كثيرون منا بدأوا عام 2019 متعهدين بأن يكون هذا العام هو العام الذي نبدأ فيه أخيرا خطة استثمارية طويلة الأجل. الانكماش الأخير في الأسواق يثير قلق المستثمرين الأكبر سنا، لكنه يحفز الشباب على العمل. أعرف ذلك من خلال ارتفاع البحث في "جوجل" عن المقالات التي تتناول كيفية بدء الاستثمار. هل أنت واحد منهم؟ الآن تجاوزنا منتصف كانون الثاني (يناير). شعار "العام الجديد، الاستثمار الجديد أنت" ربما يجعلك تشعر بالذنب بدلا من الزهو. لكن لا ينبغي لك ذلك. عندما يتعلق الأمر بالبدء في الاستثمار، فإن الإخفاق في اتخاذ القرارات قد لا يكون خطأك بالكامل. بمجرد البحث في "جوجل" عن "البدء في الاستثمار"، حتى على المواقع الأكثر ملاءمة للمستهلك، ستحصل على عبارات محيرة. مصطلحات مثل منصة، والإدارة النشطة، ومستشار روبو (روبوتي) لا علاقة لها بمحطات السكك الحديدية، أو اللياقة البدنية، أو الروبوتات الفعلية. إنها لغة صعبة التعلم. فمع أن جوانب التمويل الشخصي أدرجت في المناهج الدراسية، إلا أنه نادرا ما تكون هناك أي تغطية للاستثمار - إلا إذا كان لديك مدرس متحمس يثير حماسك لمسابقة Shares4Schools لطلاب الصف السادس. لكن الفصول الدراسية ليست المكان الذي نتعلم فيه كيفية الاعتناء بسيارة، أو إصلاح السباكة، أو شراء منزل. مع ذلك، كثير منا ينجح في العمل على هذه الموضوعات من أجل أنفسنا. إذن، ما الفرق مع الاستثمار؟ الجواب هو الطريقة الرهيبة التي تتواصل بها صناعة الاستثمار مع عملائها. كصناعة، أخشى أن نستمر في تحمل وترويج المصطلحات، لدرجة نحتاج فيها إلى صناعة موازية لتفسير ذلك كله. مثلا، تستعين مصارف الاستثمار بكُتاب لتقديم اللغة المتخصصة بطريقة ميسرة jargon busters - وهو أمر لا بد منه إذا كان سينظر إليك على أنك شركة استثمار محترمة. أقسام التمويل الشخصي تكتب في الصحف أدلة لتوضيح المصطلحات، غالبا ما ترعاها شركات الاستثمار. صناعة الاستثمار توظف مستشارين للعلاقات العامة والتسويق للمساعدة في التواصل مع العملاء بطريقة أكثر جاذبية. ومع ذلك، لا يزال الأمر يشكل حاجزا أمام البدء. بعض الناس ينتظرون حتى يتمكنوا من تحمل تكلفة مستشار مالي لشرح كل هذا لهم قبل البدء في الاستثمار. هذا يؤلمني لأن السر الأعظم للاستثمارات الناجحة هو "البدء مبكرا"، حتى لو كان باستطاعتك فقط وضع مبالغ صغيرة نسبيا. الصناعة تحاول تسهيل الأمور على المستثمرين الأصغر سنا والأقل خبرة. نصيحة "روبو" - المستشار الروبوتي الذي أشرت إليه آنفا - هي عبارة عن تجربة استثمار مبسطة يتم تقديمها رقميا تجمع خلالها خدمة الاستثمار عبر الإنترنت محفظة أساسية لك. يمكن للأشخاص الذين يشعرون بمزيد من الثقة استخدام منصة للاستثمار يستطيعون من خلالها شراء الأسهم الفردية والصناديق - وسيجدون الكثير من التوصيات إذا وجدوا صعوبة في الاختيار. توصف بعض الصناديق بأنها "سلبية" لأنها تتبع مؤشرا ثابتا للأسهم، مثل مؤشر فاينانشيال تايمز 100. وأخرى "نشطة" لأن لديها مدير صندوق يختار بشكل انتقائي كيفية استثمار أموالك - وهي تتقاضى رسوما أعلى مقابل ذلك. نعم، بعض المصطلحات لا يمكن تجنبها بسبب متطلبات الامتثال والمتطلبات القانونية وفي نهاية المطاف الجهة التنظيمية. لكن من يدفع في النهاية؟ إنه العميل. يمكن لكُتاب المصطلحات أن يساعدوا في فهم الاستثمار، لكن هذا في حد ذاته لا يكفي. غالبا ما يكون الصحافيون الماليون مذنبين في استخدام الكثير من المصطلحات. يقول بعض أصدقائي إنهم لا يقرأون الصفحات المالية لأنهم "لا يفهمونها". نحن جميعا مشتركين في سوء الفهم هذا. لكن من الصعب الحصول على التوازن الصحيح. لقد ذكرت للتو مؤشر فاينانشيال تايمز 100. كان بإمكاني إضافة أن هذا هو مؤشر الأسهم لأكبر 100 شركة مدرجة في بورصة لندن. لكنني قلقة من أن هذا النهج إما سيزعج المستثمرين المخضرمين، أو أن "الإفراط في التوضيح" سيجعل الأمر أكثر صعوبة للوصول إلى نهاية مقال عن الاستثمار. الموقع الاستهلاكي "بورينق موني" Boring Money اسم على مسمى (يعني الاستثمار الممل) يلخص الشعور الذي يمر به كثير منا بشأن التعامل مع مواردنا المالية الشخصية. وجد بحث أجراه الموقع أن الشيء الوحيد الذي يمكن أن تفعله الصناعة لتشجيع مزيد من الناس على البدء في الاستثمار هو التحدث عن الأشياء بـ "لغة إنجليزية بسيطة". التحدي الجيد هو شرح الاستثمار بلغة يفهمها أطفالنا. هولي ماكاي، مؤسسة شركة بورينق موني، وجدت نفسها أخيرا تفسر مبدأ الاستثمار لابنها البالغ من العمر عشر سنوات. تقول: "لديه وكالة مبتدئة صغيرة، تستثمر في مزيج من الأسهم العالمية". وتضيف: "عندما أخبرته أنه يملك حصة من أبل، كانت عيناه ستنفجران تقريبا من أوهام العظمة المؤقتة. اضطررت إلى تفجير الفقاعة بشكل طفيف من خلال شرح آخر مفاده أنه إذا كانت أبل شخصا، فسيملك رمشا واحدا من بين 100. لكنك تحصل على نقطة - في جوهرها، مفهوم الاستثمار هو التشارك". كثير من المصطلحات المتخصصة نشأت في عصر كان يتم فيه "تفسير" الاستثمارات لنا عن طريق سماسرة اختياريين أو مستشارين ماليين يتقاضون عمولات دسمة. في كثير من الأحيان، أخذ العملاء نصيحتهم دون أن يطلبوا مزيدا من التوضيح. لحسن الحظ، ولت تلك الأيام. الآن أكثر الناس يستثمرون، ولا سيما المبتدئين، هم بأنفسهم لأن التكنولوجيا جعلت الأمر أكثر سهولة، وإصلاح صناعة الاستشارات المالية أدى إلى زيادة كبيرة في التكاليف. فيما يلي بعض الأمثلة على كيفية تمكن الصناعة من إرباك عملائها. مستثمر مبتدئ طلب مني أن أشرح الفرق بين مختلف قطاعات الصناديق. وكان قد صادف صناديق تسمى "العالمية" وأخرى تسمى "دخل الأسهم العالمية" وأراد معرفة الفرق. أصبح من الواضح أنه قبل محاولة اختيار قطاع ما، يحتاج إلى فهم الفرق بين الاستثمار من أجل النمو (يعني بشكل أساسي ارتفاع سعر السهم) والاستثمار في الدخل العادي (يعني بشكل أساسي مستوى الأرباح التي ربما تدفعها تلك الأسهم). حاولت إجابته، مع التأكيد على أنه يجب عليه أن يتحداني أن أزيد في التوضيح إذا كان لا يزال مشوشا. مبتدئ آخر حدد صندوقا للاستثمار فيه، لكنه شهد في صحيفة حقائق الصندوق أن مستوى الاستثمار الأدنى في الصندوق يبلغ مليون جنيه استرليني. كان يعتقد، بشكل خاطئ، أنه غير قادر على الاستثمار فيه. أوضحت أن هذا هو الحد الأدنى لمستوى الاستثمار لمنصة التداول لشراء كميات كبيرة ومن ثم نقلها للمستثمرين الأساسيين في كميات أصغر. في الواقع، كان الصندوق متاحا على كثير من المنصات الاستثمارية، بدءا من 25 جنيها في الشهر. كل المستثمرين اعتقدوا أن هذه كانت "أسئلة غبية". هم حقا لم يكونوا كذلك. لقد حان الوقت للبدء في طرح مزيد من هذه الأسئلة. يسعدني أن أحاول تقديم إجابات لك في عمود FT المقبل. وأشجع أي مبتدئ على التواصل، إما عن طريق تويتر، أو عبر البريد الإلكتروني money@ft.com وأن تكتب في خانة الموضوع "أسئلة غبية". فقط من خلال طرحها عليهم ستتمكن من تغيير الصناعة
مشاركة :