ربما لا يعجبك كلامي وأقوالي .. لكنني لا أعرف لماذا آثرتُ الحوار معك لعلنا نصل لنقطة التقاء؟الله سبحانه وتعالى غني عمن ضل عن طريقه ، ورفض الاعتراف بوحدانيته ، وبأديانه السماوية المقدسة فلو لم تكن البشرية بحاجة لمرشد يرشدهم طريق الصواب لتركنا الله نحيا في هذه الدنيا كقطعان تقاتل بعضها البعض من أجل العشب والكلأ ، فلو دققت النظر يا من تركت طريق الله واتخذت من هواك الشخصي إلها؛ ستجد أنك تكابر في حق نفسك وتأخذك العزة بالإثم ، كل ذلك من أجل إثبات فراغ نعم فراغ يا ابن آدم أنت خلقت من طين لازب، أنت صنيعة الله ،وخليفته على الأرض ، فكيف تنكر وجوده والحكمة من خلقك عبادته ؟! وكيف تروج لمذهبك الجديد وتنكر وجود الله وأنت إن دققت في نفسك وآلية عمل جسدك والنظام الإلهي العظيم الذي لا يختل إلا حين يتدخل الإنسان ويفسده بعادات سيئة كالتدخين على سبيل المثال لا الحصر ، فكيف تلحد وأنت ترى الليل والنهار يتعاقبان بنظام ثابت لا يمكنك خرقه.كيف تلحد وأنت لا تتحكم في عقلك الباطن حين يمطرك بالأسئلة التي تعجز عن إجابتها ؟ وإن دققت النظر ستجد أن الإجابة هي سبحان الله نعم سبحانه الذي خلق الكون في نظام لا يمكن لأي مخلوق أن ينجز هذا الإبداع ، كيف لاتؤمن وأنت بداخلك صراع نفسي جعلك تحيا في حالة التيه والفراغ؟ هل تظن أنك تغني الله بإيمانك ؟!!الله اللطيف الخبير الغفور الرحيم الذي يفتح لك باب التوبة والعودة إليه في أي لحظة، فباب الله هو الباب الوحيد الذي تطرقه بلا استئذان أو وساطة أو محسوبية .. تحضرني قصة واقعية لسيدة أمريكية التقيتها منذ فترة حدثتني عن قصة إسلامها بعد الإلحاد .قالت : كنت أشعر أن هناك ما ينقصني ، لكنني لم أكن أقبض على ماهيته ، كنت أعاني من سؤال يلح عليّ ماذا بعد الحرية في كل شيء والتحرر من كل شيء فأنا بلا دين ؟! وأشعر بثقل كبير على قلبي رغم أنني أقبلت على كل ملذات الحياة ، أنهل منها بشراهة ، وحين التقيت بصديقي الذي انتقلت للعيش معه بشقته ..لم أكن أشعر بالأمان أو الحياة كنت اعمل كنادلة (بارومن) وكنت أتعرض لشتى صنوف الانتهاك من أجل المال ، ومع أول اختبار حمل لي بعد انتقالي للعيش مع صديقي ، لم يتقبل فكرة الحمل وطالبني بالإجهاض ، مرت ثلاثة أشهر وأنا أماطل ليس حرصا مني على الجنين ، ولكن خوفا من الإجهاض وتبعاته .. لم أجد منه ردًا سوى الغدر ، نعم الغدر فقد أوسعني ضربًا وألقى بي على قارعة الطريق حين غبت عن الوعي ظنا منه أنه قتلني من شدة النزيف ..لكنني استيقظت بالمشفى ، ووجدت الممرضة تقص لي كيف حملني شاب فتي وأحضرني إلى هنا وفي كل يوم لمدة أربعة أيام يرسل إلي الزهور ويتمنى لي الشفاء ، ليس هذا فحسب بل وهبني الحياة بأن تبرع لي بدمه كي أحيا من جديد .. كنت على أمل اللقاء به ، فطلبت من الممرضة أن تخبرني حينما يحضر، رأيته شابا يكاد وجهه يضيء لم يمد يده ليسلم عليّ ..شعرت براحة لم أشعر بها من قبل حينما رأيته ولم أجد تفسيرًا لها .. طلبت منه ألا يتخلى عني ويساندني لأنني بلا عمل أو مأوى .كانت المفاجأة أن ترك لي مبلغا من المال لأدبر حالي ورحل لكن على الظرف ترك لي رقم هاتفه وطلب مني الاتصال إن احتجت شيئًا ، لم أتمهل فاستأجرت حجرة واتصلت به ودعوته لزيارتي لكنه رفض وصدني .. تعجبت من رجل يساعد امرأة لا يعرفها بلا مقابل .. قررت أن أهبه نفسي مكافأة له على ما فعله معي نهرني وقال : ديني لا يسمح ويحرم الزنا ويجرمه ، في تلك اللحظة دار بخلدي سؤال أي دين هذا الذي يمنعه من متع الحياة ..اتصلت به مرة أخرى لم يرد ، عدت للمشفى وبحثت في السجلات عن عنوانه قرأت اسمه : عبد الله. اتجهت للعنوان ، طرقت الباب ففتح لي ، لكنه وضع يده على الباب ليمنعني من الدخول وطلب مني ألا أكرر ذلك..بعد جهد وافق على مقابلتي في مكان عام ، وحدثني عن دين يحترم جميع الأديان ليس هذا فحسب؛ بل يؤمن بكل الرسل ، سرنا فتوقف بجوار المسجد ليصلي سمعت صوت الأذان فانشرح صدري لكلمات لا أفهمها ، ولأول مرة أشعر بأن النور يتدفق من قلبي ليصل إلى عقلي ، طلبت منه أن يأخذ بيدي وأن يعلمني أكثر عن دينه فأحضر لي المصحف مترجمًا للغة الإنجليزية ، شعرت أن كل كلمة به تخاطبني وتجيب على حيرتي وتذهب عن عقلي جبل التساؤلات ، قلت له أنني أريد أن أشهر إسلامي ، فطلب مني أن أتمهل وأقرأ أكثر عن السنة النبوية ، لكنني قررت أن أتعلم اللغة العربية لأقرأ القرآن الكريم بلغته وبعد عامين من دراستي المكثفة وإتقاني للغة العربية قرأت القرآن الكريم وأدركت أن لكل سؤال يدور بخلد البشر إجابة في هذا الكتاب العظيم ،وأن دستور الحياة به ، وعرفت أن الإسلام هو أن تسلم وجهك وقلبك لله سبحانه وتعالى .. شعرت أنني أغسل بالثلج والبرد . .ندمت على ما فاتني من عمر في الدوران في فلك الإلحاد .فلماذا يتكبد العبد كل هذا الكبر في الحياة الدنيا ليرافق الشيطان في الآخرة ؟!!
مشاركة :