على الرغم من أن مهمة المستشارين العسكريين الأميركيين، كانت محدودة ضمن المنطقة 55 والتي تقع فيها قاعدة التنف العسكرية على الأراضي السورية بالقرب من الحدود مع الأردن والعراق، إلا أن عواقب انسحابهم تبدو "وخيمة" كما يصفها بعض سكان مخيم الركبان الذي يقع في المنطقة ذاتها. وقال بعض الأهالي من المخيم في اتصالات هاتفية مع "العربية.نت"، إن "وجود المستشارين الأميركيين هو ضمان لعدم دخول النظام السوري إلى هذه المنطقة، وانسحابهم يعني سيطرة النظام عليها بعد ذلك". وأضاف شبان منهم أن "النظام سيجبرنا على تأدية الخدمة العسكرية" التي تفرضها قوات بشار الأسد على معظم الشبّان بمختلف المناطق السورية. ولا تبدو "الخدمة العسكرية" من المخاوف الوحيدة، إذ تبدو مخاوف من كان يقاتل في صفوف المعارضة السورية المسلحة قبل أن يعود لحياته المدنية أكبر، خشية من الاعتقال التعسفي ومن ثم الموت تحت التعذيب. وقالت مصادر في المعارضة السورية المسلحة في المنطقة 55 لـ"العربية.نت" إن "الانسحاب الأميركي من هذه المنطقة، سيضعها أمام كارثة كبيرة". وأكد العقيد مهند الطلاع، قائد جيش مغاوير الثورة في اتصال هاتفي مع "العربية.نت" أنه "تلقى بلاغاً شفهياً من واشنطن حول انسحابها من سوريا". وأضاف "لكن إلى الآن لا تغييرات على الأرض"، مشيراً إلى أن "التنفيذ لم يبدأ بعد". وفيما يبقى مصير المسلحين من المعارضة المسلحة مجهولاً بعد الانسحاب الأميركي المقرر أن يتم ضمن مدة تتراوح من 60 إلى 100 يوم، وفق ما أعلن عنه البيت الأبيض الأسبوع الماضي، يتركز خوف هؤلاء المقاتلين الذين يتلقون دعماً عسكرياً ولوجستياً من واشنطن، على مصير سكان مخيم الركبان الذي يقطنه نحو أكثر من 60 ألف نازحٍ سوري منذ العام 2014 في ظروفٍ معيشية صعبة. وتعهد جيش "مغاوير الثورة" المعارض لنظام الأسد بـ"حماية مخيم الركبان". وكشف في بيانٍ صحافي صادر عنه أنهم "ينسقون مع واشنطن مصير المنطقة 55، بهدف الوصول إلى أفضل الخيارات الممكنة". ومهمة حماية السكان في مخيم الركبان هي الأصعب، إذ لا تبدو إمكانية وصولهم إلى مناطق في الشمال السوري ممكنة. وتؤكد مصادر من المعارضة المسلحة لـ"العربية.نت" أن "هذا الحل لن يرضي أنقرة، نتيجة الدعم الكبير الذي تتلقاه المعارضة المسلحة من واشنطن في هذه المنطقة". وتقتصر مهمة القوات الأميركية في المنطقة 55 والتي تتمركز في قاعدة التنف بـ"عدم السماح لقوات الأسد بالدخول إليها". وتؤكد مصادر عسكرية من المعارضة المسلحة لـ"العربية.نت" أن "عدد الخبراء الأميركيين فيها لا يتجاوز مئتي عنصر، لكن وجودهم يساهم في حماية المنطقة من قوات النظام". وبالتزامن مع الإعلان الأميركي عن سحب قواتها من سوريا، وصلت تعزيزات عسكرية روسية لقوات النظام والميليشيات التي تسانده إلى نقاط تمركزه بالقرب من المنطقة 55 على طريق دمشق ـ بغداد الدولي والتي تبعد نحو 80 كيلومتراً عن قاعدة التنف. وتهدف قوات النظام وميليشياته إلى السيطرة على كامل البادية السورية على الحدود الأردنية، ويمنحها الانسحاب الأميركي مؤخراً فرصة كبيرة لحليفتها طهران بربط أماكن تمركز ميليشياتها الشيعية في الجانبين السوري والعراقي ببعضهم بعضا بعد الممر البري الذي قد يخلقه الانسحاب الأميركي من المنطقة 55 فيما لو سيطر عليها النظام وحلفاؤه.
مشاركة :