إن الاستثمار في شركات صغيرة غير مدرجة قد يجعل الحصول على السيولة النقدية أمرا صعبا. وقد تواجه مخاطر في حال تم إنهاء مشروع الشراكة أو تم التخلي عنه، وبذلك لن تخسر الشركة فقط المبالغ المستثمرة في هذا النوع من التعاقد، ولكنها ستتكبد تكاليف إضافية بسبب شطب أسهم الشركة. بسبب ذلك سيكون من الصعب على شركة الأدوية إيقاف المشاريع الخارجية المتعثرة، وإعادة البحث داخليا عن المشاريع التي تفتقر إلى الكفاءة. يعتبر الاستثمار في الأسهم بالنسبة للشركات المستثمر فيها بمنزلة وسيلة لضمان توافقها مع الشركة المستثمرة والتزامها بتوجهاتها البحثية. وسيحفز اتباع هذا الأسلوب الشركة المستثمرة بشكل أكبر على النجاح ونمو الشركات المستثمر فيها. في الواقع، تشير محادثاتنا مع عدد من التنفيذيين إلى أن الشركات المستثمرة لا توفر الموارد المالية فحسب، ولكن في كثير من الأحيان تجلب الخبرات الصناعية، والموارد، والقدرات للشركات التي تستثمر فيها. ويعتبر ذلك مؤشرا على مصداقية لأطراف ثالثة، وهي فائدة مرجوة أخرى من الاستثمار في أسهم الشركات بالنسبة للشركات المستثمر فيها. من منظور مالي، ومقارنة بعقود شراكة أخرى، يوفر الاستثمار في أسهم الشركات موارد مالية غير مقيدة، تتيح للشركات المستثمر فيها إمكانية الإنفاق على المشاريع البحثية الأخرى أو النفقات العامة. وخلافا لتمويل رأس المال المخاطر المستقل، يوفر الاستثمار في أسهم الشركات فترة زمنية أطول تجعل عمليات الشركة المستثمرة بمعزل عن تقلبات الأسواق المالية. للنظر لهذا النموذج من الناحية العملية، سنأخذ شركة سانوفي كمثال على إحدى كبريات الشركات العاملة في أوروبا. شكل خط إنتاج شركة سانوفي للأدوية واللقاحات من المرحلة الأولى وحتى الثالثة لتطوير المنتج سريريا في نهاية عام 2015، ما يعادل 49 في المائة من إنتاجها ثمرة الابتكار الخارجي؛ حيث من أصل ثمانية اقتراحات وصلت إلى المرحلة الثالثة، كان نصفها ثمرة الابتكار الخارجي من خلال التحالفات. كما هو حال عديد من الاقتراحات في المرحلتين الأولى والثانية. تستثمر "سانوفي" أيضا في ثلاث شركات لها منتجات في مرحلة التطوير السريري، وهي: ريجينرون، آلنايلم، ومايوكارديا. ثلاثتها تمثل تحالفات لها منتجات متعددة في طور البحث والتطوير؛ حيث تقدم الشركات المستثمر فيها لـ"سانوفي" عدة اقتراحات لمنتجات لا تزال في المرحلة الأولى. لتختار منها تلك التي تريد تطويرها وتسويقها. من المثير للاهتمام، أن سعي "سانوفي" إلى هذا النوع من الاستثمار ليس بالضرورة لتحديد منتج بعينه، ولكن يتم اللجوء إليه عندما تملك الشركة المستهدفة نهجا تكنولوجيا أو منصة قادرة على تقديم اقتراحات لمنتجات قابلة للتطوير السريري في المستقبل. إضافة إلى الاستثمار في شركات "مبتكرة" مثل التقنيات الحيوية، تمتلك شركات الأدوية الفرصة لفتح عملياتها لمواكبة التطورات الجديدة والاستفادة منها. وفي حين يعد هذا النوع من الاستثمار ذا طبيعة استكشافية، فهو أيضا يستفيد من الأفق الزمني الذي يعد أطول نسبيا مقارنة برأس المال الاستثماري التقليدي، ويختلف عنه كون الفائدة ليست مالية فقط. تستطيع الشركات العاملة في هذا المجال فهم التكنولوجيا الناشئة على نحو أفضل دون التدخل في الشركات المستثمر فيها، وتحصل على موطئ قدم في الشركات محط الاهتمام لدرء المنافسين الذين قد يكونون أكثر تركيزا على عمليات الدمج والاستحواذ. يعد الاستثمار في أسهم الشركات ظاهرة متنامية لا تزال في مراحلها الأولى، ولكن تشير الأدلة المتداولة إلى أنه نموذج ناجح في الشركات التي تسعى إلى إنتاج منتجات مبتكرة.
مشاركة :