بين أفراح التأهل إلى الدور الثاني ودموع الوداع المبكر، حكايات جديدة تظهر على السطح لتترك بصمة كبيرة في البطولة، ورصدنا عدداً من الظواهر، سواء كانت فنية أو تنظيمية، في المدرجات أو الملعب، إلا أنها الأبرز على مدار 24 مباراة من البطولة. تأتي في المقدمة الحضور الجماهيري في المدرجات، والذي حطم كل الأرقام مقارنة بالنسخ السابقة، وما تبعه من تحقيق رقم قياسي في المتابعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وأيضاً ظاهرة إقالة المدربين، وانتفاضة الصغار في وجه الكبار، وأخطاء الحكام، ودخول علي مبخوت لاعب منتخبنا قائمة «توب 5»، وأيضاً «شكراً الإمارات» التي كتبتها المنتخبات بكل اللغات. الجمهور فاكهة المدرجات تصدر جمهور البطولة المشهد الأول في الحدث القاري الكبير، وفاق كل التوقعات في حضور المباريات، ولعل الإحصائيات التي أشارت إلى أن الحضور الجماهيري في أول جولتين بلغ 240 ألف متفرج من إجمالي يزيد عن 370 ألفاً بالدور الأول، من بينها 33 ألفاً في حفل الافتتاح، كما حضر مباراة منتخبا والهند 43 ألفاً، وتركت الجماهير العراقية والسورية والفلسطينية والأردنية بصمة كبيرة، من خلال الوجود الكبير مع مظاهر الاحتفالات، والأهم أن الجماهير زحفت خلف منتخباتها من مدينة إلى أخرى، من أجل مؤازرتهم. رقم قياسي لـ «السوشيال ميديا» نستطيع أن نطلق على النسخة الحلية بأنها بطولة مواقع التواصل الاجتماعي «السوشيال ميديا»، نظراً للتطور الكبير الذي لحق بالإعلام الرقمي في السنوات الأخيرة، وتعد البطولة الأبرز عن كل البطولات السابقة في التناول الإعلامي، وبعيداً عن الأرقام التي سبق وأن أعلن عنها الاتحاد الآسيوي على حساباته الخاصة فقط، والتي كشفت عن أعداد كبيرة من المتابعين وصلت إلى 122 مليوناً في الأسبوع الأول من البطولة، وهو ما يؤكد أن الحدث على موعد مع رقم قياسي جديد لم يتحقق من قبل. المثير أن مواقع التواصل الاجتماعي تتلقى عدداً كبيراً من الصور والفيديوهات عن البطولة، بجانب قيام جهات عديدة بعمل حسابات للبطولة، بخلاف حسابات الاتحادات التي يشارك منتخباتها في البطولة. غياب النجم الأوحد والأداء الجماعي والتكتيك الدفاعي والانضباط شعار كل المنتخبات خلال الدور الأول، وهو ما لم يمنح اللاعبين المرشحين للظهور في ترك بصمة خلال المباريات، وغاب النجم الأوحد الذي ينقذ فريقه أو يمنحه فوزاً مستحقاً بمهارة فردية، ولعل الأدوار الأولى في كل البطولات تمثل مرحلة المطبات الصعبة على المدربين، بسبب الخوف من الخروج المبكر، وربما تختلف الأدوار النهائية في التعامل مع المباريات، خاصة أنها تقام بنظام خروج المغلوب، إلا أن هذا لا يقلل من نجوم ظهروا مع الأداء الجماعي، مثل مهند علي لاعب العراق، وموسى التعمري لاعب الأردن، وكلاهما لم يكن مرشحاً للبروز في الحدث. الغريب في الأمر أن البطولة فيها عدد كبير من اللاعبين المحترفين في دوريات خارجية، سواء دوريات أوروبية، أو آسيوية، وعربية، ورغم ذلك لم يظهروا في الكادر، خاصة لاعبي اليابان وكوريا الجنوبية المحترفين في أوروبا. عبارات الشكر في غرف المنتخبات بالملاعب (الاتحاد) عبارات الشكر في غرف المنتخبات بالملاعب (الاتحاد) أخطاء «قضاة الملاعب» أصبحت أخطاء الحكام أحد ظواهر الدور الأول، بعد الشكوى المتزايدة من القرارات في عدد من المباريات، للدرجة التي وصلت إلى تقديم شكوى للاتحاد الآسيوي ضد الحكام بسبب قرارات قرارات «قضاة الملاعب»، منها ما حدث من الحكم الماليزي محمد أميرول في مباراة عُمان