"جناح الجزائر" في مهرجان الشيخ زايد التراثي.. موروث أصيل وجذور أمازيغية

  • 1/16/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لا يزال مهرجان الشيخ زايد التراثي يسير قدماً من نجاح إلى آخر، متفوقاً على نفسه في استقطاب آلاف الزوار والضيوف إلى فعالياته المتنوعة، والمتجددة، باعتباره المشروع الطموح الذي يحافظ على الهويات الثقافية، والحضارات الإنسانية، وفق نهج يقوم على مبادئ التسامح والتّسامي والنّبل في احترام الإبداعات الإنسانية، المتمثلة في أجنحة المعرض، وجناح الجمهورية الجزائرية يمثل واحداً من الأركان المفصلية التي تحقق إقبالاً جماهيرياً استثنائياً وغير مسبوق. زيوت عطرية وصابون الركن الذي تديره الشابة الجزائرية سكينة علي يمكن وصفه باللوحة التشكيلية النّادرة، وأول ما يلفت انتباهك هو جلوسها أمام «الرّحى»، أو الطاحون الحجري التقليدي، لتعصر من خلاله بذور ثمار الأرغان واللوز التي سرعان ما تتحول إلى زيوت عطرية، أما اللافت أكثر هو إصرار سكينة على ارتدائها للزي الأمازيغي، تثميناً لهذا الزّي النسائي الجميل والبديع، الذي يحكي جانباً من حضارة الأمازيغ أو «تمازغا»، ويتكون بحسب سكينة علي، من غطاء الرأس وهو عبارة عن أكسسوارات من الحلي الفضية التقليدية، وتسمى «النّقرة»، ثم ارتداء البرقع الأبيض، وتنورة سوداء مطرزة بألوان زاهية وقفطان، ليشكل في النهاية تحفة فنية متناغمة من حيث التصميم والتطريز والحياكة اليدوية والألوان. كما أن هذه الشابة ووالدتها محترفتان في مهنة صناعة الصابون الطبيعي من الأعشاب الطبيعية وحليب الإبل، وأشارت إلى نخبة من الأنواع المعروضة، مثل صابون «عكر فاسي، صابون زيت الأرغان، صابون زيت السدر»، وغيره، ما يدخل ضمن دائرة المشاريع المنزلية الصغيرة التي تدعم وتحمي الحرف والمهن التقليدية. سكينة علي أمام زيوت عطرية بزيها الأمازيغي (تصوير: حميد شاهول) سكينة علي أمام زيوت عطرية بزيها الأمازيغي (تصوير: حميد شاهول) عنبر العود غير بعيد من هذا الركن، يصادفك ركن جميل وبديع يعرف باسم «محل عنبر العود»، الذي يديره صبري رسلان، ويعرض نخباً من العطور المصنعة من مواد يتم استيرادها من الإمارات وروسيا وفرنسا، ومن أهمها كما ذكر رسلان، عطر أشعار طبيعي برائحة خشب الصندل، ثم بخور هند المصنع من مسحوق العود، ولديه أشياء كثيرة مثل العود الهندي، عطر مبخر، مسك البتشولي، وهو مستخرج من زهرة بالاسم نفسه، تنبت في اليونان، ولهذه الزهرة زيت عطري لديه صفات مضادة للاكتئاب، ومن المعروف أن هذا الزيت يساعد في رفع مستوى المزاج، ويدفع إلى الاسترخاء، وله تأثير على هرمونات السيروتونين والدوبامين في الجسم. ويؤكد رسلان أن عطر أشعار طبيعي هو من أكثر معروضاته مبيعاً واهتماماً من جمهور المهرجان، وسعر الزجاجة ذات الـ60 ملم يصل إلى 50 درهماً، بحسم يصل إلى 50 %، تشجيعاً للمنتجات والصناعة الجزائرية. منتجات فلسطين يحتضن الجناح الجزائري ركناً لفلسطين، ممثلاً بمحل غصن الزيتون، حيث أخبرنا سليم البراوي أنه أحضر لجمهور المهرجان معظم ما تنتجه جبال فلسطين، وبخاصة طولكرم من زعتر وزيتون وزيت زيتون وأعشاب طبية مثل المرمية والبابونج، مشيراً إلى أن أعشاب سنابل النصر هي الأكثر مبيعاً، وهي عبارة