أبوظبي: مهند داغر كشف الدكتور عبيد الزعابي المدير التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع، أن الهيئة تقوم حالياً بوضع خريطة طريق تتضمن سقفاً زمنياً لعملية تحول شركات الوساطة المالية إلى «خدمات مالية متكاملة»، مؤكداً أنه لا يمكن أن تتعامل الهيئة مع مطالبات تحول هذه الشركات بأنها شروط إجبارية، وذلك في رد على أسئلة «الخليج»، عقب تلقيها العديد من التساؤلات من شركات الوساطة بشأن هذا التحول. وأكد الزعابي أن عملية التحول ستتم بالتشاور مع الأسواق المالية وكافة مؤسسات السوق بما فيها شركات الوساطة، منوهاًَ بأن التحول لن يكون مرة واحدة بل بالتدريج وفقاً لخارطة الطريق المتفق عليها. دعا الزعابي شركات الوساطة إلى الاستعداد لهذا التحول، عبر الاستثمار في بنيتها التحتية بالإضافة إلى رأس المال البشري والمالي، لاسيما أن الانتقال إلى خدمات متنوعة يحتاج إلى رأس المال النقدي والبشري. وأشار الزعابي إلى أن طرح النموذج الجديد للتحول إلى شركات خدمات مالية يندرج في إطار خطة حكومة الإمارات لترقية الأسواق المالية إلى أسواق متقدمة، الأمر الذي يتطلب تطوير كافة المكونات التنظيمية للسوق المالي، ومن بينها شركات الوساطة بحيث تماثل نظيراتها في الأسواق المالية المتقدمة. دراسة الإمكانيات وعلى صعيد ضعف السيولة في الأسواق، وإمكانية أن يكون عائقاً أمام تحول شركات الوساطة، قال الزعابي: إن الهيئة نفذت العديد من الدراسات على الممارسات العالمية التي تقوم بها الشركات المرخصة لتحقيق سيولة مستدامة تحافظ على استمرارية عمل الشركات المرخصة. دخول السيولة قال عبيد الزعابي: أظهرت هذه الدراسات أن الشركات التي تقدم خدمات متكاملة هي التي تسهل دخول السيولة إلى الأسواق عن طريق تقديم خدمات متنوعة تهدف إلى خدمة المستثمرين، مشيراً إلى أن شركات الخدمات المالية وفق النموذج العالمي تستطيع أن تنوع مصادر الدخل، وكذلك بث الثقة في تعاملات المستثمرين الأجانب والمؤسسات نظراً لوجود أنظمة متكاملة لخدمات العملاء والتسويق وإدارة السيولة والاستثمارات، وكذلك معايير لإدارة المخاطر والتحوط ضدها. الأسواق المتقدمة بين المدير التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع، أن الحصول على السيولة يتم من خلال طرح وتدشين منظومة متكاملة من الخدمات المالية كما هو معمول به في الأسواق المتقدمة، وكما هو موضح في نموذج التحويل الذي تم عرضه سابقاً، وتتضمن هذه الأنشطة وهي على سبيل المثال لا الحصر: إدارة الحسابات، ورسوم الاستشارات الاستثمارية، وأتعاب إدارة محافظ استثمارية، ورسوم تقديم الخدمات المختلفة للصناديق، ومتحصلات بيع المعلومات والبيانات، ورسوم وتكاليف تمويل التداول بالهامش، ورسوم التعهد بالتغطية، وعمولات التداول. وتابع الزعابي: من خلال الدراسات التي أجرتها الهيئة لأفضل الممارسات العالمية تبين أنه يجب الارتقاء بمفهوم شركة الوساطة لتتحول إلى نموذج شركة خدمات مالية متكاملة، فضلاً عما سيترتب عليه ذلك من تنويع مصادر الدخل لديها، وذلك ضمن منظومة عمل جماعي تهدف إلى تطوير صناعة الأسواق المالية من خلال تطوير الأنشطة المالية بالتعاون في ما