الدراما السورية: مسلسلات ينتقل عرضها من الشاشات إلى النت

  • 12/28/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

دمشق - غابت الكوميديا عن المسلسلات السورية المنجزة في العام 2018 الذي شارف على الانتهاء، حيث قدم في الموسم الرمضاني المعتاد عمل واحد، هو “الواق واق” الذي كتبه ممدوح حمادة وأخرجه الليث حجو في تعاون جديد بينهما بعد سلسلة ناجحة من الأعمال السابقة كـ”ضيعة ضايعة” و”الخربة” و”ضبو الشناتي”. وغياب الدراما السورية عن الكوميديا في العام 2018، مع اتساع طلب الجمهور لها كجرعة فنية محبذة، دفعا ببعض الجهات العارضة إلى تبني مفهوم عرض حلقات سابقة من المسلسلين الشهيرين “بقعة ضوء” و”مرايا”، اللذين تجذّرا في ذهن الناس كعملين رائدين، ورغم قدم الحلقات التي قدمت، ومعرفة الناس بها إلاّ أنها استطاعت جذب الجماهير إليها. بين كم وكيف في ذات السياق، حمل الموسم الدرامي المنقضي تجربة جديرة بالمتابعة لم يسبق وأن حدثت في تاريخ الدراما السورية، فبعد أن واجهت الشركة المنتجة لمسلسل “الواق واق” متاعب في ترويجه وعرضه على الشاشات العربية، اختارت أن تقوم بإطلاق قناة تلفزيونية خاصة بها، هي “لنا” قدمت فيها بشكل حصري هذا المسلسل، الأمر الذي أنقذه من مواجهة مصير مسلسلات موازية بالحجب. لكنه بالتأكيد أثر على حجم المتابعة، فعرض هذا العمل لأسماء شهيرة في مسلسل منتظر، على شاشة غير معروفة سابقا سبب تشويشا على الجمهور، ولم يتابع العمل بالشكل المنتظر، وهذا ما أثر على درجات متابعته لدى الجمهور، رغم أهمية المواضيع الكبرى التي تحدث عنها والأجواء السياسية المتفردة التي قدمها، على أن انتهاء الموسم الرمضاني ومشاهدته عبر النت قد وسع مساحة عرضه، وبات العمل مرغوبا بشكل متزايد من الجمهور. وإضافة إلى هذا المسلسل، قدمت بعض الأعمال التي تتسم بالخط الكوميدي كـ”غضبان” و”قسمة حب” و”ميادة وأولادها”، لكنها لم تكن بالمستوى المطلوب، لا إنتاجيا ولا جماهيريا.في الجانب التاريخي، غابت الأعمال التاريخية الكبرى من حيث الكم، وكان الإنتاج التاريخي مقتصرا على مسلسلي “هارون الرشيد” من تأليف عثمان جحى وإخراج عبدالباري أبوالخير، و”المهلب بن أبي صفرة” من تأليف وإخراج محمد لطفي، وما ميز العملين ضخامة الإنتاج والتميز في الاعتناء بالصورة، واستطاع العملان اجتذاب جمهور يتحمس للأعمال التاريخية الفكرية ويتابعها. أما أعمال البيئة الشامية فقد شهدت تراجعا في معدلات الإنتاج، والتي تعتبر أهم أشكال إنتاجات الدراما السورية من حيث الكم، حيث حققت فيها نجاحات عربية كبيرة بدءا من مسلسل “أيام شامية” من تأليف أكرم شريم وإخراج بسام الملا، وصولا إلى “حريم الشاويش”، “طوق البنات”، “وردة شامية” و”عطر الشام”. والعمل الأكثر تميزا في هذا الشكل الفني في موسم 2018 كان مسلسل “وردة شامية” من تأليف مروان قاووق وإخراج تامر إسحاق، وهو مقتبس عن قصة السيدتين المصريتين (ريا وسكينة) في تناول تلفزيوني للعمل المسرحي الشهير الذي قدمته قبل سنوات الفنانتان شادية وسهير البابلي. وقدم العمل من خلال فنانتين لهما شهرة وحضور فني طاغ في سوريا، هما سلافة معمار وشكران مرتجى، وقد حقق العمل معدلات مشاهدة كبرى بين الناس، خاصة في بداية شهر رمضان المبارك الفائت، وهو الذي واجه مصاعب ترويجية في موسم إنتاجه الرمضاني وحظي بمتابعة جيدة حين عرضه