لعلنا في حاجة إلى حملة تثقيف للتلاميذ واليافعين والمقبلين على دخول سوق العمل حول أهمية قطاع الخدمات في الاقتصاد الوطني، فهو القطاع الأكثر نموا، وهو القطاع الذي يحتاج إلى مزيد من الوظائف لسببين رئيسين: أولا أن قطاع الخدمات يسهم بجزء يسير من الوظائف المولدة في السعودية، ثانيا أن المستقبل يحمل مزيدا من الوظائف في القطاعات الخدمية إجمالا، وثمة سبب إضافي أن مستويات التوطين في هذا القطاع لا تزال ضعيفة بالفعل. ومن المناسب بيان أن هذا القطاع يشمل أنشطة اقتصادية تشمل وظائف قيمة وتنطوي على مسار وظيفي قيم ويتطلب قدرات ومهارات وطموحا، فمثلا القطاع المصرفي وقطاع التأمين ليسا سوى أنشطة خدمية. فضلا عن أن الصناعة لن تتمكن من استيعاب الداخلين الجدد من السعوديين لسوق العمل، وإن استوعبتهم، فهي لن توفر لهم ما يتطلعون إليه من أجر ومسار وظيفي. وإذا نظرنا إلى أكثر الأنشطة الاقتصادية نموا في العالم نجدها الخدمات، خاصة تلك المرتبطة بالاقتصاد التشاركي المرتبط بتطبيقات الإنترنت. وإذا عدنا إلى الهيئات التي أنشئت حديثا، وتحديدا هيئة المؤتمرات والمعارض نجد أننا أمام فرصة حقيقية، لا بد من استغلالها بمنهجية تقوم على أسس اقتصادية تسعى إلى تطوير موارد بشرية مؤهلة لشغل نسبة متعاظمة من الوظائف المستجدة في هذا القطاع، وتطوير مهنيين وقياديين ليتمكنوا من شغل وظائف أعلى في السلم الوظيفي مع مرور الوقت. ولا بد هنا من الإشارة إلى أن قطاع المؤتمرات والمعارض ليس نشاطا مستقلا بذاته، بل له بيئة وارتباطات قوية مع أنشطة اقتصادية أخرى تتكامل معه لتمثل نسيجا لوجستيا غنيا بالفرص الوظيفية والاستثمارية ويجلب قيمة للاقتصاد الوطني. لكن من أين نبدأ؟ ندرك جميعا أن تأسيس هيئة هي نقطة البداية، أما الرحلة لبناء قطاع للمؤتمرات والمعارض وتلمس الأثر الاقتصادي فتتطلب جهدا متسقا يتواصل لسنوات. وفي حال دقة التقارير الدولية، فعلى الرغم من أن قطاع المؤتمرات والمعارض السعودي يحل في المرتبة الـ 23 عالميا، من حيث الإيرادات، التي تتجاوز 14.6 مليار ريال سعودي، إلا أن عدد موظفيه لا يتجاوز 40 ألفا، ويصل إلى نحو 70 ألفا عند احتساب العمالة غير المباشرة. ومن ناحية أخرى فإن متوسط ما ينفقه المشارك "في المؤتمرات والمعارض" في المتوسط في السعودية يقل عن 500 دولار، وهذا منخفض مقارنة ببلدان تلينا في الترتيب بما في ذلك الإمارات العربية.
مشاركة :