تضمنت الشريعة الإسلامية مجموعة قواعد تحمي المستهلك من نفسه بالدرجة الأولى، ثم من المنتج والتاجر الوسيط، وكذلك من ولي الأمر، وفي تطبيقها خير للمنتج والمستهلك وللفرد والمجتمع، وكان حرص الحضارة الإسلامية واضحًا على توفير الحماية اللازمة للمستهلك في كل المجالات، وقد تمثّلت الحماية في النصوص الشرعية: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ} بدءًا من حمايته من نفسه، وعرف مبدأ حماية المستهلك في التاريخ الإسلامي وفي النصوص الشرعية عن طريق تحريم الغش ومتابعته في الأسواق (من غش فليس منّا) أيضًا حرَّمت تجارة وعقودًا قد تؤدي لممارسات غير عادلة (لا يبع بعضكم على بيع بعض) والعقود غير الواضحة النتائج (كبيع الثمر على الشجر قبل أن يبدو صلاحه) واعتمدت مبادئ منها إزالة الجهالة المفضية للتنازع من شروط العقد أو صفة البضاعة، كما عرفت حماية المستهلك على النطاق العملي الرسمي والشعبي بالحسبة، ووفق مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولعل تعريف حماية المستهلك الأقرب إلى الشمول الذي جاء في «ويكيبيديا» أنه نوع من التنظيم الحكومي والأهلي العامل على حماية مصالح المستهلكين، فمثلاً قد تطلب الحكومة من قطاع الأعمال أن يكشف معلومات مفصلة عن المنتجات، وخصوصًا تلك المتعلقة بقضايا السلامة، أو الصحة العامة، كمنتجات الغذاء. أو هي خدمة توفرها الحكومة أو المجتمع المدني بجمعياته المختلفة ذات الاختصاص لحماية المستهلك من الغش التجاري أو استغلاله بصورة غير مشروعة أو سوء تقديم خدمة ما عن طريق الاحتكار أو الإذعان لظرف ما. وترتبط حماية المستهلك بفكرة حقوق المستهلك (أي أن المستهلكين يملكون حقوقًا متعددة باعتبارهم مستهلكين). كما ترتبط بتشكيل منظمات المستهلكين التي تساعد المستهلك على اتخاذ الخيارات الأفضل في الأسواق. ويمكن حماية مصالح المستهلك عبر تشجيع التنافس في الأسواق الذي يخدم المستهلك مباشرة وغير مباشرة، ويتفق مع الفعالية الاقتصادية الجيدة ولكن هذا العنوان يدرس تحت قانون التنافسية. وقد ألّفت الكتب وأقيمت الندوات والمحاضرات من أجل خدمة المستهلك وحمايته وبالتالي خرجت بتوصيات، اعتمادًا على آليات حماية المستهلك في الاقتصاد الإسلامي!! ولأن التوصيات مجرد حبر على ورق، يلغي اللاحق منها السابق، أتساءل هل أمكن فعلاً حماية المستهلك الحماية التي ترضيه وتحفظ له حقوقه!؟ أم أنها مجرد مُخدر وماء يغلي في القدر يتوهم الأطفال أنه طعام، فإذا ما امتد زمن الغليان نام الأطفال عن ذلك القدر جياعًا!؟. أو من هو المستهلك في السعودية؟ وكيف يمكن حمايته؟ وهل اشتغلوا فعلاً على حمايته وبالتالي تحققت الحماية!؟ متابعة متواضعة للسوق السعودي، لحال المستهلك فيه يمنح معلومات مستفيضة إن كان تمت حمايته أم لم تتم. غلاء الأسعار، الغش التجاري، الفوائد البنكية، السكن، تدنى مستوى المعيشة. وحتى لا استرسل واستهلك الزاوية التي هي حق للمستهلك القارئ أعود قليلاً إلى الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة، لـ المبادئ التوجيهية لحماية المستهلك في (16 أبريل 1985م)، عندما حددت ثمانية حقوق للمستهلك هي: 1- الحق في إشباع احتياجاته الأساسية، 2- الحق في السلامة، 3- الحق في أن يستمع إليه، 4-الحق في الاختيار، 5- الحق في إعطائه المعلومات، 6- الحق في الإنصاف والتعويض، 7- الحق في التعلم والتثقف (استهلاكيًا)، 8- الحق في بيئة صحية. هل هذه الحقوق تم توفيرها للمستهلك السعودي!؟ ماذا عن جون كنيدي الرئيس الأمريكي السابق وخطابه في 15 مارس 1962م وقد أوجز فيه رؤيته لحقوق المستهلك هي المرة الأولى التي يصل فيها ملف حقوق المستهلك إلى المنصات السياسية، حيث أكَّد جون كنيدي على أن المستهلكين هم أكبر مجموعة اقتصادية تؤثر وتتأثر بالقرار الاقتصادي، مؤكدًا في الخطاب نفسه على أنها المجموعة التي (لا تُسمع وجهة نظرها) على الرغم من أهميتها! نتجاوز الذي قاله كينيدي ونتجه بأبصارنا صوت ملك انتقلت إليه السلطة بسلاسة وراحة واطمئنان من ملك قبله. أعني انتقالها من الملك عبد الله رحمة الله عليه إلى الملك سلمان أطال الله في عمره وأيده، انتقال أثلج صدورنا بالتالي طمأننا، طمأن الشعب السعودي أن الأوضاع إلى الخير تسير، خصوصا أن هذا المواطن يشكل جزءاً من المنظومة الاستهلاكية في الدولة.
مشاركة :