لاحقا، بينما لم تقدم الأعمال الموازية جديدا جوهريا، خاصة في ظل غياب المسلسل الشهير “باب الحارة”، وتدور الآن معارك إنتاجية كبرى بين طرفين إنتاجيين لتكملة أجزائه المستقبلية، وهو الأمر الذي يهدد مصيره بالغياب مجددا، حيث أن كلا الطرفين يتمسك بفرص إنتاجه، وما زال القضاء والجهات المختصة السورية ينظران في الأمر. الرابح الأكبر مؤكد أن الرابح الأكبر في حركة الدراما السورية في الموسم المنقضي مثلته الدراما الاجتماعية، التي حملت أوجاع الناس وآلامهم وأحلامهم في بلد يعاني من انعكاسات حرب قاسية، وذلك في ظل وجود حالة من القلق على المستقبل والحنين للأشخاص والأماكن، وكذلك معاناة الناس من تردي وضع الخدمات وغلاء الأسعار وغيرهما، لذلك وجد الناس في هذه المسلسلات صدى لأصواتهم فحظيت بمتابعة جيدة. والمؤشرات تدل على أن المسلسل الذي حظي بالمتابعة الأكبر في الموسم كان “فوضى” من تأليف حسن سامي يوسف ونجيب نصير وإخراج سمير حسين، وهو المسلسل الذي تأخر إنتاجه عاما كاملا بعد أن أبعدت الشركة المنتجة مخرجه السابق الليث حجو الذي كان قدم مع الكاتب حسن سامي يوسف مسلسل “الغفران” والذي حقق المرتبة الأولى في المتابعة عام 2016، وكان ينتظر أن يحققا معا في العام التالي نتائج مماثلة بهذا المسلسل، لكن الشركة كان لها قول آخر، حيث أسندت مهمة إخراجه لسمير حسين ليعرض في العام الذي شارف على الانتهاء. وقدم العمل مشاهير في الفن السوري، منهم سلوم حداد، ديمة قندلفت، فادي صبيح، ندين تحسين بك، عبدالمنعم عمايري، سامر إسماعيل، أيمن رضا وآخرون.. وتحدث المسلسل عن مصائر ناس يعانون آلاما حادة، تتقاطع مصائرهم في حي دمشقي شعبي، حيث تموت في هذا الحي أحلام وتولد أحلام أخرى، وتتصارع هذه المصائر في ما بينها بعنف شديد، ليقدم العمل في نهاية الأمر مساحة واسعة من الحلم والقلق ويحوز أعلى درجات المتابعة لدى الجمهور. "باب الحارة" الغائب الأبرز "باب الحارة" الغائب الأبرز أما العمل الثاني الذي لاقى متابعة كبيرة على مستوى الدراما الاجتماعية فكان مسلسل “الغريب” من تأليف عبدالمجيد حيدر وإخراج محمد زهير رجب، وهو الذي يتحدث عن شخصية محورية (الممثل رشيد عساف)، العامل في السلك الحكومي، والذي يسجن ظلما نتيجة خطأ مهني، ليعود بعد سنوات ليرى ابنته وعائلته في ظروف جديدة وتبدأ معاناته، خاصة في بناء جسور الثقة مع ابنته التي لا تكاد تعرفه. وهناك أيضا عمل ثالث لقي صدى كبيرا في المتابعة، تمثل في “روزنا” من تأليف جورج عربجي وإخراج عارف الطويل، وأدى البطولة فيه الفنان بسام كوسا، ويتحدث المسلسل عن مدينة حلب وعن مصير أسرة أجبرتها الظروف على مغادرة المدينة تحت ظرف بطش الحرب، لتعيش حالة مريرة من الحرمان والشوق الذي يدفعها إلى العودة إليها في أحلك ظروفها. ومثلما حدث مع مسلسل “الواق واق” سجلت الدراما السورية في الموسم الحالي، تجربة العرض على شبكة النت وليسالتلفزيون، من خلال مسلسل “الشك” من تأليف سيف حامد وإخراج مروان بركات، وفي المسلسل تخرجالحلقة على شكل لوحات قصيرة الزمن حوالي العشر دقائق، وقد شارك فيه عدد كبير من نجوم الصف الأول في سوريا، وهي تجربة تبشر بظهور نمط فني قد يصير ملجأ للعديد من المبدعين وشركات الإنتاج لاحقا لما يوفره من مرونة وتجاوز لمتاعب الترويج والصدام مع الشركات الإعلانية المختلفة. بين العرض والحجب كالعادة، ظهر