بين الهيئة والشركاء الاستراتيجيين مثل الأسواق المالية وشركات الوساطة. الفصل في المهام بشأن وجوب الفصل في المهام بين موظفي «الخدمات المالية» و«الوساطة»، قال الزعابي: كما هو معمول به في صناعة الأموال هناك بعض المهن تحتاج إلى فصل بدرجات متفاوتة وبعضها يمكن دمجها، ولذلك فقد وضعت الهيئة ضوابط للفصل بين الأنشطة المختلفة بهدف الحد من تعارض المصالح وتخفيف أي مخاطر قد تواجهها الشركات جراء عدم الفصل. وبين الزعابي أن الهيئة راعت أن يكون هناك فصل بين مهام موظفي الأنشطة المختلفة مع تحديد لحالات التواصل المسموح بها والمعلومات المسموح بمشاركتها بين الموظفين العاملين في الأنشطة المرخص لها. وذكر أنه يجوز لشركات الوساطة الحصول على مختلف أنواع التراخيص التي تقدمها الهيئة في حال استوفت متطلباتها واشتراطاتها بما في ذلك تحقيق الفصل بين الأنشطة التي لا يسمح للموظفين بجمع المهام المختلفة فيها مثل وظيفة التحليل المالي ووظيفة التداول. وكانت هيئة الأوراق المالية والسلع استعرضت شروط تحول شركات الوساطة إلى خدمات مالية متكاملة، بما يرتقي بدورها ومهامها، لتتحول إلى نموذج شركات خدمات مالية متكاملة، خصوصاً مع بدء تطبيق منهجية متكاملة للارتقاء بالأسواق المالية إلى «أسواق متقدمة»، وفقاً لاستراتيجية حكومة دولة الإمارات 2021. آراء الوسطاء وأكد محمد علي ياسين، الرئيس التنفيذي للاستراتيجيات والعملاء، في شركة الظبي كابيتال المحدودة، أن عملية تطوير شركات الوساطة إلى خدمات مالية هدف جميل، لكن الوصول إلى هذا الهدف يتطلب خطة وفترة زمنية كافية، والانتقال إلى هذه الخدمة يتطلب إيجاد استثمارات في البنية التحتية لهذه الشركات من حيث الأنظمة ومستوى الموظفين، بينما هناك تضارب في هذه المتطلبات في ما يتعلق ب«إدارة الأصول» و«الوساطة المالية». وشدد ياسين على ضرورة أن تكون هناك رؤوس أموال وقوة بشرية، كون عملية تحول شركات الوساطة إلى خدمات متكاملة تستوجب استثمارات كبيرة، وإذا كان اعتمادنا على السوق المحلي في ظل الوضع الراهن للسيولة، فإنه من الصعب أن تكون هذه الشركات مبنية على أساسيات ربحية واقعية. وأفاد ياسين بأن رأس المال الاستثماري غير موجود لأن شهية المستثمرين ضعيفة من أجل تطوير الوضع المالي لشركات الوساطة، مشيراً إلى وجود شركات خارجية لها تاريخ طويل ووسعت من نطاق عملها سواء في الأسهم والتمويل، أو الأصول والسندات، ومن هذا المنطلق يحتاج التنويع إلى قدرة مالية ورأسمال يكاد يقترب من 100 مليون درهم. وتابع: من هنا نحتاج إلى شركات محلية مستقلة عن البنوك ولديها قدرة مالية وكفاءة تشغيلية بحيث تستطيع القيام بالعمليات الاستشارية. التكاليف التشغيلية من جانبه، أكد وليد الخطيب، مدير شريك في شركة جلوبال لتداول الأسهم والسندات، أن قرار هيئة الأوراق المالية والسلع بخصوص تحول شركات الوساطة المالية إلى خدمات متكاملة، يعتبر إيجابيا ومهما، لاسيما أن شركات الوساطة تعتمد على العمولات من التداول إلى جانب اعتمادها على الفوائد من تداولات الهامش، مشيراً إلى أن انخفاض الأسواق وشح السيولة لا يتناسبان والتكاليف التشغيلية. وأوضح أن تنويع المداخيل في مثل