الحلم المفقود منذ الدولة العثمانية وحتى السلطان أردوغان.. الأكراد 200 عام من الصراع مع تركيا من أجل إقامة دولة

  • 1/9/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

عاد الخلاف والتوتر من جديد للظهور في العلاقات التركية الأمريكية، فبعد الهدوء والتقارب خلال الفترة الأخيرة عقب تسليم تركيا القس أندرو برونسون لواشنطن.رفض أردوغان لقاء جون بولتون مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ليقرر الأخير مغادر تركيا.وجاء غضب أردوغان بسبب تصريحات بولتون حول رغبة واشنطن في الحصول على ضمانات من أنقرة بعدم الهجوم على قوات سوريا الديمقراطية "قسد".وصف أردوغان تصريحات بولتون بأنها غير مقبولة وذلك لأنه يرى أن "قسد" وحزب العمال الكردستاني- الذي صنفه كمنظمة إرهابية- وجهان لعملة واحدة، على الرغم من أن "قسد" ليست جميعها من الأكراد.الغريب، أن أردوغان كتب مقالا بالأمس في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أشاد خلاله بقرار ترامب بسحب قواته من سوريا ، مشيرا إلى ضرورة التعاون والتخطيط في سوريا، مدعيا أن بلاده تتحمل مسؤولياتها في هذه الفترة الأكثر حرجا من التاريخ، قائلا إنه يثق في دعم المجتمع الدولي لأنقرة في هذه المرحلة. وزعم أن بلاده مصممة بكل قوة على محاربة داعش وبقية التنظيمات الإرهابية في سوريا."قسد" وبدائل القوات الأمريكية في سوريابعدما أعلن ترامب قرار الانسحاب من سوريا، توجهت الأنظار والتساؤلات إلى هوية البديل، وأوحى التقارب الأخير بين أنقرة وواشنطن بأن قوات أردوغان ستكون البديل، لكن في الفترة الاخيرة ظهرت تقارير تشير إلى أن قسد ربما تكون قريبة من لعب هذا الدور، خاصة بعد كانت ضلعا في محاربة داعش. وهو الأمر الذي ينكره أردوغان ويصفه بالكذبة الكبيرة. ويؤكد الموقف الأخير لأردوغان تجاه بولتون على أنه لن يقبل بحدوث ذلك، وأنه سيستمر في مطاردة كل ما هو كردي في سوريا والعراق.وقال ريدور خليل القيادي الكردي البارز في "قسد"، إنه لا مفر من التوصل إلى حل مع دمشق إزاء مستقبل الإدارة الذاتية الكردية، مشددًا على أن هذا الاتفاق، يجب أن يشمل بقاء المقاتلين الأكراد في مناطقهم، مع إمكانية انضمامهم لصفوف الجيش السوري.وأوضح أن المفاوضات لا تزال مستمرة مع الحكومة السورية من أجل التوصل إلى صيغة نهائية لإدارة شؤون مدينة منبج.من هم الأكراد؟يتواجد الأكراد في غرب آسيا بمحاذاة جبال زاجروس وطوروس، وسمون مناطق تواجدهم بـ"كردستان الكبرى"، في جنوب شرقي تركيا، وشمال شرقي سوريا، وشمالي العراق، وشمال غربي إيران، وجنوب غربي أرمينيا، وبعض مناطق لبنان وأذربيجان.ويجمع الأكراد العرق والثقافة واللغة، على الرغم من عدم وجود لهجة محددة، بالإضافة إلى أنهم لا ينتمون إلى عقيدة موحدة، إلا ان غالبيتهم من المسلمين السنة.وقال موقع "دبكا" الاستخباراتي العبري، إن بولتون اقترح على أردوغان اتفاقا مشتركا بعمل الجيش التركي في سوريا، ولكن في مناطق لا يوجد بها قوات أو سكان أكراد، أو بكلمات أخرى أو بمعنى آخر، فإن الولايات المتحدة رفضت دخول الجيش التركي مقار ومعسكرات الجيش الأمريكي التي سيتم إخلاؤها في سوريا. ورجح دبكا قيام الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان بعملية عسكرية ضد الأكراد.كردستان الكبرى..