حصد لبنان مزيداً من التفجّر السياسي الداخلي من القمّة العربية الاقتصادية والتنموية التي اختتمت في بيروت الأحد الماضي، على خلفية تبادل الاتهامات بالوقوف وراء تفويت فرصة عودة لبنان إلى الخريطة الإقليمية من بوابة القمّة العربية. وقد لاحت في الأُفق، خلال الأيام الماضية، مؤشرات على اشتباك سياسي حاد ستشهده لبنان، وسيزيد من حدته الخلاف المستحكم حول ملف التشكيل الحكومي، منذ تكليف رئيس الوزراء سعد الحريري في 24 مايو الماضي. وأسس لهذا الاشتباك، الخلاف بين المسؤولين على جدوى انعقاد القمة، إذ انقسموا بين مؤيّد معوّل عليها في رسم مستقبل البلاد والثقة العربية به، ومعارض نادى بتأجيلها، باعتبار أنّها تنعقد في ظل وضع عربي ملتبس، وعدم تعويل عليها في تقديم شيء للبنان في ظل هذه الظروف. وعلى كثرة الدروس والعبر التي تمّ استخلاصها من القمّة التي استضافها لبنان، وما أظهرت من هوّة سحيقة بينه وأشقائه العرب كما يرى مراقبون، عاد ملف التشكيل الحكومي، إلى صدارة المشهد السياسي الداخلي المتشظّي، جرّاء المواجهة التي اندلعت قبيل القمّة، وسط مخاوف من تعقيدات أكبر على الملف الحكومي المحاصر بالشروط والشروط المضادة، لاسيّما وأن ما رشح من معلومات لا يزيد غيوم التشاؤم بإمكانية تجاوز المأزق، مع توقعات باحتدام المواجهة بين الرئاستين الأولى والثانية. أزمة وعلى الرغم من أنّ القمّة العربية حجبت الاهتمام عن ملف تأليف الحكومة، إلاّ أنّّ الأجواء المحيطة، ووفق ما عكستها مصادر مطلعة توحي بـ «انسداد قاتل»، في ظلّ وجود مناخين متناقضين: أولهما متفائل بالتوافق على تأليف الحكومة، قبل اجتماع وارسو لتشكيل تحالف دولي لمواجهة إيران، بناءً على دعوة الولايات المتحدة، فيما الثاني متشائم ويتوقع أن تطول الأزمة الحكومية أكثر، لاسيّما إذا ما صحّ أنّ واشنطن وحلفاءها يحضّرون مشروع حرب ضد إيران وحلفائها، يمكن أن تطال لبنان في جانب منها. وفي خضمّ هذا الواقع، الذي دخلت عليه كل العوامل الخارجية، بات من المؤكّد أنّ لبنان عاد إلى التموضع في هذه المحطة الخلافيّة التي استمرت نحو ثمانية أشهر حتى الآن. ويشير مراقبون إلى أنّ هذا المناخ الملبّد بالخلافات الحادة المتحكمة في تعطيل التشكيل الحكومي مرشّح لإضاعة المزيد من الوقت. عودة اهتمام ومع طيّ بيروت صفحة القمّة العربية الاقتصادية، وما رافقها من جدل حول مستوى التمثيل والمواضيع الخلافية على جدول الأعمال، عاد الاهتمام السياسي إلى ملف تأليف الحكومة من ثلاجة الانتظار والجمود، ولكن هذه المرة من باب تفعيل حكومة تصريف الأعمال، مع تواتر الحديث داخلياً على لسان أكثر من طرف، وخارجياً على لسان وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية ديفيد هيل خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت. وأكّدت مصادر مطلعة لـ«البيان»، أنّ ملف التشكيل الحكومي سيكون مدار بحث، بهدف التوافق على تحديد موعد لجلسات الضرورة الحكومية، لاسيما وأنّ الأجواء الإقليمية والدولية المحيطة، فضلاً عن الأجواء المحلية، لا توحي بإمكان تمرير التأليف بسلاسة، في ظل الصدام المستعر بين واشنطن وطهران، والذي يبدو أنّه مرجّح للتفاقم على الساحة اللبنانية، مرحّلاً الحكومة اللبنانية إلى الربيع المقبل على أقل تقدير. ملء فراغ بدورها، شدّدت مصادر وزارية لـ«البيان»، على ضرورة استمرار حكومة تصريف الأعمال بمهامها من أجل ملء الفراغ الذي تعاني منه البلاد، مع استمرار بذل كلّ الجهود من أجل تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، باعتبار أنّ هذا الأمر يُعتبر أولويّة قصوى. وأشارت المصادر ذاتها، إلى أنّ رئيس الوزراء المكلّف سعد الحريري، وبالتنسيق مع رئيس الجمهورية، سيكثّف تحرّكاته باتجاه حلّ الأمور المحلية العالقة، وإيجاد السبل الممكنة للخروج من دوّامة الجمود الحكومي، بعد أن ألغى مشاركته في «مؤتمر دافوس».طباعةEmailÙيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :