قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية، إن عقيدة المسلم أن الله سبحانه وتعالى قد خلق الخير والشر جميعًا، ولذلك فإن الخير من خلق الله وإن الشر من خلق الله أيضًا.وأضاف «جمعة» عبر صفحته على «فيسبوك»: «دائمًا يرى المسلمُ حكمةَ اللهِ في أفعاله؛ فيراها في خلقه للخير ويراها في خلقه للشر، وهذه الرؤية سوف تجعله متأنيًا في جميع المواقف، متأملًا في كل الأحداث، راضيًا بقضاء الله وقدره، ويقف أيضًا موقف العدل؛ فيصف الأمر على ما هو عليه من خير وشر».وتابع: عندما يرى الشر لا تعميه هذه الرؤية عن رؤية الخير الذي قد يكون مختلطًا معه، أو يكون في نهاية طريقه، أو يكون ناتجًا عنه، فكأنه ليس هناك شر محض ولو كان هناك شر محض لاستهجنه ورفضه جميع الخلق؛ لأن الشر المحض ضد الفطرة، ولكن لما اختلط بشيء من الجمال وفي بعض الأحيان بشيء من المعاني زُين لبعضهم أن يفعله، وهذا التزيين هو مدخل الشيطان إلى الناس. قال تعالى: «تاللهِ لقد أَرسَلنا إلى أُمَمٍ مِن قَبلِكَ فزَيَّنَ لهم الشَّيطانُ أَعمالَهم فهو وَلِيُّهم اليَومَ ولهم عَذابٌ أَلِيمٌ».واستطرد: أما أن الله سبحانه وتعالى قد خلق الخير والشر معا، فقد قال تعالى: «قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيءٍ وهو الواحِدُ القَهّارُ»، وقال أيضا: «وإن تُصِبهم حَسَنةٌ يَقُولُوا هذه مِن عندِ اللهِ وإن تُصِبهم سَيِّئةٌ يَقُولُوا هذه مِن عندِكَ قُل كُلٌّ مِنْ عندِ اللهِ فمالِ هؤلاءِ القَومِ لا يَكادُونَ يَفقَهُونَ حَدِيثًا * ما أَصابَكَ مِن حَسَنةٍ فمِنَ اللهِ وما أَصابَكَ مِن سَيِّئةٍ فمِن نَفسِكَ وأَرسَلناكَ للنّاسِ رَسُولًا وكَفى باللهِ شَهِيدًا»، فهذان من النصٌوص الدالة على أن الله قد خلق كل شيء، ومن ذلك الخير والشر.وواصل: والرؤية المتأنية التي ذكرناها سنراها في سورة النور، حيث قال ربنا سبحانه وتعالى: «إنَّ الذين جاءُوا بالإفكِ عُصبةٌ مِنكم لا تَحسَبُوه شَرًّا لكم بل هو خَيرٌ لكم»، فالإفك الذي صدر من بعض المخطئين فأحزنهم وأثر في نفوسهم، علمنا الله كيف نواجهه وكيف نرى فيه الخير بالرغم من أنه شر متفق عليه.وأردف: هناك معنى آخر وهو ألا يكون الأمر شر أصلًا، بل هو في نفسه خير ولكن تقييمنا هو الذي اختلف فظنناه شرًّا، وفيه يقول ربنا سبحانه وتعالى: «وعَسى أَن تَكرَهُوا شَيئًا وهو خَيرٌ لكم وعَسى أَن تُحِبُّوا شَيئًا وهو شَرٌّ لكم واللهُ يَعلَمُ وأنتم لا تَعلَمُونَ».واختتم: «ويعلمنا الله تعالى العدل في الوصف وفي الحكم فيقول: «لا خَيرَ في كَثِيرٍ مِن نَجواهم إلاّ مَن أَمَرَ بصَدَقةٍ أو مَعرُوفٍ أو إصلاحٍ بينَ النّاسِ ومَن يَفعَل ذلكَ ابتِغاءَ مَرضاتِ اللهِ فسوف نُؤتِيه أَجرًا عَظِيمًا»، وأما في الحُكم فيقول: «ولا يَجرِمَنَّكم شَنَآنُ قَومٍ على أَلاّ تَعدِلُوا اعدِلُوا هو أَقرَبُ للتَّقوى واتَّقُوا اللهَ إنَّ اللهَ خَبِيرٌ بما تَعمَلُونَ».
مشاركة :