دبي:سامي مسالمة شهد العام 2018 دخول الاقتصاد الوطني، مرحلة مهمة عبر بدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%، وهو الهاجس الذي كان يقلق الكثيرين، لكنه تبدد أمام قوة ومتانة الاقتصاد الوطني، خاصة أن أثر هذه الزيادات تلاشى تماماً مع تصحيح مفاهيم عدد من الأنماط الاستهلاكية للفرد، غير أن الوجه الآخر لهذه الضريبة من شأنه العمل على تسريع وتيرة النمو الاقتصادي بشكل عام.وتشكل ضريبة القيمة المضافة مصدر دخل جديد للدولة، يسهم في ضمان استمرارية توفير الخدمات الحكومية عالية الجودة في المستقبل، وسيساعد مصدر الدخل هذا على المضيّ نحو تحقيق رؤية دولة الإمارات المتمثلة في خفض الاعتماد على النفط، وغيره من المنتجات الهيدروكربونية كمصادر أساسية للإيرادات، وتقوم الشركات والمؤسسات بسداد الضريبة التي قامت بتحصيلها من العملاء إلى الحكومة، وفي بعض الحالات تسترد هذه الشركات الضريبة التي كانت قد دفعتها لمورّديها. وبالتالي، فإن النتيجة الصافية من العائدات الضريبية التي تتلقاها الحكومة، تتمثل في تلك «القيمة التي أضيفت» عبر مراحل سلسلة التوريد. التأثيرات الشرائية وبالرغم من ذلك، لا تزال بعض التساؤلات التي تثار بين الفينة والأخرى حول التأثيرات المباشرة وغير المباشرة في القدرة الشرائية، وتأثير القطاعات التي شملتها الضريبة في مجمل السلة الاستهلاكية للفرد، وحجم إنفاقه، وبالرغم من كون ضريبة القيمة المضافة في الإمارات من الأقل عالمياً، مقارنة بالمعدل الوسطي في مختلف دول العالم، الذي يبلغ 12%، إلاّ أن العديد من المراقبين أكدوا أن تطبيقها سيحدث عدداً من التأثيرات، في مقدمتها أنماط الاستهلاك للمواطن والوافد، على حد سواء.وجاء فرض ضريبة القيمة المضافة في الدولة، ضمن إطار مبادرة على مستوى دول مجلس التعاون، تهدف إلى تنويع اقتصادات المنطقة. وفي ظل انخفاض أسعار النفط بشكل عام خلال السنوات الأخيرة، أصبح على دول التعاون النظر في مصادر إيرادات جديدة لتخفيض الاعتماد على المنتجات الهيدروكربونية، كمساهم رئيسي في الخزينة العامة، وعليه اتفقت الدول الخليجية على توقيع اتفاقيات إطارية موحدة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية، وستقوم كل دولة بتطبيق تشريعات داخلية لتطبيق هذه الضرائب.وقد مرت الضريبة المضافة في الإمارات بتطورات عديدة تتعلق بقطاعات مختلفة، مثل قطاع الذهب والمجوهرات وقطاع العقارات، ورد الضريبة للسياح وغيرها من التطورات العديدة. إعفاء المستثمرين بقطاع الذهب فيما يتعلق بقطاع الذهب والمجوهرات فقد اعتمد مجلس الوزراء قراراً بشأن المعاملات التجارية لضريبة القيمة المضافة لقطاع الذهب والألماس استمراراً للجهود الحكومية في دعم تطبيق النظام الضريبي بكفاءة في الدولة، ومواكبته لأفضل المعايير العالمية، وحفاظاً على تنافسية الدولة في قطاع الذهب والألماس وسهولة ممارسة الأعمال في هذا القطاع، وسط ترحيب واسع من المتخصصين وقطاع الأعمال بالمبادرة التي تستهدف دعم صناعة وتجارة الذهب والألماس في الدولة وتعزز مكانتها كأحد أهم المراكز التجارية عالمياً.