من مقدمة المؤلّف للكتاب: «يضم هذا الكتاب مجموعة من الدراسات السياسية والأخلاقية والاجتماعية التي أنجزتها في بداية هذه الألفية الثالثة مرتبة بحسب تاريخ صدورها، وتعالج موضوعات في الحرب، والتربية، والتنوير، والثورة، والخير والعدل، والتعدد الثقافي. وتقدم تصوراً منهجياً قوامه تحديد المفاهيم، والاعتماد على النصوص الفلسفية، وقراءتها قراءة تحليلية نقدية. وعلى هذا الأساس درست في الفصل الأول مسألة الشمولية والحرية، بحيث حللت المفهومين، ثم ناقشتهما عند ثلاثة فلاسفة معاصرين هم: كارل بوبر، وحنة ارندت، وميشيل فوكو، مع تأويلهم ضمن منظور ميراث التنوير، وبخاصة المنظور الكانطي القائم على قيم الحرية والتقدم والاستقلال الذاتي. وعالجت في الفصل الثاني، موضوعاً مطروحاً علينا في العالم العربي بإلحاح ألا وهو موضوع الحرب والحرب العادلة والإرهاب، وفحصته عند فيلسوفين معاصرين هما الفيلسوف الأميركي ميخائيل ولزار وفيلسوفة الأخلاق الفرنسية مونيك كانتو- سباربر. وتناولت في الفصل الثالث مسألة تجديد المنظومة التربوية والتعليمية من خلال العلوم البينية، وأثر ذلك على التطور الحضاري في زمن العولمة، وذلك من خلال مناقشة المقاربة الجديدة التي قدمها الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي ادغار موران. وحللت في الفصل الرابع، وبطريقة تاريخية مفصلة نسبياً موضوعي التنوير والثورة كما يتجليان فى مدينة باريس، بحيث تتبعت تاريخياً وفلسفياً هذه العملية الثقافية التي طبعت العصر الحديث، والتي لا تزال تؤثر في إيجابياتها وسلبياتها على مختلف المجتمعات المعاصرة. وطرحت في الفصل الخامس مسألة العلاقة بين الخير والعدل في الفكر الأخلاقي والسياسي المعاصر، وذلك من خلال المنظور الكوني والخصوصي مع تقديم إمكانية قيام خط ثالث يجمع بين التوجهين. وناقشت فى الفصل السادس والأخير مفهوم التعدد الثقافي بوصفه شكلاً من أشكال التجديد في الفلسفة الاجتماعية والسياسية المعاصرة. وإذا كانت هذه الدراسات تطرح بالدرجة الأولى المشكلات الأساسية فى الفلسفة السياسية والاجتماعية المعاصرة، وبخاصة قضايا الشمولية والحرية، والحرب والحرب العادلة، والتنوير والثورة، والخير والعدل، فإننا قد حاولنا أن نقدم بعض الملاحظات النقدية الأساسية التى تسمح لنا بمعرفة حدود الآراء المطروحة هذا من جهة أولى، وأما من جهة ثانية، فإننا نعتقد أن ما قدمناه الأخير يعد بديلاً ممكناً وحلاً واعداً لجملة المشكلات السياسية والاجتماعية التي نواجهها، وأقصد بذلك الإصلاح التربوي الذي يعد مقدمة أساسية لأي إصلاح سياسي واجتماعي، ثبتت جدارته في عدد من الدول المعاصرة، وبخاصة في ما أصبح يعرف بالتجربة الآسيوية، وكذلك أهمية المنظور التعددي للثقافات الذي يمثّل أفقاً لتجديد التفكير الفلسفي والاجتماعي في عصرنا.
مشاركة :