هذه الحالة مهم، مثل: القيام باستشارات وإدارة محافظ استثمارية، في حين أن رأس المال المطلوب لهذا التحول 30 مليون درهم كحد أدنى، وهو جيد لمتطلبات هذه الخدمة. وأشار الخطيب إلى أن شركات الوساطة تحتاج لوقت حتى يتسنى لها ترتيب أمورها وتجهيز الكوادر المؤهلة، معتبراً أن النقطة الجوهرية تتمثل في ضعف مستويات السيولة، ومن الصعب في هذه الحالة استقطاب مستثمرين لإدارة أصولهم. وقال الخطيب: نفضل هذه المدخلات الجديدة لشركات الوساطة لتنويع المداخيل، فيما نتطلع إلى ألا يكون هذا الخيار إجبارياً نظراً لعدم القدرة لدى بعض شركات الوساطة على التحول إلى خدمات متكاملة، استناداً إلى ضعف القدرة المالية. تنويع الدخل أشاد وسطاء وخبراء بشروط هيئة الأوراق المالية والسلع في تحول شركات الوساطة إلى «خدمات متكاملة»، مؤكدين أن من شأن القرار تنويع دخل «الوساطة» وعدم اعتمادهم على عمولات التداول فقط، مطالبين بضرورة، معالجة مشكلة تدني مستويات السيولة من أجل استقطاب مستثمرين وإدارة أصولهم لهذا الغرض. وأكدوا ل «الخليج» أن شروط التحول إلى خدمات متكاملة، تعتبر جيدة بحد أدنى 30 مليون درهم كرأسمال، بينما الوصول إلى هذا الهدف يحتاج إلى خطة وفترة زمنية كافية من حيث الاستثمارات في البنية التحتية وكفاءة الموظفين. وأوضحوا أن رأس المال الاستثماري غير موجود حالياً لأن شهية المستثمرين متراجعة أصلاً، مع ضرورة أن تقوم الجهات المعنية بالتوعية حيال هذا الأمر، وبالتزامن مع الحاجة إلى شركات مستقلة عن البنوك، لديها كفاءة تشغيلية وقدرة مالية عالية، حتى لا يقتصر اعتمادها على الإقراض. طارق قاقيش:انعدام ثقة المستثمرين قال طارق قاقيش مدير الأصول لدى شركة مينا كورب: يجب أن تكون نظرة المستثمرين لهذه الشركات طويلة الأمد، في حال تحولها إلى «خدمات متكاملة»، ويجب أن تكون إيرادات تبرر وجود مثل هذه الشركات، متسائلاً: هل الوقت الحالي مناسب لهذا التحول بالنظر إلى انعدام ثقة المستثمرين بالأسواق؟ وأفاد قاقيش بأن هناك عاملين مهمين قبل التحول إلى خدمات متكاملة، أولاً هل عند المساهمين رأس المال الكافي لاستراتيجية طويلة المدى، كون إدارة المحافظ تحتاج إلى فترة طويلة، والعامل الثاني يتمثل في ندرة السيولة التي تحد من الإيرادات في الوقت الراهن، مشيراً إلى ضرورة تحسن الأعمال وفي ذات الوقت أن تكون هناك نظرة طويلة الأمد. ولفت قاقيش إلى أن التنوع في الإيرادات خطوة ممتازة، لأن إدارة الأصول فيها استمرارية بالإيرادات بعكس شركات الوساطة، بمعنى أن الرسوم الإدارية مستمرة حتى بانخفاض الأسهم. وأضاف: عملياً يجب أن يكون هناك فصل في المهام بين موظفي الخدمات المالية وموظفي الوساطة، حتى لا يكون هناك تضارب في المصالح، وهذا يتطلب وقتاً ورؤوس أموال كبيرة، وعلينا أن نقوم بدراسة جدوى لإنشاء مثل تلك الشركات، كما يجب أن تكون تلك الشركات منفتحة على أصول أخرى غير الأسهم، مثل السندات والسلع من ذهب وغيرها، وأشار إلى أنه إذا حصل تدهور في أداء الأسهم، فإن تنويع الاستثمارات يساهم في تقليل الخسائر من خلال توفير أدوات استثمارية مختلفة لتوزيع رؤوس الأموال وعدم تمركزها في قطاع واحد.
مشاركة :