وينص القرار على إعفاء المستثمرين والموردين في قطاع الذهب والألماس من أية ضرائب على معاملاتهم التجارية، وبما يضمن سهولة ممارسة الأعمال والمحافظة على تنافسية قطاع الذهب والألماس في الدولة واستقراره، ويأتي القرار في ضوء التسهيلات والمبادرات العديدة التي تقدمها الدولة لأصحاب الأعمال والمستثمرين، وحرصها على توفير البيئة الملائمة والبنية التحتية والتشريعات اللازمة لمزاولة الأعمال ونموّها في هذا القطاع، كما يختص القرار بالمعادن الثمينة الاستثمارية، التي يتم استخدامها لغايات الاتجار بها وفقاً للمعايير المعتمدة عالمياً، وقابلة للتداول في أسواق السبائك العالمية. رد الضريبة للسياح كما كان مجلس الوزراء الإماراتي قد اعتمد في يوليو الماضي قراراً بتطبيق نظام ردّ ضريبة القيمة المضافة للسياح، الذي يشمل أنظمة متكاملة للربط المباشر بين منافذ البيع والمحال التجارية مع نظام الاسترداد على مستوى الدولة، وقد بدأ رد الضريبة للسياح المؤهلين لاسترداد ضريبة القيمة المضافة المدفوعة على مشترياتهم فعلياً، اعتباراً من الثامن عشر من شهر نوفمبر الماضي.وكان المجلس قد أكد أن هذه الخطوة تأتي دعماً للجهود الحكومية لتطبيق النظام الضريبي بكفاءة في الدولة، وبما يتوافق مع أعلى مستويات الجاهزية وأفضل المعايير العالمية في هذا المجال، ويأتي القرار لمواكبة نمو القطاع السياحي في الدولة ولتعزيز مكانتها كوجهة عالمية ومقصد للسياح، إذ تم تطبيق نظام ردّ ضريبة القيمة المضافة والتي تبلغ نسبتها 5% من قيمة المشتريات الخاضعة للضريبة للسياح، بالتعاون مع مؤسسة دولية متخصصة بخدمات ردّ الضريبة.كما وضعت الهيئة مجموعة شروط أساسية، ليكون السائح القادم من خارج الدولة مؤهلاً لاسترداد الضريبة من خلال النظام، وفقاً لقرار مجلس الوزراء، منها أن يتم توريد السلع الخاضعة لنظام رد الضريبة للسياح إلى سائح قادم من خارج الدولة يكون داخل الدولة عند شراء السلع من المورد، وأن يكون قصد السائح عند تاريخ التوريد مغادرة الدولة خلال 90 يوماً من تاريخ التوريد، مصطحباً معه السلع التي قام بشرائها، وأن يتم تصدير السلع ذات العلاقة من قبل السائح إلى خارج الدولة خلال 3 أشهر من تاريخ التوريد.ووفقاً للقرار يشترط لرد الضريبة للسياح أن يتم شراء السلع من تاجر تجزئة قام بالمشاركة في النظام، وأن تتم عملية الشراء، وأن يتم تصدير السلع وفق المتطلبات التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس إدارة الهيئة، وأن لا تكون تلك السلع مستثناة من الاسترداد، بحسب ما نشرته وكالة الأنباء الإماراتية. المعارض والمؤتمرات اعتمد مجلس الوزراء قراراً بشأن إرجاع ضريبة القيمة المضافة المدفوعة على الخدمات المقدمة في المعارض والمؤتمرات، إذ أكدت الهيئة الاتحادية للضرائب أن قرار مجلس الوزراء في هذا الشأن يهدف إلى تعزيز موقع الإمارات الرائد بوصفها وجهة عالمية لعقد المعارض والمؤتمرات المحلية والإقليمية والدولية في إطار توجيهات القيادة الرشيدة بتشجيع قطاعات الأعمال على المساهمة الفعالة في دفع عجلة نمو الاقتصاد الوطني وتقديم التسهيلات اللازمة لتخفيف العبء الضريبي عليهم، وعدم التأثير في الأنشطة التجارية في كافة القطاعات الاقتصادية. المناطق المحددة من جهة أخرى كان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قد أصدر قرار مجلس الوزراء رقم 59 لسنة 2017 في شأن المناطق المحددة لغايات المرسوم بقانون اتحادي رقم 8 لسنة 2017 في شأن ضريبة القيمة المضافة، على أن يبدأ العمل بأحكام القرار من أول يناير 2018.ويتم التعامل مع المنطقة المحددة على أنها خارج الدولة وخارج الدول المطبقة للضريبة بشروط، وبالتالي تعامل التوريدات منها وإليها على أنها مناطق غير خاضعة لضريبة القيمة المضافة، وحدد قرار مجلس الوزراء 20 منطقة محددة على مستوى دولة الإمارات لأغراض ضريبة القيمة المضافة، وبحسب المادة رقم 1 لقرار مجلس الوزراء: «تعد المناطق المحددة الموضحة والمستوفية للشروط الواردة في قرار مجلس الوزراء رقم 52 لسنة 2017 بشأن اللائحة التنفيذية لأحكام المرسوم بقانون رقم 8 لسنة 2017 في شأن ضريبة القيمة المضافة على أنها مناطق محددة لغايات تنفيذ المرسوم بقانون اتحادي رقم 8 لسنة 2017 المشار إليه».