تغيير نموذج الشراكة الأردني مفتاح التكامل الاقتصادي مع العراق

  • 12/31/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بغداد - يتسلح المسؤولون الأردنيون بقناعات راسخة بأن بلدهم يعد من أهم الشركاء الاقتصاديين للعراق، وبالتالي لا بد من العمل بأقصى الطاقات من أجل زيادة حجم التجارة البينية بين البلدين ورفع معدلات الاستثمار. ويحاول الأردن تتويج تحركاته الاقتصادية المستمرة خلال الأشهر الأخيرة باتجاه العراق عبر تسليط الضوء على الفرص الاستثمارية والتجارية الواعدة، التي ستتيح للجارين الخروج من كبوتهما المستمرة منذ سنوات. وتبقى مشكلة تنفيذ الشراكات رهينة بتغيير المزاج العام للمسؤولين في بغداد وعمان، وخاصة بعد الاتفاق الشهر الماضي على الخطوات العملية لإقامة منطقة صناعية مشتركة على الحدود بين البلدين بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي في مختلف المجالات.ويؤكد محللون على أنه من الضروري أن يغير الأردنيون طريقتهم في النظر إلى الاتفاقات الثنائية مع الآخرين وأن عصر الاستفادة القصوى بالاعتماد على حاجة الطرف الآخر انتهى وأن المصالح المشتركة هي الأساس وليس العلاقة التفضيلية. وقال رئيس الوزراء الأردني عمر الرزار خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس العراقي برهم صالح في بغداد السبت، إن بلده “يسعى للتكامل الاقتصادي مع العراق وأنه لن يسمح لأحد بتهديد هذا التكامل، خاصة في ما يتعلق بقطاع استيراد وتصدير الطاقة”. وأضاف أنه “تم تحديد مجموعة من الفرص التي سنقتنصها بهدف تطوير الاستثمارات المشتركة بين البلدين”. وتركز عمّان على تطوير الشراكات في قطاعات مثل النقل والتبادل التجاري من معبر الكرامة-طريبيل وأيضا أنبوب النفط وشبكة الكهرباء، بالإضافة إلى فتح آفاق جديدة للتعاون بين شركة الطيران العراقية والخطوط الملكية الأردنية. وأكد الرزاز وجود إصرار وفهم عميق لأهمية التكامل الاستراتيجي السياسي والاقتصادي بين الجارين باتجاه تذليل أي صعوبات واتخاذ كل القرارات التي من شأنها أن تدفعنا للنمو والحركة على كافة الملفات المختلفة. وكانت الأوساط التجارية الأردنية قد رمت بكل ثقلها على الحكومة لإصلاح معايير المبادلات التجارية وخاصة في ما يتعلق بتجارة الترانزيت والإسراع في اعتماد خطة لتطوير الخدمات اللوجستية في المنافذ الحدودية وتوسيع دور القطاع الخاص في الأنشطة التجارية، بهدف تعزيز دورها في الاقتصاد المشلول. وشدد الرئيس العراقي خلال تصريحاته الصحافية على أهمية تعزيز الروابط التجارية والاقتصادية وتطوير سبل التعاون البناء بين العراق والأردن، لا سيما أن البلدين “يرتبطان بعلاقات تاريخية مميزة”. واكتسبت العلاقات الاقتصادية للبلدين زخما جديدا الشهر الماضي، مع إعلانهما عن حزمة شراكات متنوعة تعزز التكامل الاستراتيجي الشامل. وقال وزير الصناعة الأردني طارق الحموري في كلمة له خلال منتدى استثماري مشترك في بغداد حينها إن “أبواب الأردن مفتوحة لرجال الأعمال العراقيين، ومنحهم فرص ممارسة العمل التجاري والصناعي والاستثماري، بغية تنمية دور القطاع الخالص”.وأوضح أن العراق أمام مرحلة واعدة من النمو، وبالتالي هناك ضرورة لبناء شراكة استراتيجية جديدة قائمة على المصالح المشتركة. وكان الأردن والعراق قد وقعا في أبريل 2013 اتفاقا حول مشروع أنبوب بطول 1700 كيلومتر لنقل النفط، بكلفة بنحو 18 مليار دولار، وسعة مليون برميل يوميا. ويفترض أن ينقل الأنبوب النفط الخام من حقل الرميلة العملاق في البصرة إلى مرافئ التصدير في العقبة ويزود الأردن بجزء من احتياجاته من النفط. وأظهرت بيانات رسمية حديثة أن قيمة واردات الأردن من النفط الخام ومشتقاته ارتفعت 34.6 بالمئة على أساس سنوي منذ بداية العام الجاري وحتى نهاية نوفمبر الماضي، لتصل إلى 3.46 مليار دولار. ويعد معبر الكرامة- طريبيل، الذي أعيد افتتاحه قبل أسابيع، شريانا رئيسا لتنشيط الحركة الاقتصادية والتجارية، ويسعى البلدان من خلاله لاستثمار وتطوير وتسهيل عمليات التبادل التجاري وتيسير حركة النقل في الاتجاهين. ويتم في الوقت الحاضر تنزيل البضائع الأردنية المتجهة إلى العراق عند الحدود وإعادة تحميلها في شاحنات تحمل لوحات عراقية، وبالعكس كذلك، وهو ما يعيق زيادة المبادلات التجارية. ويرى التجار ومستثمرون في البلدين أن إلغاء الإجراء سيخفض تكاليف النقل ويحد من تلف وضياع البضائع عند تنزيلها وتحميلها، خاصة وأن العملية تتم بطرق تقليدية تتسبب أحيانا في فساد البعض من البضائع. ورغم مرور أقل من عام على إعادة افتتاح المعبر، تبقى حركة عبور الشاحنات أقل بكثير مما كانت عليه سابقا، حينما كان يتم تسجيل عبور أكثر من 800 شاحنة من الأردن إلى العراق يوميا. وتشير التقديرات إلى أن حجم التبادل التجاري بين العراق والأردن يبلغ نحو 1.4 مليار دولار سنويا في إطار برنامج النفط مقابل الغذاء. ويسعى المستثمرون الأردنيون إلى الحصول على حصة من برنامج الإعمار في المدن العراقية، التي تضررت كثيرا من الحرب في السنوات الأخيرة ضد الجماعات الإرهابية، من خلال فرض ضغوط على الحكومة للتفاوض مع بغداد لإلغاء تأشيرات الدخول.

مشاركة :