النصر .. يسير وحيدا

  • 9/26/2013
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

.. عندما تولى زمام الأمور في ناديه قبل ثلاثة أعوام، قلت له: ماذا تريد من النصر؟ وماذا تستطيع أن تقدم لهذا الكسير؟ نفث هواءً ساخنا ينبئك عما في صدره، وقال: لا يسرني حاله، أتمنى أن أعيده للمنافسة، أريد أن أكون عكاز هذا الكسير العزيز، وتابع: قد لا أحقق بطولات مع الأصفر، لكني سأصنع فريقا مهابا وأرجو أن يجد من يكمل المهمة بعدي، إن لم أستطع الاستمرار. بعد عامين على وجوده في الرئاسة، قلت له: لم تنجح، لا بد أن تعترف وتنسحب. عدل جلسته، وأرسل عينيه إلى بعيد كأنما يستشرف مستقبلا، ثم نطق: عبد الله بن مساعد لم يحقق الهلال في عهده نتائج جيدة، لأنه لم يبق إلا عام ونصف رغم أنه وضع أُسسا ممتازة، وجاء بعده محمد بن فيصل، أضاف ياسر القحطاني، وقطف ثمار غرس متواصل وعمل متسلسل متواتر غير منقطع، ثم أتى عبد الرحمن فوجد أساسا يحتاج إلى بعض الإضافات، نفذها وها هو الهلال مستمر. وختم: لا يمكن أن تحكم بعد عامين، أنا رئيس لولاية أربع سنوات، انتظر حكما عادلا في نهايتها. مع نهاية الموسم الماضي ومطلع الجاري، عقد فيصل بن تركي ثلاث صفقات محلية مدوية وصفقتين خارجيتين، كانت حديث الشارع الرياضي، قلت له: أنت تغسل الدم بالدم، تُحمّل الكسير من الديون ما يكسر الظهر، وتدعي بأنك تعمل للمستقبل، ماذا تفعل يا رجل؟ ما هي فلسفتك بالضبط؟ قال: منذ عام 98، الشباب والاتحاد والهلال والأهلي يعقدون صفقات مهمة، يُقوون فرقهم، يستقطبون المميزين، والنصر يتفرج ويكتفي بالاحتفال مع المحتفلين، ولا يتقدم خطوة، حتى أصبح الفارق بينه وبينهم كبيرا للغاية. اكتفاء النصر بدور المتفرج خلق هوة لا يمكن ردمها بين يوم وليلة، واصل بحماسة: لا يمكن للنصر أن يعود إلا إذا دفع أضعاف ما تدفعه هذه الأندية لأنه تخلف عن الركب، ولا بد أن يختصر الخطى للحاق بهم، وتابع: فلسفتي أن النصر لا بد أن يقفز خطوتين أمام كل خطوة من منافسيه. في عهد فيصل بن تركي الشاب الخلوق الهادئ، الذي يشعرك بأنه غير مبال بأي شيء أحيانا، صرف النصر230 مليون ريال دفع منها الأمير تركي بن ناصر 70 مليونا و130 من ابنه، خلاف ما دفعه الشريك الاستراتيجي، وبلغت ديون النادي حتى اللحظة 48 مليونا، منها عشرة ملايين مرتبات لاعبين، وستة ملايين رواتب عاملين، و32 مليونا مستحقات صفقات محلية وخارجية لمدربين ولاعبين. شرفيان فقط قدما في المواسم الثلاثة الماضية 30 مليونا، والشرفيان بالمناسبة لم يجلسا يوما على يسار المنصة ولا يمينها في أي مباراة للأصفر ولا في صدرها.. أين البقية الجالسون المبتسمون؟ أين بقية الشرفيين؟ وجّهت السؤال لواحد منهم، أجاب: فيصل بن تركي لا يريدنا، يتصرف لوحده ونحن خارج حساباته، وأخطاؤه كثيرة، ويحمِّل النادي ديونا لا تحتمل، قلت له: يبدو لي أنه تعلم كثيرا من أخطائه وبات أفضل، حاول أكثر من مرة ووصل إلى نهائيين، ووقع صفقات مهمة، ستخدم النادي سنوات مثل الشهري والجيزاوي والزبيدي وخميس، رد بسخرية: "وش عقبه"، أصلا من يقبل برئاسة ناد ديونه 50 مليونا. قلت له: أعتقد أن فريقه هذا الموسم سيكون رقما صعبا في المنافسات، ومن الإجحاف أن تتركوه يسير وحيدا. رد وهو يمط شفته السفلى ويخرج لسانه ويمرر سبّابته جوار وجنته: هو الذي سار بعيدا عنا. أتفهم فلسفة فيصل بن تركي التي أفصح عنها في حديثي معه، وأتفهم حديث الشرفي، وأشعر أن الطرفين في حاجة إلى جسر محبة، يضطلع برصفه رجل حصيف راشد، يضع الأمور في نصابها، وإن لم ينجح، فليخلع النصر ثوبه القديم، أو يسلخ جلده الجديد.. ويعود إلى خريف عمره.

مشاركة :