كنت أعتقد أن خشبة المسرح فقط المكان الوحيد الذي يمكن أن يتحفنا بصنع المسرحيات التي تسرقنا إلى عالم الخيال من خلال تجسيد الحكاية المعنية، فكيف إذا اجتمعت الحكاية مع سحر التمثيل والأداء على الرمال حيث كانت ولادة العمل المسرحي في الصحراء، وتمحور الأداء السردي بين الصخور والكثبان الرملية، وهذا ما حدث بالضبط في فعالية مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي الذي أقامته الشارقة في دورته الرابعة تعزيزا للثقافة الصحراوية التي هي مصدر إلهام الشعراء والفنانين والعاشقين. إن هذا المهرجان الأكثر من رائع الذي يأتي ترجمة لرؤى وأفكار صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، يعتبر بمثابة المنظومة الإبداعية التي يجتمع فيها فن المسرح مع الأداء التعبيري المميز، بحضور كوكبة لامعة من المثقفين والمهتمين من الوطن العربي حيث يتعزز التلاحم الفكري والثقافي من خلال إثراء الندوات الفكرية المقيمة للأعمال المطروحة ورصد أهم الملاحظات وسط أجواء صحراوية ثقافية تعززها الفنون الشعبية لتكتمل اللوحة الإبداعية في شكلها الأخير. وتأتي العروض في هذا المهرجان لتعكس هوية البلد المشارك ومدى تعزيزه للثقافة الصحراوية من خلال عرض مسرحي متكامل الأركان، حيث أثرى المشهد الصحراوي هذا العام مجموعة من العروض التي جاءت من نصيب العرض الإماراتي المميز، والعرض المصري، والموريتاني والتونسي والعرض العماني المدعم بالفن الشعبي الأصيل. على أرض الصحراء تبلور فن المسرح مع إيقاعات السرد الذي يواكب قضايا الزمان والمكان، وشهدنا ملحمة فكرية وثقافية راقية، آملين أن تستمر مساعي الشارقة وتوفق في كل أطروحاتها الثقافية التي أدهشت الحضور.
مشاركة :