في الموسم الدرامي ومن خلال عرض المسلسلات، اهتمام الجمهور بعدد من الأسماء الفنية التي كرست نفسها في سلم النجوم وأخرى فرضت نفسها حديثا، حيث ظهر فادي صبيح بدور متميز في مسلسل “فوضى”، وكذلك عبدالمنعم عمايري، وسلوم حداد وسامر إسماعيل، وقدم بسام كوسا ظهورا ملفتا في “روزنا” ورشيد عساف قدم دورين هامين في مسلسل “الغريب” والأهم الماريشال عرفان في المسلسل الكوميدي “الواق واق”. أما على المستوى الأنثوي، فقد أبدعت كل من شكران مرتجى وسلافة معمار في دوريهما في مسلسل “وردة شامية”، كذلك قدمت أمل عرفة في “سايكو” الذي عرض خارج الموسم الرمضاني أداء متفردا بتجسيدها العديد من الشخصيات دفعة واحدة، وقدمت جيانا عيد دورا هاما في “روزنا”، وكذلك فعلت رنا شميس في مسلسل “الغريب”. ولظروف عديدة، خرجت بعض المسلسلات من العرض في الموسم الرمضاني المعتاد، كان أهمها “هوا أصفر” من تأليف علي وجيه ويامن الحجلي وإخراج أحمد إبراهيم أحمد، وهو من بطولة الفنانة سلاف فواخرجي ويوسف الخال من لبنان وكذلك بعض الأعمال الأخرى، التي لم يستطع أصحابها تسويقها بالشكل المطلوب، بينما عرضت مسلسلات كانت قد واجهت عثرات تسويقية سابقا، منها: “وردة شامية” و”هواجس عابرة” و“سايكو”.وعلى جانب آخر استمرت حركة الدراما السورية في العديد من الأعمال في ما يسمى الدراما العربية المشتركة، فشارك كل من عابد فهد وقصي خولي وقيس الشيخ نجيب في الدراما اللبنانية، كما شارك الفنان باسل خياط في الدراما المصرية، وقدم آخرون جهودا مختلفة في الدراما الخليجية. تميز الموسم الدرامي الذي شارف على الانتهاء، بجديد لم يسبق أن حدث في الدراما السورية، والذي تمثل في منع عرض مسلسل “ترجمان الأشواق” من تأليف بشار عباس وإخراج الفنان محمد عبدالعزيز القادم من السينما. والحدث تمثل في كون المسلسل من إنتاج القطاع الحكومي “المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني” التابعة لوزارة الإعلام السورية، والتي قامت هي نفسها عبر التلفزيون السوري التابع لها بمنع عرض المسلسل، الأمر الذي قابله الوسط الفني والثقافي السوري بردات فعل غاضبة، فكان أن جهة الإنتاج التي هي ذاتها جهة العرض قد منعت عملا لها، خاصة أن العمل يقدم أجواء جديدة في الدراما السورية ويقدم المخرج محمد عبدالعزيز في التلفزيون للمرة الأولى وبمشاركة نجوم من الصف الأول، هم غسان مسعود وعباس النوري وفايز قزق. قرار لجنة المشاهدة كان غريبا للكثيرين، فهي أقرت بجودة العمل لكنها في الآن نفسه منعته من العرض، إلاّ أنه تمت لاحقا تسوية الموضوع، بحيث أدخلت بعض المشاهد الجديدة وسوف يعرض قريبا على الشاشة. وما إن انتهى الموسم الرمضاني الذي قدم العشرات من الأعمال على الشاشات، حتى بدأت عجلة الإنتاج مجددا بالتحرك، فكان ملفتا أن شركات الإنتاج قد أعلنت منذ فترة مبكرة عن العديد من الإنتاجات التي شرع في تصويرها في العام 2018 لتكون جاهزة للعرض في العام المرتقب. وبمجرد بداية تصوير الموسم الجديد انطلق القطاع الحكومي “المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني” في مشروع “خبز الحياة” الذي ستنتج من خلاله ثمانية مسلسلات أنجز بعضها تماما والآخر قيد التحضير، والدلائل تشير إلى أن عدد الأعمال السورية في الدراما سيرتفع من حيث الكم الإنتاجي في الموسم القادم ليتجاوز الثلاثين عملا.

مشاركة :