واليابان، وتقوم لجنة الحكام بالاتحاد الآسيوي بتصفية الحكام بعد الدور الأول بناء على تقارير المراقبين في الوقت الذي تبدأ في تطبيق تقنية الفيديو «الفار»، مع بداية ربع النهائي، في محاولة للخروج بالبطولة إلى بر الأمان تحكيمياً ودون اعتراضات من المنتخبات. والأبرز أيضاً مشاركة طاقم حكام من كونكاكاف بقيادة الحكم المكسيكي سيزار أروتور للمرة الأولى في كأس آسيا، ضمن برنامج التبادل بين اتحادي القاريين. مبخوت في «توب آسيا» دخل علي مبخوت قائمة أفضل الهدافين في تاريخ آسيا من بوابة «الإمارات 2019»، بعدما رفع رصيده على 7 أهداف، حيث سجل هدفين في الدور الأول، في شباك الهند وتايلاند، بجانب تسجيله 5 أهداف في النسخة الماضية «أستراليا 2015»، والتي نال بها لقب هداف البطولة. وتجاوز مبخوت بفضل أهدافه السبعة، السعودي ياسر القحطاني، والأسترالي تيم كاهيل، في قائمة أفضل الهدافين التاريخيين لكأس آسيا، ليرتقي إلى المركز الخامس، بالتساوي مع الرباعي الكويتي فيصل الدخيل، والكوري الجنوبي شوي سوون هو، والإيراني حسين كلاني وبهتاش فاريبا. ولازال أمام مبخوت فرصة كبيرة للانتقال إلى المركز الرابع في مباراة المنتخب المقبل أمام قيرغيزستان، أو على الأقل الانفراد بالمركز الخامس. ويتصدر الإيراني علي دائي القائمة برصيد 14 هدفاً، مقابل 10 أهداف للكوري الجنوبي لي دونجك كوك صاحب المركز الثاني، والياباني ناوهيرو تاكاهارا في المركز الثالث برصيد 9 أهداف، مقابل 8 أهداف لثنائي المركز الرابع الكويتي جاسم الهويدي، والعراقي يونس محمود. سباق كرم الضيافة على صعيد التنظيم، حصدت المجموعات الأربع في أبوظبي ودبي والعين والشارقة إلى العلامة الكاملة في التنظيم باحترافية عالية وبشهادة الاتحاد الآسيوي الذي يعمل جنباً إلى جنب مع اللجنة المنظمة المحلية ويرصد كل صغيرة وكبيرة، ولعل خبرة كوادرنا الوطنية في تنظيم البطولات المحلية دفع بها إلى البحث عن التألق والإجادة بأكثر مما طلبه الاتحاد الآسيوي. وتتنافس المجموعات على كرم الضيافة بداية من استقبال المنتخبات في المطارات وأيضاً الفنادق بالورود، وتقديم واجبات الضيافة في الوقت الذي نظمت المجموعات رحلات سياحية للوفود المشاركة في البطولة، كنوع من الترفيه لهم والخروج من ضغط المباريات بجانب إقامة مباريات ترفيهية لأعضاء الاتحاد الآسيوي واللجنة المنظمة. تنظيف غرف الملابس كان المشهد الأبرز في البطولة قيام عدد من جماهير المنتخبات المشاركة بتنظيف المدرجات، بعد انتهاء المباريات في بادرة حضارية تؤكد مساهمة الجمهور في التنظيم، وإن كان هذا المشهد تكرر في مونديال روسيا، وغيرها من البطولات إلا أن مجرد حرص الجمهور على تنظيف المدرجات هو تأكيد على السلوك الحضاري. لم يكن الجمهور فقط الذي ظهر في هذا المشهد، وأيضاً لاعبو المنتخبات المشاركة الذين يحرصون على تنظيف غرف الملابس قبل الخروج منها، وفي مقدمتهم المنتخب الياباني الذي يقدم صورة رائعة في الملعب والمدرجات وغرف الملابس. شهادة نجاح وسط ترتيبات واستقبال الوفود والضغوط التي تعيشها اللجنة المنظمة من أجل الوصول بالحدث إلى بر الأمان، من خلال تنفيذ تعليمات الاتحاد الآسيوي في كل مكان، كانت الكلمة الأبرز من المنتخبات والحكام كنوع من رد الجميل هي كتابة كلمة «شكراً» على اللوحات الموجودة في غرف الملابس بكل لغات المنتخبات، وأن لجأ بعضهم لكتابة «شكراً» باللغة الإنجليزية، وهي شهادة نجاح على صدر كل عضو في اللجان العاملة بالبطولة، وشهادة لكل من ينتمي إلى الإمارات.
مشاركة :