إطلاقاً لا يوجد بيننا من أرضاه الشكل الفني الذي ارتضاه المنتخب الإماراتي لمباراته أمام تايلاند، ولا يوجد أصلاً في الحبكة التكتيكية التي اختارها «الأبيض» حتى الآن لمبارياته الثلاث، ما يجعلنا نثق في قدرته على تكرار ما صنعه جيل سنة 1996، بالوصول على الأقل إلى المباراة النهائية. فلو نحن استثنينا ربع الساعة الأولى من زمن المباراة، التي شهدت كثافة هجومية لـ «الأبيض» أثمرت هدفاً أول من توقيع مبخوت، لسلمنا بأن ما بقي من الزمن، كان عبارة عن تواضع في نسج الأداء، ولئن كان هناك من شيء نحتفظ به من كل هذا الذي رصدناه في 270 دقيقة، والتي هي عمر المباريات الثلاث التي خاضها «الأبيض» في الدور الأول لمونديال آسيا، فهو بالتأكيد صدارة «الأبيض» للمجموعة. وكم كنا نتوسم خيراً بعد الذي شاهدناه من تحسن للأداء الجماعي خلال مباراة الهند، بأن تتواصل عملية التدرج التي هي من أكبر سمات شخصية أي منافس على اللقب، إلا أن ما شاهدناه أمام تايلاند كان صادماً لنا جميعاً، فالمنتخب الإماراتي كانت تكفيه الخمس عشرة دقيقة الأولى من مباراة تايلاند، ليقدم ممكناته الفنية والتكتيكية الجماعية على الخصوص، باعتماد الضغط العالي والخانق وبتنويع المسالك لاختراق العمق الدفاعي للمنتخب التايلاندي، وهو ما منحه التقدم بهدف مبخوت، قبل أن يغرق في التواضع، فتكون المباراة في الثلاثة أرباع المتبقية، عبارة عن هجاء جماعي وتقديح للذات، وكشف موجع عن يأس الجماهير من قدرة منتخبها على كتابة التاريخ. وإذا ما أنا وافقت الجماهير قلقها على منتخبها، من فرط ما شاهدت من أداء مليء بالعلل والثقوب، فإنني أشاطر المدرب زاكيروني استغرابه لعدم وجود جماهير تملأ استاد هزاع بن زايد بالكامل، لتمنح «الأبيض» كل علامات التفوق الذهني والإستراتيجي التي يحصل عليها أي منتخب يلعب على أرضه وبين جمهوره. صحيح أن مدرجات ملعب مدينة زايد لم تمتلئ عن آخرها في مباراتي البحرين وتايلاند، إلا أن العدد تناقص بشكل كبير في مباراة تايلاند، ما يشعرني بوجود شبه عزوف جماهيري، مهما كانت مبرراته منطقية وموضوعية، إلا أنه غير مقبول. ظرفية تفرض على الجمهور أن يقف إلى جانب منتخبه الوطني مناصراً ومؤازراً بلا قيد أو شرط، ولست بحاجة لأن أستدل على الصور التاريخية التي صدرها جمهور «الأبيض» عن نفسه، وهو يبدع صوراً فريدة في المناصرة والدعم، لأدعو الإماراتيين إلى تجديد تلك الصور الجميلة، و«الأبيض» يتقدم لمرحلة حاسمة ودقيقة في مساره الآسيوي، مرحلة لا يمكن أن يسير فيها «الأبيض» وحيداً.
مشاركة :