وحلم الدولة القديميحلم الأكراد بدولتهم المستقلة منذ مطلع القرن العشرين، ووضع الحلفاء بعد انتصارهم في الحرب العالمية الأولى، وهزيمة الدولة العثمانية، تصورا لدولة كردية، وذلك خلال معاهدة "سيفر" عام 1920.ولكن بعد 3 سنوات، وضعت معاهدة "لوزان" رسم الحدود التركية الحالي، ما أطاح بحلم الدولة الكردية، لنتهي بهم الحال كأقليات في الدول المتواجدين فيها. ولا يزال الحلم يراود الأكراد ولا تزال أي محاولة للوصول إليه يتم سحقها.الصراع الكردي التركيتعود جذور الصراع الكردي التركي، إلى زمن الدولة العثمانية قبل قرنين من الزمان، واشتعلت جذوة الثورة ضدها، لكن الصراع الحديث يعود إلى حرب الاستقلال التركية، التي أقامت دولة قومية تركية قمعت حقوق الشعب الكردي المتواجد هناك.حدثت العديد من حركات التمرد مثل، ثورة كوجيري1920 وتمرد الشيخ سعيد 1925، وتمرد أرارات 1930، وتمرد درسيم 1938.تأسس حزب العمال الكردستاني "PKK" عام 1974، من قبل عبد الله أوجلان، وكانت في بدايتها منظمة ماركسية لينينية، تخلت عن الشيوعية الأرثوذكسية واعتمدت برنامجا لاستقلال الأكراد ثقافيا وسياسيا.شارك حزب العمال في حرب مدنية محدودة مع الدولة التركية بين عامي 1978 و 1980، وأعادت المنظمة هيكلة نفسها ونقل الهيكل التنظيمي إلى سوريا بين عامي 1980 و1984، مباشرة بعد الانقلاب التركي عام 1980.واستمر التمرد القائم في المناطق الريفية بين عامي 1984 و 1992. ير حزب العمال الكردستاني أنشطته لتشمل حرب المدن بين عامي 1993 و 1995 وبين 1996 و 1999. فيما تم القبض على زعيم الحزب في كينيا في أوائل 1999، بدعم من وكالة المخابرات الأمريكية "سي آي إيه" والسفارة اليونانية، لينال حكما بالإعدام خفف إلى السجن المشدد مدى الحياة. وبعد مبادرة سلام معلنة من جانب واحد في العام نفسه أعلن الحزب خلالها سحب قواته من تركيا وأعلن نهاية الحرب رسميا عام 2000، واضعا استراتيجية سلمية، إلا أنه استأنف النزاع بعد الهجوم العسكري التركي عام 2004، في عهد رئيس الوزراء حينذاك، رجب طيب أردوغان.ومع الغزو الأمريكي للعراق في 2003، وقعت الكثير من أسلحة الجيش العراقي في أيدي مليشيات البشمركة العراقية الكردية، والتي أصبحت جيشا فعليا لكردستان العرق، وتزعم المصادر التركية أن العديد من أسلحتها وجدت طريقها إلى أيدي جماعات كردية أخرى مثل حزب العمال الكردستاني، "PJAK" فرع حزب العمال في كردستان الإيرانية،واتخذت تركيا هذه الاتهامات كذريعة لشن العديد من الهجمات على إقليم كردستان العراق.وقدرت تركيا في يونيو 2007، أن هناك أكثر من 3 آلاف مقاتل من حزب العمال في كردستان العراق أردوغان..وعهد جديد من الصراعبعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في 2001، بدأت السلطة الجديدة في تخفيف القيود على اللغة والثقافة الكردية. من عام 2003 إلى عام 2004 كان هناك صراع على السلطة داخل حزب العمال، بين جناح إصلاحي أراد أن ينزع سلاح المنظمة بالكامل وجناح تقليدي أراد أن تستأنف المنظمة تمردها المسلح مرة أخرى، وفاز الجناح المحافظ للمنظمة بهذا الصراع على السلطة ما أجبر القادة الإصلاحيين على مغادرة المنظمة، وقررت الإدارة الجديدة أن تستأنف التمرد ، لأنها ادعت أنه بدون رجال العصابات سوف تبقى الأنشطة السياسية لحزب العمال الكردستاني غير ناجحة، في الوقت الذي حظرت فيه المحكمة التركية العليا حزب الديمقراطية الشعبية الموالي للأكراد في 13 مارس 2003.