وليد العبدالله ويسرا الخشاب – في الوقت الذي تتسارع فيه التطورات والمستجدات في مجالات الأعمال، أصبحت الحاجة ماسة إلى تخريج أجيال على قدر كبير من المهارات العلمية والعملية، ولن يتحقق ذلك إلا بمعلمين أكفاء قادرين على صنع عقول مبدعة ومبتكرة بعيدا عن النمطية وطرق التدريس التقليدية. وحذر أساتذة في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب وجامعة الكويت من ضعف أداء المعلمين، وافتقارهم إلى الكفاءة المهنية والتكنولوجية في عملية التدريس، ما يستدعي إعادة النظر في كفاءة ونوعية برامج إعداد المعلمين ونوعيتها، مشيرين إلى أن تأهيل المعلمين لا يزال ضعيفا في الكويت، كما أن الارتكاز على طرق التدريس التقليدية وراء ضعف مخرجات التعليم. وقال الأكاديميون لـ القبس: إن اختبارات القدرات غالبا ما تكشف الخلل في مهارات خريجي الثانوية، منتقدين بعض القرارات التي تُحجّم الإبداع في المؤسسات التعليمية. وعلل الأستاذ في كلية التربية الأساسية د. بدر الخضري ضعف مهنة التعليم بصفة عامة، وضعف كفاءة المعلم على وجه الخصوص، بعدم وجود المؤسسات المساندة لدور المعلم وتلك التي تسعى إلى تدعيم قدراته وكفاءته، فكليات المعلمين رغم أنها تقدم برامج تطويرية عديدة تفرغت في السنوات الأخيرة لتأهيل المعلمين الجدد عن طريق تقديم برامج البكالوريوس. وتابع الخضري: إن هذه المؤسسات انشغلت عن أداء دور مهم في تطوير قدرات المعلمين بالتدريب والبحث والمساندة ببرامج عملية في المدارس، إضافة إلى ذلك عدم وجود مؤسسات محايدة خارجة عن إطار المؤسسات الحكومية تستطيع القيام بمشاريع التقويم ومنح الرخص المهنية لوظيفة التعليم. مهنة التعليم بدورها، ذكرت الأستاذة في «التربية الأساسية» د. صبرا الفهد أنه من الأسباب التي تؤدي إلى تدهور مهنة التعليم وضعف دور المعلم ضعف التأهيل في أصول التربية وفلسفتها والنظريات التربوية عند كثير من المسؤولين، لاسيما أولئك الذين تقلدوا مناصب قيادية في الجهات المشرفة على التعليم وهم بعيدون تماماً عن التأهيل في مجال التربية والتعليم. وأضافت الفهد: نجد كثيراً من القرارات عشوائية ومن ثم تساهم في تعطيل دور المعلم أو تحجيم فرص الإبداع لديه، والبعض منهم يرى أن هذا المكان الذي يقف فيه المعلم أمام التلاميذ يمكن أن يتم شغره في أي وقت من خلال تعيين معلمين جدد. إدخال التكنولوجيا من جهته، أشار عميد كلية الدراسات التجارية سابقاً د. عبدالواحد الخلفان إلى أن المتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم تحتم على الدولة السعي الدائم للتطوير، لا سيما في التعليم، وعليها متابعة المستجدات والمتغيرات التربوية والعلمية بما يخدم العملية التعليمية واستخدام التكنولوجيا لتحسين فعالية التدريس ورفع كفاءته. وقال الخلفان إن إدخال التكنولوجية بات ضروريا في الشرح التدريسي لإثراء أفكار الطلبة، ما يحفز الدافعية والإبداع، موضحا أن نسبة كبيرة من المعلمين يعزفون عن استخدام التكنولوجيا في المدارس بشكل موسع. من جانبه، استنكر أستاذ الادارة والتخطيط التربوي في كلية التربية بجامعة الكويت د. علي الأنصاري، الادعاء بضعف مخرجات الكلية، موضحاً أنها تُخرّج معلمين ذوي مهارة عالية يتعاملون بطريقة تربوية مع الطلبة ويرفعون من دافعيتهم. وأشار إلى أن ضعف بعض المعلمين في المواد العلمية التي يدرسونها كاللغة العربية أو الرياضيات أو غيرها، فكلية التربية ليست المسؤولة عن ذلك، بل الكليات الأخرى التي يتعلم فيها الطالب تلك التخصصات كالآداب والعلوم