أثار الظهور الإعلامي للمعارض السياسي المصري الدكتور محمد البرادعي، نائب الرئيس السابق، حالة من الغضب بين سياسيين وإعلاميين موالين للنظام، وشن عدد كبير منهم حملات دعائية مضادة، خشية عودته للمشهد السياسي مجددا مع حلول ذكرى ثورة «25 يناير»، (كانون الثاني) 2011، فيما أذيعت تسريبات لمكالمات هاتفية انتقد فيها البرادعي رموزا سياسية في البلاد إبان «ثورة يناير». وبدأ البرادعي أول من أمس (السبت) حوارًا تلفزيونيًا مطولاً يتناول فيه المشهد السياسي المصري، في أول ظهور إعلامي له منذ رحيله عن البلاد «مستقيلاً» قبل 3 سنوات، اعتراضا على فض اعتصامين لأنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي. ولمح البرادعي، في الجزء الأول من الحوار الذي تذيعه فضائية «العربي» على مدار 5 حلقات، إلى إمكانية عودته للعب دور سياسي خلال الفترة المقبلة، بعد ما سماه «ابتعاد لمدة 3 سنوات»، دون أن يوضح طريقة تلك العودة. وتنتهي الولاية الأولى للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منتصف العام المقبل. وكانت عودة البرادعي لمصر في مطلع عام 2010 بداية لتبلور جبهة معارضة للرئيس الأسبق حسني مبارك، انتهت بالإطاحة به في ثورة «25 يناير». وقال البرادعي في حواره: «ابتعدت عن العمل العام 3 سنوات بعد 16 سنة عمل عام، منها 12 في الوكالة الدولية للطاقة الذرية (1997: 2009) و4 سنوات في مصر (2010: 2013) حاولت خلالها نقلها من حكم سلطوي لحكم حر». وعن سبب مقاطعته الأوضاع في مصر، قال البرادعي الحائز على جائزة نوبل للسلام: «ابتعدت عن الحدة التي كانت موجودة... ولأعطي فرصة لوجهة النظر الأخرى لعلي أكون مخطئًا»، مضيفا: «كنت حزينًا لأنني كنت على صواب». ولعب البرادعي دورًا بارزًا في ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، التي أطاحت الرئيس «الإخواني» مرسي. وعين بعدها في الإدارة الانتقالية نائب رئيس للعلاقات الدولية، إلا أنه استقال من منصبه يوم 14 أغسطس (آب) 2013 ورحل إلى أوروبا عقب فض قوات الأمن اعتصامي «رابعة» و«النهضة» لأنصار مرسي، اعتراضًا على معالجة السلطات الأمنية للملف. وبالتزامن مع الحلقة الأولى لحوار البرادعي، بث الإعلامي أحمد موسى في برنامجه المذاع على إحدى القنوات الفضائيات عددا من المكالمات المسجلة له خلال الفترة التي أعقبت ثورة «25 يناير». وخلال تلك التسريبات وجه البرادعي انتقادات لبعض الشخصيات العامة والإعلامية واتهمها بـ«النفاق». فيما دشن عدد من مستخدمي موقع «تويتر» هاشتاغ بعنوان: «افضح البرادعي سليط اللسان»، تصدر قائمة الهاشتاغات الأكثر تداولاً في مصر لعدة ساعات. ورد البرادعي على تلك التسريبات في تغريدات متتابعة على حاسبه الرسمي بموقع «تويتر»، قائلا: «تسجيل وتحريف وبث المكالمات الشخصية إنجاز فاشي مبهر للعالم. أشفق عليك يا وطني». وواصل البرادعي انتقاده لبث مكالمته قائلا إن «التنصت على المحادثات الهاتفية الخاصة بالمعارضين السياسيين وبثها على شاشة التلفزيون، يعني أن الفاشية تطل بوجهها القبيح مرة أخرى». ودعا البرادعي إلى ضرورة احترام الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور، محذرا من التداعيات الدولية السياسية والاقتصادية جراء الاعتداء عليها. ويحظر الدستور المصري التنصت على المكالمات أو تسجيلها؛ حيث تنص المادة «57» على أنه «للحياة الخاصة حرمة، وهى مصونة لا تمس، وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة». ويدور الخلاف الرئيسي بين البرادعي والنظام الحالي حول إدارة ملف الأزمة مع «الإخوان المسلمين»، التي صنفتها السلطات جماعة إرهابية. وسبق أن دعا البرادعي إلى مصالحة عامة، تشمل «الإخوان». ويتخوف مؤيدو النظام الحالي من عودته وقيادته انتفاضة جديدة. وخلال حواره الأخير، تجاوب البرادعي مع حديث المحاور في أن يكون له دور في التغيير في مصر خلال الفترة المقبلة، لكنه قال: «لكن لست وحدي». وقال النائب مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، في تصريح له أمس، إن البرادعي يهدف من حديثه لتدمير الدولة المصرية وإحراقها، مشيرا إلى أنه بحديثه هذا «أصبح عضوًا رسميًا في جماعة الإخوان المسلمين». وفي بيان سابق، قال البرادعي إنه فضل الابتعاد عن العمل السياسي عام 2013 بعد أن «تلقى رسائل تحذيرية من أجهزة سيادية، تُخبرُه أن هجوم الصحافة والتلفزيون عليه كان مجرد تحذير، وأنها ستدمره إذا استمر في محاولات العمل للتوصل إلى فض سلمي للاعتصامات في (رابعة) وغيرها، أو صيغة للمصالحة الوطنية».
مشاركة :