«الاحتياطي الفيدرالي» مقابل الأسواق .. أيهما المخطئ ؟

  • 1/1/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الرسالة التي أرسلها المستثمرون في الأسواق المالية المتقلبة واضحة: التوسع الاقتصادي العالمي ربما يكون في ورطة، لكن الاحتياطي الفيدرالي لا يزال متفائلاً، من خلال نشره توقعات قوية للنمو في الولايات المتحدة وتخطيطه لمزيد من زيادات أسعار الفائدة. فهل المستثمرون محقون في أن يشعروا بالقلق؟ في تشرين الأول (أكتوبر)، توقع صندوق النقد الدولي نمو الإنتاج العالمي في عام 2018 بنسبة صحية تبلغ 3.7 في المائة، لكن كبير الخبراء الاقتصاديين السابق في الصندوق، موريس أوبستفلد، أقر أخيرا بأن "بعض الهواء يخرج من البالون". شهدت جميع الاقتصادات الخمسة المتقدمة – اليابان، وألمانيا، وإيطاليا، والسويد، وسويسرا - انكماشات في الربع الثالث عام 2018. وفي حين كانت الانخفاضات مدفوعة جزئياً من عوامل تحدث لمرة واحدة، بما في ذلك معايير انبعاثات السيارات الأكثر صرامة في أوروبا، إلا أن الاقتصادات المتأثرة تمثل مجتمعةً نسبة كبيرة تبلغ 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بحسب "أوكسفورد إيكونوميكس". ويتوقع كثير من الاقتصاديين نمواً أقوى في الربع الرابع، لكن المخاوف بالنسبة لماريو دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، لا تزال كبيرة بما فيه الكفاية ليتحدث عن "مخاطر انخفاض" بالنسبة لمنطقة اليورو في اجتماع السياسة النقدية لهذا الشهر. اتجهت المؤشرات الرئيسة نحو الانخفاض، وأشارت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية هذا الشهر إلى "تراجع الزخم" في جميع أنحاء أوروبا وكندا، والآن الولايات المتحدة. ومن الممكن أن يتباطأ النمو في وقت واحد في الولايات المتحدة، الصين، أوروبا واليابان هذا العام، مقارنة بعام 2018. في الولايات المتحدة، حيث الاقتصاد في طريقه إلى التوسع 3 في المائة عام 2018، أصبح التنفيذيون في الشركات يشعرون بالتوتر. ويعتقد نحو 48.6 في المائة من كبار المسؤولين الماليين الأمريكيين، الذين شملتهم دراسة استطلاعية أجرتها جامعة ديوك، أن الولايات المتحدة ستكون في حالة ركود بحلول نهاية عام 2019، ويعتقد 82 في المائة أن الركود سيبدأ بحلول نهاية عام 2020. إريك نيلسن، كبير الخبراء الاقتصاديين في مصرف يوني كريديت الإيطالي، ذكر أنه كان يلتمس علامات القلق في أوروبا أيضًا؛ إذ إن التوترات التجارية العالمية ألحقت الضرر باستعداد الشركات للاستثمار. قال: "يزداد شعوري بالقلق كل يوم أكثر فأكثر". وفقًا لبيانات جمعها مصرف يوني كريديت، التجارة العالمية تباطأت بشكل حاد، وانخفض معدل نموها إلى 2.25 في المائة مقارنة بالمتوسط طويل الأجل البالغ 4.5 في المائة. ويشعر نيلسن بالقلق بشكل خاص من التباطؤ في الصين، التي نمت فيها مبيعات التجزئة في تشرين الثاني (نوفمبر) بأبطأ وتيرة منذ 15 عاما، وكان ناتج الصناعة هو الأضعف منذ نحو ثلاثة أعوام. وسيؤدي تصعيد متجدد للمعارك التجارية بين الولايات المتحدة وبكين إلى مزيد من الضرر للنمو والاستثمار في الصين وأماكن أخرى. واستنادا إلى تقديرات صندوق النقد الدولي، إذا تم بالفعل فرض جميع الرسوم الجمركية التي جرى التلويح بها حتى الآن، سيخسر الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2020 ما يصل إلى ثلاثة أرباع 1 في المائة. وبحسب لورانس بون، كبير الخبراء الاقتصاديين في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: "أدت عوامل اللبس إلى انخفاض وتيرة الاستثمار". وأضاف: "تأتي هذه المرحلة الانتقالية في وقت يتعرض فيه كثير من البلدان إلى مخاطر سياسية، وفي الوقت الذي بدأ فيه تطبيع السياسة النقدية الأمريكية يحدث تأثيرا أكبر". ما إذا كان تدهور الثقة بالأسواق سيتسارع، على نحو يجعل تداعياتها واضحة على الاقتصاد، سيتعمد جزئيا على مدى حذق استجابة البنوك المركزية. ستيفن كينج، مستشار اقتصادي لدى بنك HSBC، أشار إلى أن الاحتياطي الفيدرالي "لم يكن بارعاً في إنجاز عمليات الهبوط الناعم للاقتصاد الأمريكي. وقال: "اعتادت الأمور أن تسير بشكل خاطئ، خاصة عندما تبدو الدورة الاقتصادية مكتملة نسبياً". ورفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة تسع مرات خلال ثلاثة أعوام، ويخطط لتخفيض ميزانية العمومية الذي سيقلص موجوداته من الأصول بما قيمته مئات المليارات من الدولارات عام 2019. سيترافق هذا مع تضاؤل الحوافز المالية الأمريكية في النصف الثاني من هذا العام. مارك زاندي، من "موديز أناليتيكس"، يتوقع أن تتبخر الحوافز الناتجة عن التخفيضات الضريبية الأمريكية وزيادات الإنفاق العام تمامًا بحلول عام 2020. لكن التضخم المالي في الولايات المتحدة يعتبر في حالة سكون، على الرغم من معدل البطالة الذي يحوم عند أدنى مستوياته خلال نصف قرن. وهذا يعني أن الاحتياطي الفيدرالي يستطيع أن يتحلى بالصبر فيما يتعلق بالسياسة - وهذه رسالة من المحتمل أن يؤكدها البنك المركزي في الأسابيع المقبلة. ولا تزال آفاق الاقتصاد الأمريكي صحية بشكل عام؛ إذ تشير تقديرات الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع 2.7 في المائة، مقارنة بـ 3.4 في المائة في الربع الثالث. ويتوقع صناع السياسة في الاحتياطي الفيدرالي نموا أبطأ عام 2019 مقارنة بعام 2018، إلا أن أحدث توقعاتهم المتوسطة تشير إلى نمو 2.3 في المائة عام 2018، وهو أقوى من اتجاه الاقتصاد طويل الأجل. ويمكن أن يستمر معدل البطالة في الانخفاض، إذا كانوا محقين، حتى يصل إلى 3.5 في المائة، انخفاضاً من 3.7 في المائة في الوقت الحالي، وهو أدنى مستوى له خلال نصف قرن. مع ذلك، بعد اجتماع البنك المركزي الأمريكي الأخير، شدد جون ويليامز، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، على أن صناع السياسة في البلاد يأخذون عمليات البيع الكبيرة في السوق وخطر تباطؤ الاقتصاد العالمي على محمل الجد. ويمكن للاحتياطي الفيدرالي أن يبطئ، أو يوقف دورة رفع أسعار الفائدة في أوائل هذا العام. في الواقع، يعتقد بعض الاقتصاديين أن الدورة يمكن أن تكون قريبة من نهايتها. إذا أصبح الاحتياطي الفيدرالي متساهلاً فيما يتعلق بالسياسة النقدية، فقد تبدأ بعض الغيوم في الأسواق العالمية في الزوال بسرعة. 1 - آفاق الاقتصاد العالمي - تحديث حزيران (يونيو) 2018 2- توقعات النمو 3 – نمو أقل تناغما وتوترات تجارية متصاعدة 4 – الاقتصاد العالمي 5 – الاقتصادات المتقدمة 6 – الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية 7 – المصدر: صندوق النقد الدولي

مشاركة :