ستقوم الهيئة السعودية للفضاء بمهمة الدفع بقطاع اقتصادي لطالما كنا ننظر إليه بعين مجردة، قريبة من اهتمامات البحث العلمي الأساسي، وبعيدة من المكاسب الاقتصادية المباشرة. لكن هل هناك اقتصاد فضائي؟ أو ثمة شيء يسمى اقتصاديات الفضاء؟ بالقطع، وإلا لما استثمرت الدول المتقدمة في هذا المجال أموالا طائلة على مدى عقود! وتأسيس هيئة للفضاء، هو بالتأكيد ليس بداية اهتمام المملكة بالفضاء، بل هو ترسيخ أن الجهود المتتابعة، التي كان لها محطات عدة، لعل من بواكيرها المشاركة في عام 1985 بالمكوك ديسكفري، الذي تكون طاقمه من الأمير سلطان بن سلمان وستة رواد فضاء آخرين. حيث شارك الأمير سلطان في إطلاق القمر العربي الثاني "عربسات"، وقد استمرت هذه الرحلة لمدة ثمانية أيام احتوت على عديد من التجارب العلمية المهمة. وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى جهود مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لتعزيز مكانة المملكة في مجال الفضاء بالتعاون مع المراكز والهيئات العالمية لنقل التقنية، وتأسيس البنى التحتية المتقدمة، وتطوير الكوادر الوطنية وتأهيلها، من خلال معهد بحوث الفضاء والطيران، والمراكز الوطنية المتخصصة في مجالات تقنيات الطيران والأقمار الصناعية والمحركات النفاثة والفلك والجيوديسيا والملاحة. ومنذ إعلان المملكة إطلاق "رؤية 2030"، تسعى المدينة إلى تحقيق ما يخصها من مستهدفات "الرؤية" من خلال برنامج التحول الوطني، في إجراء البحوث والدراسات، وتطوير التطبيقات المختلفة والمشروعات التي تصب في مجال الفضاء، ومنها الدراسات الفلكية ودراسة النشاط الشمسي ومراقبته. وفي منتصف الشهر الأخير من هذا العام "2019"، من المتوقع ــ بإذن الله ــ أن تحقق المدينة إنجازا نوعيا يعد علامة فارقة باكتمال بناء قمر صناعي قادر على تقديم منظومة اتصالات آمنة للجهات الأمنية والعسكرية، وتشمل تغطية القمر السعودي للاتصالات منطقة الجزيرة العربية وشمال إفريقيا وأجزاء كبيرة من جنوب أوروبا. وقد بدأ العمل في بناء القمر في نيسان (أبريل) 2015 بالتعاقد مع شركة لوكهيد مارتين بمشاركة فرق من معهد بحوث الفضاء والطيران ومعهد بحوث الاتصالات وتقنية المعلومات وفريق من الجهات المستفيدة بالإشراف المباشر على تصنيعه وفق المتطلبات الفنية. أعود لسؤال البداية، فاقتصاد الفضاء تقدر قيمته بنحو 400 مليار دولار، تسيطر عليه الولايات المتحدة، وينمو بمعدل نمو متوسطه 5 في المائة سنويا لتصبح مساهمته 1.1 تريليون دولار في العام 2040. فما عسى أن يكون نصيبنا من تلك الكعكة الفضائية في ذلك الحين؟!
مشاركة :