بتلك الأجندات التي بدأ خطرها يزداد بحكم الاستحقاقات الهامة التي يستعد لها البلدان، خاصة وأنها تأتي فيما تزايد الحديث حول سعي تركي لإيجاد دور في الملف الليبي عبر البوابة التونسية. ووصل مولود جاويش أوغلو فجر الأحد، إلى تونس، قادما من العاصمة الليبية طرابلس، في زيارة رسمية، بدعوة من نظيره التونسي خميس الجهيناوي، يُنتظر أن يجري خلالها محادثات مع عدد من كبار المسؤولين التونسيين حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك. وقبل ذلك، قالت وزارة الخارجية التونسية في بيان لها إن هذه الزيارة “تندرج في إطار الحرص المشترك على تعزيز العلاقات بين البلدين، وإعطاء دفع جديد لنسق التعاون الثنائي، إلى جانب متابعة نتائج الزيارة الرسمية التي أداها الرئيس التركي إلى تونس في ديسمبر 2017.ووقعت تونس وتركيا على هامش زيارة أردوغان إلى تونس، في ديسمبر 2017، على ثلاث اتفاقيات تعاون في مجالات مختلفة، وعلى بروتوكول في مجال التدريب العسكري. وأضافت أنه سيتم أيضا خلال هذه الزيارة “التشاور حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، إلى جانب الإعداد للاستحقاقات الثنائية القادمة، ومنها بالخصوص الدورة القادمة للمجلس الأعلى للتعاون الاستراتيجي والدورة الرابعة للمشاورات السياسية بين البلدين”. ولم يأت بيان الخارجية التونسية على ذكر الملف الليبي خلال هذه الزيارة، ومع ذلك يرى مراقبون أن هذا الملف الشائك والمُعقد، سيكون على طاولة المحادثات التي سيُجريها مولود جاويش أوغلو خلال هذه الزيارة التي تستغرق يومين. وفي هذا السياق، وصف محسن النابتي، عضو المكتب السياسي لحزب التيار الشعبي التونسي، لـ“العرب” هذه الزيارة بأنها “مشبوهة ومُريبة” بالنظر إلى توقيتها، واستهدافاتها الآنية والاستراتيجية. ولم يتردد في ربط هذه الزيارة بتطورات الملف الليبي، قائلا إن تركيا التي “تم تجاهل دورها في الجهود الدولية وخاصة منها خلال مؤتمري باريس وباليرمو بشأن ليبيا، تسعى جاهدة إلى توجيه رسائل للأطراف الإقليمية والدولية مفادها أنها لا تزال تُحظى بنفوذ وتأثير في المشهد الليبي”. واعتبر أن توقيت هذه الزيارة الذي يأتي بعد فضيحة شحنة الأسلحة التركية التي تم ضبطها في ليبيا، يدفع إلى استنفار كافة مفردات التحذير من أهدافها، ذلك أن كل المؤشرات تدل على أن تركيا تريد العودة إلى الملف الليبي عبر البوابة التونسية، وذلك لإنضاج مقاربات جديدة تهم الشأن الليبي، لن تخدم أبدا الأمن والاستقرار في ليبيا والمنطقة. ولفت إلى أن تلك المقاربات لن تخرج عن دائرة دعم وتمكين قوى الإسلام السياسي في ليبيا، لا سيما بعد انحسار نفوذها، وبالتالي، سيكون من العسير تجاوز ما قد يعترضها في قادم الأيام، باعتبارها تتناقض مع الجهود التونسية والمصرية والجزائرية لإيجاد تفاهمات بين الليبيين للذهاب إلى انتخابات عامة قد تُخرج ليبيا من مأزقها الراهن. وحذر في هذا الصدد، من التجاوب مع السعي التركي، قائلا “لا أحد ينكر دور تركيا التخريبي في ليبيا، كما أن الجميع يعرف الأزمات التي كانت تفتعلها تركيا وتتحكم بإيقاعها في ليبيا، عبر أدواتها الوظيفية، والميليشيات التي ترعاها بالسلاح والتدريب والحماية”. وتُشاطر الأوساط السياسية التونسية، والقوى الفاعلة في ليبيا، ما ذهب إليه النابتي، ولا تُخفي خشيتها المشروعة من هذه الزيارة، التي رفعت بتوقيتها منسوب القلق باعتبارها أعادت الدور التركي إلى الواجهة، بسياقات ترافقت مع حركة سياسية وحراك ميداني في ليبيا، يترك الباب مفتوحا على أسوأ السيناريوهات.وترى أن هذا التحرك السياسي التركي بالأهداف والأجندات التي تحكمه يعكس أن تركيا أصبحت في عجلة من أمرها لتجاوز المأزق الذي دخلته في أعقاب الكشف عن شحنة الأسلحة التي ضُبطت في ليبيا، وهي بذلك تسعى إلى احتواء تداعيات ذلك لاستعادة دورها. غير أن محسن النابتي، اعتبر أن ما تقوم به تركيا حاليا “ليس سوى لعب في الوقت الضائع” رغم إقراره بأنها “تتحمل المسؤولية الكبرى في استمرار حالة الفوضى التي تعيشها ليبيا من خلال دعمها للميليشيات، التي مكنتها من نهب خيرات البلاد”. ودعا في المقابل، السلطات التونسية إلى رفض السياسة التركية التي تُحاول اليوم جعل تونس ممرا آمنا لمخططاتها التي تستهدف استمرار الفوضى في ليبيا، لافتا في هذا السياق إلى أن شحنة الأسلحة المضبوطة في ليبيا، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة. وكان الرائد فهمي حسين الماقوري، الناطق الرسمي باسم الجمارك اللليبية، قد أعلن الأربعاء الماضي، عن ضبط حاويتين قادمتين من تركيا، مُحملتين بـ“4 ملايين و518 ألف طلقة ومسدسات وبنادق صيد” في ميناء الخمس البحري. وحملت القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، في أعقاب الكشف عن شحنتي الأسلحة، المجموعة الدولية مسؤولية ما تقوم به تركيا في ليبيا، لافتة في بيان لها إلى أن شحنة الأسلحة المضبوطة “تكفي لقتل قرابة 80 بالمئة من الشعب الليبي، إضافة إلى آلاف المسدسات والبنادق ولوازمها بما فيها تلك القابلة إلى التحوير بكواتم صوت لتنفيذ الاغتيالات”.

مشاركة :