وتشمل المناطق المحددة في قرار مجلس الوزراء، 3 مناطق في إمارة أبوظبي وهي منطقة التجارة الحرة لميناء خليفة والمنطقة الحرة بمطار أبوظبي ومنطقة خليفة الصناعية، وحدد القرار 7 مناطق في إمارة دبي وهي المنطقة الحرة لجبل علي (شمال -جنوب) ومنطقة العوير الحرة للسيارات - «دوكامز» ومدينة دبي للأقمشة والمنطقة الحرة في منطقة القوز الصناعية ومنطقة القصيص الصناعية - «دوفزا» ومدينة دبي للطيران والمنطقة الحرة في مطار دبي الدولي.كما تشمل المناطق المحددة في إمارة الشارقة كلاً من المنطقة الحرة في الحمرية والمنطقة الحرة في مطار الشارقة، وحدد القرار منطقة واحدة في إمارة عجمان وهي منطقة عجمان الحرة وحدد القرار منطقتين في إمارة أم القيوين، وهما منطقة التجارة الحرة بأم القيوين في ميناء أحمد بن راشد ومنطقة التجارة الحرة بأم القيوين على شارع الشيخ محمد بن زايد، وتشمل المناطق المحددة في إمارة رأس الخيمة 3 مناطق وهي المنطقة الحرة ميناء رأس الخيمة والمنطقة الحرة مدينة رأس الخيمة الملاحية والمنطقة الحرة بمطار رأس الخيمة، كما تشمل المناطق المحددة منطقتين في إمارة الفجيرة وهي منطقة الفجيرة الحرة ومنطقة فويز. نظام ضريبي إلكتروني وتعتبر الإمارات من أوائل الدول في العالم التي طبقت نظاماً ضريبياً إلكترونياً بالكامل، وتظهر نتائج التطبيق بحسب الهيئة الاتحادية للضرائب ارتفاعاً مطرداً في نسب الامتثال الضريبي، ما يؤكد نجاح النموذج الذي تطبقه الهيئة الذي يعتمد على التشجيع على الامتثال الذاتي والطوعي للأعمال وما يتضمنه من إجراءات ميسرة وسريعة للتسجيل الإلكتروني لدى الهيئة لأغراض الضرائب بالإضافة إلى متطلبات الامتثال بالإجراءات والقوانين الضريبية التي تم تصميمها وفقاً لأرقى المعايير الدولية. 60 دليلاً إرشادياً وضمن خطتها التوعوية الشاملة الموجهة لكافة شرائح المجتمع أطلقت الهيئة الاتحادية للضرائب 60 دليلاً إرشادياً شملت كافة الجوانب التشريعية والتنفيذية للأنظمة الضريبية الإماراتية كما أطلقت 3 برامج للتعلم الإلكتروني و22 نشرة بيانات (إنفوغرافيك) وذلك في إطار التزام الهيئة المستمر بتبني أعلى معايير الشفافية والدقة في تطبيق الإجراءات الضريبية. مسؤولية فردية تجاه المجتمع بعيداً عن النظريات والاجتهاد، وعند أخذ أمثلة على الدول التي طبقت ضريبة القيمة المضافة وغيرها من الضرائب، نجد أن كل الاقتصادات المتقدمة في العالم تطبق ضريبة القيمة المضافة، ولا يوجد اقتصاد ناجح في الدنيا لا يوجد لديه ضريبة قيمة مضافة، فإذا كانت ضريبة القيمة المضافة تصرفاً غير سليم فكيف أمكن لهذه الدول أن تصبح اقتصادات متقدمة؟وتعتبر ضريبة القيمة المضافة طريقة لتوزيع العبء على المجتمع، ولا يجوز القول بأن المجتمع هو فقط للأغنياء أو التجار، أو أصحاب العقارات والأملاك، لأن هناك جزءاً من المجتمع هو المستفيد الأكبر أصلاً من خدمات الدولة الطبية والتعليمية وغيرها، فالعبء على الدولة هو من القطاعات الأقل ثروة وبالتالي عليها مسؤولية مجتمعية يجب أن تقوم بها، وضريبة القيمة المضافة تساهم في أن يشعر المواطن أنه مسؤول عما يحصل في الدولة ومسؤول أيضاً عن دعم الدولة ويشعر بشعور المواطن الذي يسعى إلى تأدية واجبه ليس فقط معنوياً بل مادياً، كذلك هي طريقة لترشيد الاستهلاك، وتفيد في توجيه الإنفاق ووضع الموازنة للإنسان، فالضريبة ليست ضرراً ولكنها أداة لممارسة المواطن لواجبه، وكما يقول فرانكلين روزفلت: «هناك حقيقتان لا مفر منهما: الموت والضرائب»، فالضريبة هي نوع من المسؤولية الفردية تجاه المجتمع.
مشاركة :