واستأنف حزب العمال أنشطته المسلحة في عام 2004، بدعوى ان الحكومة التركية تجاهلت دعواتهم للمفاوضات، في حين قالت تركيا إن 2000 من المتمردين الأكراد دخلوا إلى البلاد قادمين من كردستان العراق.وأجرى حزب العمال العديد من العمليات المسلحة في تركيا، مبتعدا عن المواجهات المباشرة، معتمدا على الألغام والقناصة والكمائن الصغيرة ، مستخدما تكتيكات الكر والفر.وازدادت حدة العنف خلال عامي 2004 و2005، حيث قيل إن الحزب مسئول عن عشرات التفجيرات في غرب تركيا.وفي عام 2007ـ بدأت تركيا في مطاردة حزب العمال على الحدود مع العراق، بعد عدد من التفجيرات في أنقرة وفي عدة مناطق أخرى وصلت إلى قواعد عسكرية، وشنت تركيا هجمات واسعة وقصفت العديد من المناطق في كردستان العراق، وبعد مقتل 18 شخصا من الكوماندوز الأتراك، صدر قانون يسمح للجيش التركي باتخاذ إجراءات داخل الأراضي العراقية.وتوالت هجمات حزب العمال ردا على القانون، كما ردت تركيا وشن هجمات مضادة ومطاردات متواصلة.وفي فبراير عام 2008، شنت تركيا هجوما بريا ضخما على معسكرات حزب العمال تحت اسم "عملية الشمس"شارك به نحو 10 آلاف عسكري تركي، قتلوا 230 كرديا، مقابل 125 تركيا على أقصى تقدير. في ويوليو، اتهمت تركيا حزب العمال بتنفيذ تفجير مزدوج في إسطنبول أسفر عن مقتل 17 شخصا وإصابة 154 آخرين.في بداية عام 2009 افتتحت تركيا أول قناة تلفزيونية باللغة الكردية "تي آر تي"، ​وفي 19 مارس، أجريت الانتخابات المحلية في تركيا التي فاز فيها حزب المجتمع الديمقراطي الموالي للأكراد بأغلبية الأصوات، وفي 13 أبريل، أعلن حزب العمال الكردستاني وقف إطلاق النار السادس ، بعد أن دعا عبد الله أوجلان إلى إنهاء العمليات العسكرية والإعداد للسلام. وفي سبتمبر، أطلقت حكومة أردوغان التركية المبادرة الكردية ، التي تضمنت خططًا لإعادة تسمية القرى الكردية التي حصلت على أسماء تركية ، وتوسيع نطاق حرية التعبير ، واستعادة الجنسية التركية إلى اللاجئين الأكراد ، وتقوية الحكومات المحلية ، وتمديد عفو جزئي لمقاتلي الحزب.لكن الهدوء لم يستمر كثيرا، حيث حظرت المحكمة الدستورية التركية خطط المبادرة الكردية في ديسمبر، وألقي القبض على ما مجموعه 1400 عصو بالحزب الديمقراطي، وحوكم قادته بتهمة الإرهاب، تسبب هذا في أعمال شغب كبيرة قام بها الأكراد في جميع أنحاء تركيا وأسفرت عن اشتباكات عنيفة بين القوات الموالية للأكراد وقوات الأمن.في مايو 2010، أعلن عبد الله أوجلان إنهاء محاولاته لإعادة التقارب وإقامة حوار مع حكومة أردوغان، تاركا قادة حزب العمال مسؤولين عن النزاع. ثم صعد حزب العمال الكردستاني من أنشطته المسلحة، في صيف عام 2012، أخذ الصراع مع حزب العمال الكردستاني منحنى عنيف ، بالتوازي مع الحرب الأهلية السورية، وقامت تركيا بتسليح داعش وجماعات إسلامية أخرى ضد الأكراد.استمرت المناوشات على الأراضي السورية والحدود العراقية حتى اليوم، وشن أردوغان عملية غصن الزيتون في 20 يناير 2018، بدعوى تأمين الحدود التركية مع سوريا من عمليات قوات حماية الشعب الكردية الإرهابية. ولا تزال قوات أردوغان متواجدة على الاراضي السورية، ويسعى في توسيع قواعده بسد الفراغ الأمريكي المنتظر، وضرب عصفورين بحجر واحد، السير في مخطط الخلافة الوهمي، ومحاولة التخلص من الأاكراد، الخصم العنيد الذي يحارب منذ قرنين من الزمان.

مشاركة :