حالة الذهول والترقب والإرتباك المعنونة بالتحول الاجتماعي الذي يعتبره البعض ضرورة للتطور الاقتصادي، والانتقال من حالة الدولة الريعية لدولة الإنتاج بالتوازي مع دولة التكافل التي تأخذ بأيدي الفقراء؛ لتوفير أدوات، وثقافة العمل المنتج، والتخلص من ثقافة الريعية التي يراها بعض الليبراليين، وقادة التحالف المدني أنها قد أضحت عبئاً على مقتضيات بناء الدولة الحديثة، ومنطلقاتها المتخمة بالأمل والقلق معاً، سيما وأن الموجع في الأمر يكمن في عدم اخذ المخاطر الأقليمية والدولية، والمؤآمرات التي تحاك ضد الأردن بأدوات خارجية وداخلية للأسف . قد أكون من أكثر المؤيدين لنوايا الرئيس، وبرامجه وبالذات في محاور الإصلاح السياسي، والإداري، وتعزيز النزاهة، وسيادة القانون، ومكافحة الفساد، ووضع قواعد وطنية، وأخلاقية لتكافؤ الفرص والمساواة، ولكني مع ذلك لا استطيع أخفاء بوادر القلق من مخاطر الانقلاب على ثوابت الدولة، وهويتها الوطنية، وحداء الأردنيين الذي لا يمكن القبول بغيابه، أو أن يَبّح مهما كان بريق المغريات لامعاً، أو مخاطر الثبات موجعة."البرجوازية السياسية" أصبحت تؤثر في السياسة، والاقتصاد، والتشريع، وحضورها طاغٍ مغلف بمصطلحات وطنية، وتمثيل شعبي باهت وبائس، وبات يثير تساؤلات مرعبة، وهي ذاتها التي تخلت عن "فلول الإرستقراطيين" في التمثيل الحكومي، والمؤسسات الأخرى، وأضحت تمارس حماية مصالحها بنفسها دون أي ضوابط وطنية حقيقية، وبالرغم من أنها لا تستهدف ضرب جوهر الهوية الوطنية، إلا أنها تستهدف أخلاقيات البناء الاقتصادي وهو ما يؤدي بالنتيجة لهدم الوطنية بدعوى أن مقدار الضريبة المدفوع يجب أن يقابله تمثيل مساوٍ؛ بعيداً عن أي اعتبارات وطنية أخرى.التوجهات "الليبرالية" التي تستهدف هدم القيم السلبية التي رافقت حكم بعض المحافظين، والمتمثلة في التوريث السياسي، والإنفاق الجائر، وبعض الممارسات السلبية مقبولة على أن لا تقترب إلى مستوى الجرائم التي ارتكبها بعض الليبراليين الجدد بحق الوطن، واقتصاده، سيما وأن أخطر ما يقلق الأردنيين هو الخوف من هدم القيم الإيجابية للدولة الاردنية، واستهداف شوكة الأردنيين في الحفاظ على الهوية، ومحاولة شيطنة بعض القوى الوطنية الصادقة، والمخلصة في التحذير من مخاطر العبث بثوابت الدولة، ومصالح الفقراء.الطريق الثالث هو ما نحتاجه والرضوخ لبعض مطالب "البرجوازيين" من خلال سطوتهم على مؤسسات يجري توظيفها – للاسف - في إخضاع الدولة بكل مؤسساتها؛ لخدمة أهدافهم، ومصالحهم، وضرب كل القوى الوطنية الحيّة التي تعكس وجع الأردنيين الحقيقي، وإعادة رسم الصورة النمطية لهؤلاء؛ من شخصيات وطنية لها وجهة نظر يجب الاستماع لها إلى نماذج لأشخاص خارجين عن القانون يتوجب اقصائهم من خلال تسميم صورة ابناء الوطن الناصعة بين اطراف العلاقة الوطنية الراسخة.اتمنى على الحكومة ان تعيد قراءة المشهد الوطني بواقعية وايمان، وان تحرص على التمسك بثوابت الدولة الأردنية، وهويتها المشرقة ، وفهم الخصوصية الوطنية التي يصعب النقاش الحادّ حولها، وان تعمل في الحدود الفاصلة ما بين حدود الأمل وثوابت الدولة وشعبها ومصالحها العليا، وتدرك حدود مرونة الحركة والعمل وفق تلك المحددات التي لا تحتمل العبث بها، فهذا الثرى الطاهر المقدس يستحق منا ان نختلف من اجله لا ان نختلف عليه....!!!
مشاركة :