عن زهرات متنوعة لراحة الأعصاب ومشاكل المعدة، هذا إلى جانب عرض نخبة من اللباس الفلسطيني التقليدي، والتطريزات التي تزين الأثواب النسائية عادة، وبخاصة الثوب الأسود الطويل بتطريزاته ذات اللون الأحمر القاني، وقال البراوي: «نحاول من خلال مشاركتنا في المهرجان إبراز جانب من مكونات الثقافة والهوية الفلسطينية». تمور سعودية ومن فلسطين إلى السعودية، حيث يدير إبراهيم خالد ركناً مخصصاً لعرض وبيع منتجات من التمور السعودية الفاخرة، ومنها «الصقعي، السكري، خلاص، شيشي، نبتة سيف، خضري، مبروم المدينة» وغيرها، هذا إلى جانب معروضات من المعمول بالتمر، ويتم تصنيعه في منطقة القصيم، وقال إبراهيم خالد: «التمور السعودية ذات جودة عالية، ولها شهرة عالمية كبيرة، وتعد المملكة من أكبر الدول المنتجة والمصدرة للتمر، وهناك طلب متزايد على التمور عالمياً، حيث إنها فاكهة مميزة، ومذاقها حلو ولذيذ، كما أنها تحتوي على الكثير من العناصر الغذائية والفيتامينات المهمة لجسم الإنسان، وفي المهرجان، تجد هذه التمور إقبالاً كبيراً من قِبل الجمهور». «شيخ الشيوخ» المغربية بشرى بوعجاجي، صانعة عطور ماهرة، ومشروعها الصغير ينطلق من منزلها في الإمارات لإنتاج نخبة من العطور الطبيعية، منها كما ذكرت، «أوتار العود، عطر الشيخ عبد الله، مسك الرمان وهو معطر للجسم، ومسك العرسان، ودخون غلا زايد، وعطر شيخ السيوخ وهو عبارة عن عطر عربي فرنسي مخلوط بالمسك»، هذا إلى جانب اللبان المعطر واللبان باللافندر، واللبان بالزعفران. وترى بشرى أننا لسنا بحاجة إلى العطور ومقومات الجمال من الخارج طالما نحن قادرون على إنجاز مثل هذه الصناعات التي تحافظ على موروثنا الشعبي. منتجات متنوعة في الجناح الجزائري منتجات متنوعة في الجناح الجزائري هوية عربية وإسلامية الجزائر العاصمة، أو «ألجي» كما يطلق عليها سكانها، هي مدينة كولونيالية بحرية كبيرة، قد نلاحظ بها أن العمران يتآكل بمرور الزمن والرطوبة، لكن هذا التآكل يفتن زائرها، وقد ينتهي به المطاف إلى التسكع بين أبواب العمارات «الهوسمانية»، لمشاهدة تفرّد كل عمارة من الداخل والخارج، والتماثيل المنحوتة فوق المداخل وعلى الدرج، والمصاعد الغريبة الشكل التي لم تعد تقوى على الصعود والنزول، والزجاج الملون في كل باب، ورائحة الرطوبة، وكأن الزائر قد دخل باخرة. وترتبط الجزائر مع المغرب عن طريق مدينة وهران التي تقع على البحر الأبيض المتوسط، وقد حكم الجزائر سلالات مختلفة عندما كانت تحت سيطرة الحكم العثماني، ثم استقلت فترة قصيرة بعد تحررها من العثمانيين. وفي عام 1830م وقعت تحت سيطرة الاحتلال الفرنسي، وقد قاوم الشعب الجزائري هذا الاحتلال ولكن استطاع الفرنسيون القضاء على المقاومة عام 1847م وجعلوا الجزائر جزءاً من فرنسا وتمتعوا بثرواتها وخيراتها، إلّا أن الحركات القومية التي انتشرت في منتصف القرن العشرين، والتي كان يقودها الجزائريون الذين عاشوا في فرنسا أدّت إلى نشوب حرب الاستقلال عام 1954م والتي انتهت باستقلال الجزائر، وبالرغم من ذلك بقي تأثير الاستعمار الفرنسي موجوداً بقوة بين الشعب الجزائري، الأمر الذي دفع البلاد إلى محاولة استعادة هويتها العربية والإسلامية، والنهوض بالمستوى المعيشي.

مشاركة :