باريس - يمكن للثورة ان تنتظر في عالم التنس. فعلى رغم ثقل السنين أثبت الثلاثة الكبار، يتقدمهم الصربي نوفاك ديوكوفيتش، مع الإسباني رافايل نادال والسويسري روجيه فيدرر، انهم لا يزالون الرقم الصعب على الساحة العالمية. واذا كان من المتوقع أن تستمر هذه السطوة ولو لعدد محدود من السنوات، الا أنها شهدت بعض الاختراقات في العام الحالي لاسيما من قبل الألماني ألكسندر زفيريف المتوج بلقب بطولة الماسترز الختامية للموسم، في مقابل تراجع مستوى المصنف أول سابقا البريطاني أندي موراي بسبب الإصابة. لم ترحم الإصابات الثلاثة الكبار أيضا هذا العام، كما في الأعوام الماضية. الفارق أن ديوكوفيتش ونادال وفيدرر الذين حصدوا فيما بينهم 51 لقبا في البطولات الكبرى، أثبتوا دائما قدرتهم على العودة. كان 2018 عام ديوكوفيتش بامتياز. الصربي البالغ 31 عاما غاب عن جزء كبير من مطلع العام، ولم يبدأ موسمه فعليا سوى في آذار/مارس مع تعافيه من الجراحة الطفيفة التي أجراها لمعالجة إصابة في المرفق. لكن الصربي صاحب الشخصية المرحة والمحببة، نجح - بعد عودة صعبة بداية - في تحسين مستواه، وإحراز لقبين كبيرين في ويمبلدون الإنكليزية وفلاشينغ ميدوز الأميركية، ولقبين في دورات الماسترز للألف نقطة (شنغهاي الصينية وسينسيناتي الأميركية)، ليصبح أول لاعب منذ الروسي مارات سافين عام 2000، يتمكن من احتلال صدارة التصنيف العالمي بعدما كان خارج العشرين الأوائل في أيار/مايو من العام نفسه. قال ديوكوفيتش بعد عودته الى الصدارة "ثمة جزء مني كان يؤمن دائما بقدرتي على تحقيق ذلك ولم أعتقد مطلقا أنه مستحيل (...) لكن كنت أعتقد أنه سيتطلب وقتا أطول"، مضيفا "لكن تبين أنني اختبرت خمسة أشهر مثالية في السنة، مع لقبين في بطولات الغراند سلام". تلقى الصربي إشادات كثيرين، منهم الأميركي جيم كورير المصنف أول عالميا سابقا القائل "أعتقد بصراحة أن نوفاك يستطيع مواصلة التنافس على درجة عالية حتى عمر الـ36 كما فعل روجيه فيدرر". ثلاثة متصدرين لم يكن ديوكوفيتش وحده في الصدارة. تناوب الثلاثة الكبار عليها: نادال بداية العام، فيدرر لفترات قصيرة في منتصفه، وديوكوفيتش في ختامه. استفاد الصربي من اضطرار نادال (32 عاما) للابتعاد عن المنافسة في الجزء الأخير من العام. في الأشهر الستة الأولى، كان الإسباني أقرب الى سيّد دون منافس. خسر أمام فيدرر في نهائي بطولة أستراليا المفتوحة، الا أنه أتبع ذلك بخمسة ألقاب منها بطولته الكبرى المفضلة، رولان غاروس الفرنسية للمرة الحادية عشرة في مسيرته، وثلاث من دورات الألف نقطة (كندا، روما، ومونتي كارلو). آلت الصدارة الى ديوكوفيتش عندما أعلن نادال في أواخر تشرين الأول/أكتوبر، غيابه عن دورة باريس بيرسي، آخر دورات الماسترز. ابتعد الإسباني عن الملاعب منذ انسحابه من نصف نهائي بطولة فلاشينغ ميدوز أمام الأرجنتيني خوان مارتن دل بوترو مطلع أيلول/سبتمبر. لكن نادال ليس من النوع الذي يستسلم. بحسب مواطنه خوان كارلوس فيريرو، أمام "الماتادور" عامان أو ثلاثة أعوام "إذا ما حافظ على مستواه البدني"، مضيفا "أكثر ما يدهشني هو تصميمه الذي لم يتزعزع. آمل ألا يتعرض لاصابات مجددا لأنه يصعب التعامل معها عندما تتقدم في السن". أحد الخبراء في التعامل مع الإصابات هو فيدرر (37 عاما). حامل الرقم القياسي العالمي في بطولات "الغراند سلام" (20) والباحث عن اللقب المئة في مسيرته الاحترافية، دائما ما وجد سبيلا الى العودة. أفضل مثال على ذلك موسم 2017 حينما عاد من الإصابة وأحرز لقبي أستراليا وويمبلدون. مطلع 2018، احتفظ مجددا باللقب الأسترالي، لكنه اكتفى خلال الموسم بثلاثة القاب في شتوتغارت الالمانية، روتردام الهولندية وبازل السويسرية مسقط رأسه، وبلغ نصف نهائي دورة باريس ليخسر مباراة رائعة أمام ديوكوفيتش، ونصف نهائي بطولة الماسترز حيث خسر أمام زفيريف. جيل جديد يطل برأسه توج زفيريف بلقب البطولة التي أقيمت في لندن الشهر الماضي، بعدما أقصى فيدرر وبعده ديوكوفيتش في المباراة النهائية. اللاعب الذي لم يتجاوز الحادية والعشرين من العمر، بات التجسيد الأمثل لجيل جديد يمكن أن يهز أركان "الحلف الثلاثي". احترف في 2013، أحرز لقبه الاحترافي الأول في سان بطرسبورغ الروسية 2016، وأنهى 2018 بأربعة ألقاب بينها بطولة الماسترز ودورة مدريد للماسترز. كان اللقب الأخير الرابع له في دورات الماسترز للالف نقطة، ويبدو مرشحا لتحقيق أول لقب كبير له العام المقبل، علما أنه لم يتمكن بعد في هذه البطولات من تخطي عتبة الدور ربع النهائي (رولان غاروس 2018). اسم آخر برز بين الشباب هو الروسي كارن خاتشانوف (22 عاما) الذي قدم عروضا لافتة في باريس حيث تغلب على أربعة من المصنفين العشرة الأوائل، وأحرز لقبا ضمن له المشاركة في بطولة الماسترز. أتته الإشادة من ديوكوفيتش الذي قال عمن تفوق عليه في نهائي باريس "أظهر جودة عالية وأكد بأنه سيكون متواجدا على الساحة في المستقبل". ومن الذين لفتوا الأنظار أيضا هذا العام، اليوناني ستيفانوس تسيتسيباس (21 عاما) والكرواتي بورنا تشوريتش (21 عاما)، لكن يتعين على هؤلاء جميعا تخطي الحاجز الأكبر المتمثل بإحراز لقب "غراند سلام". وشهد العام 2018 اعتماد تعديلات جذرية على مسابقة كأس ديفيس التي يعود تاريخها الى 118 عاما، والتي ستقام بدءا من 2019 في مكان واحد وعلى مدى أسبوع واحد بمشاركة 18 فريقا. كما أدخل منظمو بطولتي أستراليا المفتوحة وويمبلدون تعديلات على المجموعة الأخيرة في المباريات بدءا من الموسم المقبل، باعتماد شوط فاصل (بدءا من التعادل 6-6 في ملبورن، و12-12 في لندن).
مشاركة :