انطلق في لبنان أسبوعُ القمةِ التنموية الاقتصادية التي تستضيفها بيروت في «الويك اند» المقبل والتي تَمْضي التحضيراتُ لها وسط دخولها «حقل الألغام» بعدما اندفع رئيس البرلمان نبيه بري إلى المطالبة بتأجيلها بحجة عدم وجود حكومة «كاملة المواصفات» وعدم توجيه دعوة الى سورية، قبل أن يَفْتح بمؤازرةٍ من «حزب الله» معركة إبعاد ليبيا عنها تحت عنوان عدم تعاونها في ملف التحقيقات بقضية اختفاء الإمام موسى الصدر (1978) وتلويحه بفرْض هذا «الحظْر» بقوةِ الشارع وعبر الذهاب «الى أبعد مدى» بإعلانه «مستعدّون لـ(انتفاضة) 6 فبراير (1984) جديدة سياسية وغير سياسية». وإذ يستمرّ الرئيس ميشال عون في تفادي الردّ المباشر على الثنائي الشيعي، فان «أوّل غيث» الإجراءات «العملانية» لقرار حركة «أمل» بزعامة بري بمنْع حضور الوفد الليبي الى القمة، قيام عدد من مناصري الحركة بنزْع علم ليبيا، المرفوع مع سائر أعلام الدول المشارِكة في الـSea Side Arena (البيال سابقاً) حيث ستُعقد القمة، واستبداله بعلم «أمل».وتولّت قناة «ان بي ان» التلفزيونية التابعة لبري بثّ فيديو تحت عنوان «تمزيق العلم الليبي في وسط بيروت من قبل بعض الشباب»، ويُظهر عملية نزْع العلم واستبداله. إلى ذلك، لم تنظر الأوساط عيْنها بارتياحٍ الى مجاهرة «حزب الله»، بلسان القيادي محمود قماطي بأن «محور المقاومة يتّجه الى مزيد من التماسك والقوة داخلياً» عبر ما وصَفه بـ«التطور النوعي» الذي شكّله إحياء التحالف بين النائب طلال ارسلان والوزير السابق وئام وهاب، في سياق ثنائيةٍ درزية يرعاها الحزب وموالية للنظام السوري وتكرّست ملامحها أمس في الذكرى الأربعين لمصرع أحد مرافقي وهاب والتي شهدتْ مواقف نارية ضدّ القضاء والأمن وطاولت «(اتفاق) الطائف المشؤوم»، وهي الثنائية التي اعتُبرت في سياق محاولةِ إحداث «دفرسوار» داخل الطائفة الدرزية بوجه الزعيم وليد جنبلاط. وعلى وقع هذا الصخب، انشغلت بيروت بزيارة وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل، من ضمن مهمّة واضحة حرصت السفارة الأميركية على تظهيرها في بيانٍ لافت أعلن أن هيل «سيعيد تأكيد دعم الولايات المتحدة القوي للدولة اللبنانية، بما في ذلك مؤسساتها الأمنية الشرعية، فيما يواصل لبنان مواجهة تحديات مهمة»، كاشفة أنه «سيشدّد أيضاً على قلق واشنطن من أنشطة حزب الله المزعزعة للاستقرار في لبنان والمنطقة، بما في ذلك الاكتشاف الأخير لأنفاق حزب الله العابرة للحدود، والتي تتحدى قرار مجلس الأمن 1701، وتعرّض أمن الشعب اللبناني للخطر، وتقوّض شرعية مؤسسات الدولة».والتقى هيل أمس قائد الجيش العماد جوزف عون والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم غداة زيارته ليل السبت جنبلاط، وعشية اجتماعه اليوم مع عون وبري والرئيس المكلف سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، وسط اعتبار دوائر مطلعة أن محطة الديبلوماسي الأميركي التي تترافق مع جولة مايك بومبيو في المنطقة لا يمكن عزْلها عن استراتيجية واشنطن حيال إيران و«حزب الله» التي حدّد معالمها وزير الخارجية الأميركي وستتبلور أكثر في قمة بولندا الشهر المقبل.وفي موازاة ذلك، بدا لبنان وكأنه يحاول لملمة الأضرار المالية البالغة التي سبّبتْها تصريحات وزير المال علي حسن خليل حول إعادة هيكلة الدين العام والتي فُهم منها أنها تنطوي على احتمال المساس بحقوق حاملي السندات اللبنانية الدولارية، وهو ما تجلى في اجتماعٍ بدا وكأنه «خلية أزمة» عُقد أمس في بعبدا بحضور عون والحريري وخليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وقال خليل إن الحكومة لا تطرح على الإطلاق موضوع إعادة هيكلة الدين العام، وهي ملتزمة سداد مستحقات الدين والفوائد. وشدد على أن «الدولة ملتزمة المحافظة على حقوق المودعين والمصارف وحاملي مختلف سندات الدين العام». وأضاف: «المطروح حالياً هو تنفيذ إصلاحات لضبط الإنفاق وخفض عجز الموازنة وتأمين التوازن المالي، بالإضافة إلى تحريك قطاعات اقتصادية وتعزيز وتنويع القطاعات المنتجة».
مشاركة :