ستنطلق في قطر بعد أربعة أعوام من الآن أول بطولة لكأس العالم لكرة القدم في العالم العربي. وانطلاقاً من رغبتنا في استضافة بطولة استثنائية تترك إرثاً يدوم أثره عقوداً قادمة، تولي اللجنة العليا للمشاريع والإرث اهتماماً بالغاً برعاية العمال وتحسين ظروف حياتهم طوال فترة عملهم في مختلف مشاريع اللجنة العليا من خلال عقد شراكات، وإطلاق مبادرات، وتطويع التكنولوجيا لتحقيق هذه الغاية. وحيث إنه يعمل حالياً حوالي 30 ألف عامل في استادات البطولة ومنشآت رياضية أخرى، لا تتوانى اللجنة العليا عن الاستفادة من بطولة قطر 2022 لتكون أنموذجاً يحتذى به عالمياً في مجال رعاية العمال. وحول هذا الموضوع، قال محمود قطب، المدير التنفيذي لإدارة رعاية العمال في اللجنة العليا للمشاريع والإرث: تصل أعمال مشاريع مونديال 2022 ذروتها خلال عام 2019. ولضمان تحقيق مزيد من النجاحات في مجال رعاية العمال، قمنا بمراجعة إنجازاتنا خلال عام 2018 لتحديد أهدافنا التي نتطلع لتحقيقها خلال عام 2019. وأضاف محمود قطب: استطعنا خلال عام 2018، بفضل تعاوننا مع المقاولين وتطبيق معايير رعاية العمال، تحسين مواقع سكن العمال، كما منحنا العمال حقهم في الاحتفاظ بجوازات سفرهم، وقمنا بتعزيز ممارسات الصحة والسلامة. علاوة على ذلك، نظمنا خلال هذا العام عدداً من ورش العمل التدريبية لرفع مستوى وعي العمال بمعايير الصحة والسلامة، خاصة في مواقع العمل والسكن، بالإضافة إلى تعاوننا مع شركاء في القطاع الصحي لإجراء فحوصات طبية شاملة لجميع العمال. ولعل من أبرز إنجازات إدارة رعاية العمال خلال عام 2018 هي تلك المتعلقة بسداد رسوم توظيف العمال. وتابع قطب: يعتبر إجبار العامل على دفع رسوم توظيف قضية عالمية يعاني منها ملايين العمال في قطر والعالم، إذ يضطر العمال قبل قدومهم للعمل لدفع مبالغ مالية طائلة لأشخاص عينوا أنفسهم «وسطاء» لتأمين عمل لهم خارج بلدانهم. وانطلاقاً من اعتبار القانون القطري هذا العمل ممارسة غير أخلاقية، تعاوننا مع مقاولين عاملين في مشاريع بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر 2022 لسداد مبلغ مالي قدره 78.4 مليون ريال (ما يعادل 21.5 مليون دولار) خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، وذلك نظير مبالغ مالية، ربما دفعها العمال رسوم توظيف قبل قدومهم لقطر وبدء عملهم في مشاريع البطولة. وقد اتفقت اللجنة العليا مع المقاولين على سداد 44.7 مليون ريال (ما يعادل 12.3 مليون دولار) لـ 14.356 عاملاً يعملون في مشاريع تابعة للجنة العليا، فيما سيتم دفع 33.7 مليون ريال، (ما يعادل 9.3 مليون دولار)، لـ 16.560 عاملاً يعملون في مشاريع غير مرتبطة باللجنة العليا. وتعكس هذه المبادرة التزام اللجنة العليا بأن تُحدث بطولة قطر 2022 تغييراً إيجابياً في مجال رعاية العمال وحقوق الإنسان، وهو ما يساهم في ترك إرث قيم يدوم أثره أعواماً بعد البطولة. وتابع: وانطلاقاً من اهتمامنا المطلق بسماع صوت العمال والنظر في مقترحاتهم وشكاويهم، أطلقنا في اللجنة العليا آلية لرفع التظلم، ومنتديات رعاية العمال التي تعتبر منصة ديمقراطية تُتيح للعمال فرصة انتخاب ممثلين عنهم. كما تهدف هاتان المبادرتان إلى تشجيع العمال على التعبير عن آرائهم، ما يتيح لنا التعرف على احتياجاتهم وتطلعاتهم وتلبيتها. وقد حرصنا في إدارة رعاية العمال على أن تتسم المبادرتان بالشفافية، والحيادية، والفعالية لتحقيق الأهداف المرجوة. وحتى اليوم، نجحت الإدارة في إطلاق 112 منتدى، يضم 22 ألف عامل (أي ما يعادل 89% من إجمالي القوى العاملة). وقد بلغ متوسط عدد المشاركين في التصويت للانتخابات 85% من العمال، الأمر الذي يجسد ثقة العمال بنظام التظلم، وإدراكهم أهميته القصوى. من جانب آخر، شهد عام 2018 ابتكار حل جذري لمشكلة الإجهاد الذي قد يتعرض له العمال نظير عملهم في أجواء حارة، حيث تعاونت اللجنة العليا مع شركة «تكنيش» البريطانية لتطوير سترات تبريد تُساهم في خفض درجة حرارة جسم العامل، بمعدل 15 درجة مئوية أثناء عمله في موقع البناء. وسيلعب هذا الابتكار دوراً مهماً في تعزيز تجربة الأفراد العاملين في ظروف جوية حارة، وهو ما يجسد بُعداً آخر للإرث الذي تتطلع اللجنة العليا لتركه بعد انتهاء البطولة. وخلال هذا العام، قمنا بتوزيع سترات مبردة على 3500 عامل من عمال استادات بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر 2022. وقد أثبتت التجارب والاختبارات الأولية فعالية سترات التبريد في تمكين العمال من العمل بكفاءة عالية، وشعورهم بالراحة أثناء ارتدائها خلال عملهم في أجواء حارة. وأضاف: ما زال أمامنا كثير من التحديات والعقبات لنواجهها في طريقنا نحو تعزيز معايير رعاية العمال، إلا أننا فخورون بما حققناه من إنجازات خلال فترة زمنية قصيرة، وعازمون على مواصلة جهودنا لتحقيق مزيد من النجاحات حتى موعد بطولة قطر 2022. لقد أشاد خبراء ومتخصصون في العالم بجهودنا في رعاية العمال، لعل آخرهم شاران بورو، الأمينة العامة للاتحاد الدولي لنقابات العمال، التي أثنت على الجهود التي تبذلها دولة قطر في معالجة قضايا رعاية العمال، وذلك أثناء منتدى الفرص الرياضية السنوي الثالث الذي عقد مؤخراً في مدينة باريس الفرنسية. وأشارت بورو إلى أن «دولة قطر أصبحت أنموذجاً يحتذى به في مجال رعاية العمال».;
مشاركة :