يتعرض بعض الكتاب، وفي مواقف ومناسبات مختلفة، إلى ظاهرة سلبيات بعض الموظفين وكسلهم المر.. وكيف أن البعض منهم أصبح كالصور القديمة التي يجب إزالتها، ويؤكدون على ضرورة المحاسبة وتكثيف الرقابة الإدارية ومتابعة سلوك هؤلاء العاملين.. وعلى الرغم من أهمية هذه الاقتراحات، إلا أن التعرض إلى هذه السلبيات بمعزل عن مناقشة عنصر الرضاء الوظيفي لدى هؤلاء العاملين هو في الواقع كهروب الشخص من اسمه، وحتى لا يصبح هذا الموضوع المكرر حفلة نارية تنتهي دائما باحتراق هؤلاء العاملين، دعونا نتفق أولا بأن الموظف أينما كان بشر له ميوله وعواطفه التي ترتبط ارتباطا مباشرا بعدد كثير من المتغيرات المتعلقة بمواقف وظروف العمل يقول (لا ندي): «إن عبارة الرضا الوظيفي تستخدم للدلالة على مشاعر العاملين تجاه العمل بنفس الطريقة التي تستخدم عبارة مستوى المعيشة لوصف ردود فعل وانطباعات المرء عن الحياة عموما». لقد عمل الياباني (كنسوكي متسوشي) حتى التسعين وحقق أكبر نجاح يمكن أن يحققه رجل أعمال في حياته العملية وحرر فلسفة عميقة عن مفهوم العمل لديه في كتابه الحميم (ليس من أجل الرغيف فقط)، يقول (كنسوكي متسوشي): «لقد عملت حتى التسعين ليس إرضاء لغرور القدرة على ممارسة الحياة ككائن حي، بل لأن العمل يزيد من إحساسي بالحرية والشعور بالمسؤولية، وهي الإرادة التي تقربني من العالم الخارجي والجسر الذي أعبره كل يوم لأصل إلى دنيا الناس؛ لذلك فإن أي عمل لا بد أن ينتشر ضوء نتائجه على العالم، بل ولا بد أن يحدث آثاره في هذا العالم، وإلا فإن إطلاق مسمى عمل على هذه الممارسة إجحاف للمعنى».. لا شك أن أقسى شعور يواجه الإنسان هو البقاء في مهنة لا يقدرها ولا يقتنع بجدوى نتائجها، وأكبر الوجع وأعظم الأسى أن يظل الإنسان في عمل من أجل المرتب فقط.. إن من يفعل ذلك (فهو كمن يتجرع زيت الخروع كل يوم)، فإتقان العمل هو الناتج الطبيعي لاحترام هذا العمل، وهذا الشعور الجميل يفترض أن ينفرد بتنميته (القيادات الإدارية) في المرافق المختلفة.. فالموظف حصان جميل الصهيل يفترض أن لا يكره على السير في الوعر والوحل والعتمة.. فإن صادفت موظفا لا يتقن عمله ويحدثك بجفاء ملتويا على نفسه كحرف الواو.. لا تسخر منه.. لا تبارك الدمعة التي تخنقه.. أسال هذا (الضحية) عن (الخيال) من يقوده !! من يفترض أن يلثم جبينه ويمسح عرقه ويحكي معه طوال الطريق ويملأ فمه لوزا وزبيبا وحبا واعتزازا بقيمة ما يؤديه!!.
مشاركة :