وغيرها. وذكر أن مهارات البحث العلمي قد تكون ضعيفة، ما يؤثر سلباً على المخرجات في تلك الناحية، مشدداً على أن الكلية تعمل على تأهيل الطالب من خلال الأقسام المختلفة، بدءاً من تأسيسه للتعامل مع الطفل في أصول التربية، ووضع الرسالة والهدف في مواد قسم التخطيط، اضافة إلى مواد قسمي علم النفس والمناهج، وهي تجعل الطالب جاهزاً للعملية التربوية. التسرُّب الدراسي بدوره، أكد أستاذ أصول التربية بكلية التربية بجامعة الكويت د. مزيد الظفيري، أن التعليم العام لا يعّد الطالب لمناهج الجامعة، فقد نجد بعض الطلبة يتخرجون في الثانوية العامة بدرجة جيدة في الرياضيات ثم لا يجتازون اختبار القدرات بالجامعة أو يحصلون على درجات متدنية، ما يطرح استفهاماً حول إذا ما كانت مناهج الجامعة جديدة يستغربها الطالب أم أن مناهج المدرسة لا تمّهد للجامعة، مبيناً أن هذه الاشكالية تقود إلى التحويل بين الكليات والتسّرب والانذارات. واعتبر الظفيري أن مناهج وزارة التربية ليست بالضعيفة، لكن هناك عدم تواصل بينها وبين مناهج الجامعة، خاصة في مواد العلوم كالرياضيات والكيمياء والفيزياء، كما أن مواد العلوم في التعليم العام لا تؤهل الطالب إلى دراسة التخصصات العلمية في الجامعة، لكن حال مواد اللغات أفضل نسبياً، مشيراً إلى أن اعداد معلمي العلوم يتطلب خلق انسجاماً بين مواد التعليم العام -في المرحلة الثانوية تحديداً- وبين مواد الجامعة، وردم الفجوة الموجودة بينهما. خريجو «الثانوية» يفتقرون إلى المعلومات رأت أستاذة العلوم في كلية التربية الأساسية د. جنان الحربي أن كمية ونوعية المعلومات التي تقدمها كلية التربية بالجامعة والتطبيقي كافية لإعداد المعلم الناجح، مبينة أن ما يُقدم في الكلية من مواد علمية بحتة يفي بالغرض للمرحلة الابتدائية. وأكدت أن مخرجات الثانوية يفتقرون إلى المعلومات الأساسية في العلوم، وهذا ما لمسناه من خلال المقابلات الشخصية. رفع الأداء شدد د. مزيد الظفيري على استحالة اطلاق حكم عام على جميع المعلمين، فمنهم الممتازون، ومنهم متوسطو الأداء، ومنهم ذوو الأداء الضعيف، وهي الفئة التي يجب أن تعالجها الوزارة بقرار بسيط يقضي بالعمل على رفع الأداء عن طريق الدورات والبرامج التدريبية، أو انهاء خدماته كمعلم وتحويله إلى وظيفة ادارية. وشدد على أن التعليم يبني أجيالاً ولا يمكن التهاون فيه. أين الحواسيب؟ أوضح د. عبدالواحد الخلفان أن من أسباب عزوف المعلمين عن استخدام التكنولوجيا في التعليم، قلة الأجهزة التقنية المطلوبة في الميدان بسبب اكتظاظ الصف الدراسي بعدد كبير من الطلبة، وانعدام الحرية في استخدام أجهزة الحاسوب لكونها في عهدة المعلم، فضلا عن ضعف بعض المعلمين والطلبة في اللغة الإنكليزية. افهموا ولا تحفظوا أوضح د. علي الأنصاري أن طريقة التدريس من أبرز الأخطاء التي نواجهها، حيث يتم تعليم الطالب بطريقة الحفظ وليس الفهم والتحليل والتركيب وحل المشكلات، الامر الذي يجعلنا في مستويات منخفضة في الترتيب الذي تقوم به المنظمات العالمية التي تقيس مستوى التعليم في البلاد. الدروس الخصوصية أشارت د. جنان الحربي إلى أن بعض الطلبة قد لا يكترثون بأداء المعلم ولا يجتهدون أثناء الحصة، بسبب لجوئهم إلى المدرس الخصوصي، الأمر الذي أثر سلبا على سمعة معلم المدرسة التربوي، كما يوجد معلمون يتعمدون التقصير في الشرح التفصيلي المفيد اثناء الحصص ليأخذ الطالب عندهم دروساً خصوصية، مؤكدة أن المردود المادي يخيم على التعليم ويشوه صورة المعلم الحقيقي الناجح.
مشاركة :