حوار - إبراهيم بدوي: أكد سعادة السيد فرانك جيلي، سفير الجمهورية الفرنسية لدى الدولة، أن العلاقات القطرية والفرنسية شهدت قفزة نوعيّة في التعاون الاقتصادي والسياسي والدفاعي والأمني خلال العام الماضي، لافتاً إلى أن مشروع مقاتلات الرافال التي تعاقدت قطر على شرائها من فرنسا، يمضي قدمًا وسيكون عام 2019 علامة فارقة في التعاون العسكري والدفاعي بين البلدين. وقال في حوار شامل مع الراية : إن تدريب العسكريين القطريين يعد قصة نجاح حقيقية شهدها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، عندما زار سموه قاعدة مونت-دي-مارسان الجوية في فرنسا، يوليو الماضي. وأكد أن قطر اختارت أفضل طائرات مقاتلة من جيل الرافال بعد عملية تنافسية انتقائية ويتم حالياً تدريب الأطقم القطرية من الضباط والفنيين لتعزيز قدرتهم على السيطرة الكاملة على إمكانات الرافال. وشدّد على أن قطر صديق وشريك موثوق لفرنسا، مشيراً إلى قرار حكومتي البلدين برفع الحوار السياسي إلى المستوى الاستراتيجي قريباً، ليبحثه ويديره وزيرا خارجية البلدين. ونوّه بأن عام ٢٠١٨ يسير في طريقه نحو تحطيم الرقم القياسي في حجم التبادل التجاري بأكثر من 12 مليار ريال، فيما تجاوزت الاستثمارات القطرية في فرنسا ٧٢.٨ مليار ريال، بما يعادل نحو ١٨ مليار يورو. وأكد أن الشراكة الأمنية بين البلدين شهدت قفزة نوعيّة هذا العام بتغطية مجموعة واسعة من القضايا، مثل مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وإدارة الأزمات. كما أكد استفادة قطر من تحديات الحصار سياسياً واقتصادياً وأمنياً، مشدداً على التزام الدوحة بالقانون الدولي والحوار والوساطة فيما توفّر الدعم الإنساني للشعوب في جميع أنحاء العالم وغيرها من التفاصيل في سطور الحوار التالي: - ما أبرز تطوّرات العلاقات القطرية الفرنسية عام ٢٠١٨، وتقييمكم لها؟ -- قطر صديق وشريك موثوق لفرنسا. وتوفر الاجتماعات المنتظمة لقيادتنا العليا نظرة مهمة على علاقاتنا الثنائية القوية والوثيقة القائمة على الثقة المتبادلة. وقد قام حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، بزيارة فرنسا مرتين عام 2018، عقب زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون للدوحة في ديسمبر 2017.. وعلاقتنا الثنائية ممتازة على أساس الصداقة والقيم والمصالح المُشتركة. ومنذ استقلال قطر، تعززت علاقتنا في جميع المجالات، الحوار السياسي، والتعاون الدفاعي والعسكري، ومكافحة الإرهاب وتمويله، والدعوة إلى التعامل مع تغيّر المناخ، والرياضة، والاقتصاد، والثقافة. وفي عام 2018، ظلت هذه الروابط أقوى مع سعي قطر لمواكبة التطور السريع، بما يتماشى مع رؤيتها الوطنية لعام 2030، ومع استعدادها لاستضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2022. حوار استراتيجي - كيف تصف الحوار السياسي بين الدوحة وباريس، والتوافق حول قضايا شائكة مثل مكافحة الإرهاب؟ -- سيتم قريباً رفع حوارنا السياسي إلى المستوى الإستراتيجي حيث قرّرت حكومتا البلدين أن حوارنا الثنائي سيبحثه ويديره وزيرا خارجيتنا، ما يعزّز ويسهل محادثاتنا وعملية صنع القرار. وفي الواقع، لدينا أرضية مشتركة فيما يتعلق بالنظام الدولي الجماعي لعالمنا والخاص بالتعددية، والقانون الدولي، وقضايا البيئة، والأمن، ومكافحة الإرهاب. وإرادتنا هي العمل معاً من أجل السلام والاستقرار. وفي هذا الصدد، تم تعزيز تعاوننا في مكافحة الإرهاب وتمويله مع توقيع مذكرة التفاهم بحضور حضرة صاحب السمو والرئيس ماكرون، في ديسمبر 2017. وتحدّد هذه المذكرة خريطة الطريق التي تضع إجراءاتنا المشتركة موضع التنفيذ. الحوار والوساطة - كيف تنظر باريس لدور الدوحة في الوساطة ومحاربة الإرهاب؟ -- تلتزم قطر بالقانون الدولي والتعددية والحوار والوساطة. وتلعب دوراً نشطاً على المسرح الدولي لدعم التنمية والسلام. وتوفّر قطر الدعم الإنساني للشعوب في جميع أنحاء العالم، في أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط. - كيف تطور التعاون لمواجهة التهديدات الأمنية المشتركة؟ -- يعتمد التعاون الثنائي بين قطر وفرنسا على عقدين من الزمن. ويركز تعاوننا على التهديدات الرئيسية التي يتعيّن علينا التعامل معها، مثل الإرهاب والجريمة المنظمة، بما في ذلك الأمن السيبراني. وفي عام 2018، شهدت شراكتنا قفزة نوعية، تغطي مجموعة واسعة من القضايا، مثل إدارة الأزمات، والنظام العام، والتدخل المتخصص أو حماية الشخصيات المهمة. ولم نقم فقط بتعزيز علاقتنا التاريخية مع قوى الأمن الداخلي (لخويا)، ولكننا أيضاً مهدنا لتعاون ناجح مع وزارة الداخلية. مقاتلات الرافال - ما آخر مستجدات مقاتلات رافال التي تعاقدت قطر على شرائها من فرنسا؟ -- مشروع رافال يمضي قدمًا وسيكون عام 2019 علامة رئيسية فارقة. وتدريب العسكريين القطريين هو قصة نجاح حقيقية شهدها سمو الأمير في يوليو الماضي عندما زار سموه قاعدة مونت-دي-مارسان الجوية في فرنسا. واختارت قطر أفضل طائرات مقاتلة من جيل الرافال بعد عملية تنافسية انتقائية ويتم تدريب الأطقم القطرية من الضباط والفنيين لتعزيز قدرتهم على السيطرة الكاملة على جميع إمكانات الرافال. العلاقات الاقتصادية - ما التقدم المحرز في العلاقات الاقتصادية بين البلدين؟ - - على مدى السنوات الماضية، تزدهر العلاقات الاقتصادية بيننا، ويزداد حجم التجارة الثنائية بنسبة 30٪ عند مقارنة عام 2016 بعام 2017، ولا يزال في ازدياد، ويسير 2018 في طريقه نحو كسر الرقم القياسي، مع تجاوز حجم التجارة 12 مليار ريال قطري ما يزيد على 3 مليارات يورو. وتبذل الشركات الفرنسية قصارى جهدها لتلبية طلبات السوق القطري. وتعدّ الطائرات والمنتجات الصيدلانية والكيماوية والمعدنية والعطور أهم الصادرات الفرنسية إلى قطر. والخطوط الجوية القطرية واحدة من أكبر عملاء شركة إيرباص. الاستثمارات - ما حجم الاستثمارات القطرية في فرنسا حالياً؟ -- تجاوزت الاستثمارات القطرية في فرنسا 72.8 مليار ريال قطري (18 مليون يورو) - ماذا عن الاستثمارات الفرنسية في قطر؟ -- الاستثمارات الفرنسية في قطر آخذة في الارتفاع أيضاً، الأمر الذي يعكس الديناميكية ومستوى التزام الشركات الفرنسية العاملة في قطر، وبعضها يعمل هنا منذ عقود. وتعمل حوالي 300 شركة فرنسية في قطر في مشاريع رئيسية في قطاعات النفط والغاز والكهرباء والمياه والنقل والتنمية الحضرية والتي تساعد قطر في تحقيق أهدافها المنصوص عليها في رؤية قطر 2030. وتلتزم الشركات الفرنسية العاملة في قطر بالتميز في مجال الأعمال. وتقدم مشاريعهم مثل بناء ميناء حمد والمترو والترام والطرق والمرافق الصناعية، قيمة عالية في الوقت المحدد وفي حدود الميزانية. تعزيز التعاون - ما أبرز مجالات التعاون التي تمّ العمل على تعزيزها هذا العام؟ -- في يوليو الماضي، خلال زيارة سمو الأمير إلى فرنسا، تم توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة البلدية والبيئة ووزارة الزراعة والأغذية الفرنسية بهدف تعزيز التعاون في مجال الزراعة. وفي الشهر الماضي، نظمت السفارة الفرنسية والاتحاد الفرنسي لرجال الأعمال، منتدى الأعمال والاستثمار القطري - الفرنسي الأول. وللمرة الأولى، قام وفد يضم 60 من كبار القادة من المجموعات الفرنسية والشركات الصغيرة والمتوسطة بزيارة قطر لمناقشة فرص التصدير والاستثمار من أجل بناء شراكات جديدة في مجموعة واسعة من المجالات، مثل الزراعة وإنتاج الأغذية واللوجستيات والصحة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبالتالي تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية. التجربة القطرية - ما هي المجالات التي تحتاج تركيز البلدين لتعزيز التعاون بها؟ -- أتلقى من القطريين والفرنسيين مشاريع لتطويرها في العديد من القطاعات المختلفة، الثقافة والتعليم والبحوث، والصحة، والرياضة، والفرنكوفونية. وتتشارك فرنسا وقطر شغفاً مشتركاً بالرياضة. لقد أدّى تعاوننا في السنوات القليلة الماضية في هذا المجال إلى بناء الثقة بين بلدينا. وباعتبارها دولة تستضيف الأحداث الرياضية الكبرى مثل قطر، فإن لدى فرنسا أيضًا خبرة في مشاركة قطر قطاعات الضيافة والأمن والرعاية الصحية. وتقف فرنسا إلى جانب السلطات القطرية لتحقيق النجاح في كأس العالم ٢٠٢٢، وتستطيع فرنسا تلبية متطلبات قطر. وستواصل فرنسا اقتراح أفضل الحلول والتكنولوجيا الأكثر تطوراً لصالحها. ومن المتوقع أن تكون بطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2022 في قطر ناجحة عالمياً. وأنا على قناعة راسخة بأن هذا الحدث الرياضي الرئيسي الذي سيعقد لأول مرة في الشرق الأوسط سيكون إنجازاً كبيراً. وتتطلع فرنسا إلى استخلاص الدروس من تجربة قطر في عام 2022 لدورة الألعاب الأولمبية التي ستعقد في باريس بعد عامين في 2024. النفط والغاز - ماذا عن التعاون فى قطاعي النفط والغاز؟ -- نظراً لرغبة قطر في زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال وأيضاً رغبة قطر للبترول لتوسيع أنشطتها في الخارج، فإن شركة توتال الفرنسية هي شريك طبيعي وموثوق. وبدأت شركة توتال العمل في قطر منذ أكثر من 80 عامًا. كما تحرص الشركات الفرنسية على تقديم التزامات طويلة الأجل وتوظيف وتدريب المواهب المحلية والاستثمار في البحث والتطوير هنا في قطر. التعليم والثقافة - ماذا عن منجزات التعاون الثقافي والتعليمي؟ -- نعزز تعاوننا التعليمي مع مختلف المؤسسات القطرية، بالشراكة مع وزارة التعليم والتعليم العالي، ونعمل معاً على تعزيز التعليم في فرنسا للطلاب القطريين. وحضرت عدة اجتماعات حول هذه المسألة وتم عقد أول اجتماع للجنة المشتركة بين جامعة قطر (QU) والسفارة الفرنسية في قطر في وقت سابق من هذا العام. وركزت على مجالات التعاون، فيما يتعلق بتدريب وتأهيل الطلاب، والبحث العلمي والتطوير والترويج لتعليم اللغة الفرنسية في الجامعة. وكمدرسة دولية لإدارة الأعمال، تعمل HEC Paris في قطر بشكل جيد، وتوفر تعليمًا تنفيذيًا على مستوى عالمي للطلاب في قطر، كما أنها تشارك في بناء اقتصاد قائم على المعرفة. وأنا فخور بهذه الشراكة الناجحة مع مؤسسة قطر. وفي المجال الثقافي، نعمل أيضًا بشكل وثيق مع شركائنا القطريين في برنامج مثير لعام الثقافة الفرنسية 2020، وقد تم تأكيد العديد من المشاريع بما في ذلك المعارض والفعاليات الرئيسية التي ستعقد في فرنسا وقطر. - كم عدد التأشيرات التي صدرت في 2018؟ -- حوالي 30 ألف تأشيرة هذا العام أزمة الحصار - ما رأيكم فى تعامل الدبلوماسية القطرية مع تحديات الحصار؟ -- في الواقع، قطر لاعب طموح على المسرح الدولي، يريد أن يكون جزءًا من تشكيل عالم الغد. ولقد استفادت السلطات القطرية من تحديات الأزمة سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو أمنية بسلوك وسياسة ودبلوماسية ملائمة. - كيف تنظر إلى وضع اقتصاد قطر بعد حوالي عام ونصف العام من الأزمة؟ -- أدهشني قدرة قطر على التغلب على التحديات التي يفرضها الحصار. وبعد عام ونصف العام، تمكنت قطر من تحويل هذه الأزمة إلى فرصة مع إنجازات ملحوظة في الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي والخدمات اللوجستية وتطوير الشحن الجوي والبحري في مطار حمد الدولي وميناء حمد. وتقدّم السلطات القطرية خطة إصلاح هيكليّة لتحسين بيئة الأعمال. وتقوم بإنشاء مناطق اقتصادية خاصة من أجل تحفيز جهود تنويع الاقتصاد والعمل مستمرّ لضمان حق تملك الشركات للمُستثمرين الأجانب.
مشاركة :