مما لاشك فيه أن هناك بعض الخلل في العلاقات الأسرية، فالأب والأم والأبناء ينعزل كل منهما في جزية السوشيال ميديا التي جعلت من البيوت أماكن للسكن البارد فلا يجتمعون على مائدة واحدة إلا ما نذر ، وحين يجتمعون لا يتخلى بعضهم عن هاتفه المحمول فالماسنجر، والواتس، جعلهم يتجمعون ظاهريًا كألواح خشب لا تنبض بالحياة .ناهيك عزيزي القارئ عن نهم الأبناء بالاستهلاك وهرولة الآباء لتلبية رغباتهم حرصا منهم على تقديم الأفضل، والأحسن في كل شيء فيدخلون في ترس الحياة الاستهلاكية ،ويتحولون ل ATM وينسون أهم ما فيها ، فالأبناء جعلهم الله زينة الحياة ، لا هَمّ الحياة ..يهلك الآباء في تسديد فواتير سعادة الأبناء فمنظومة التعليم التي لابد من تغييرها من الجذور ،فالمعلم الذي يحلم بالكادر والمكافأة والدروس الخصوصية لا يقدم لهم القيم والمباديء أو القدوة الحسنة إلا من رحم ربي ، فنحن نترك الأبناء أمانة في مدارس معظمنا يدرك تكلفة فاتورة العام الواحد بها_حكومية أوخاصة _ وكيف أننا نلهث وراء درجة أو نصف درجة في منظومة الثانوية العامة.على سبيل المثال لا الحصر وفي كل مراحل التعليم نقبع تحت رحمة الدروس الخصوصية وفي خضم هذا الهم الكبير، وتكالبنا على توفير سبل الراحة للأبناء لا ندقق في أيديولوجية من يدخلون بيوتنا أو من يعلمونهم ، فلكل مقدمة نتيجة إن صلحت منظومة التعليم ومنظومة الصحة يرتقِ الاقتصاد ومن ثم لن نجد من شبابنا من يبيع ضميره بالجنيه والدولار إن نشأوا في البيوت والمدارس والجامعات على الانتماء لعرفوا أن حفنة تراب من أرض الوطن أغلى من كنوز العالم فهؤلاء ضحية الإعلام الذي يطرح لهم كل ما هو فاسد، فلا قدوة لهم أو مثل أعلى يحتذون به ، فموسيقى المهرجانات التي أفسدت الذوق العام تعج بآلات موسيقية أعتقد أنها أشبه بالميتال التي تؤثر على خلايا المخ بالسلب ،وتصيب العقل بالخلل لأن الصخب يدمر خلايا المخ فضلا عن تغيير الذوق العام في شتى أنواع الفنون فعلى سبيل المثال لا الحصر المسلسلات التي تدخل بيوتنا دون استئذان فتعرض أصحاب المليارات والنفوذ فيروجون لتجارة السلاح والمخدرات كوسيلة من وسائل الثراء الفاحش السريع.فماذا يفعل شاب طموح أمام هذا النموذج؟فهذه النماذج ترسل لشبابنا رسالة وهي إن تاجرت بالسلاح أو بالمخدرات أو اشتغلت بالنصب والاحتيال أو التطرف الديني ستصل لهدفك ، وإذا تحدثنا عن مستوى اللغة والحوار السوقي المتردي وبرامج المقالب السخيفة والألفاظ البذيئة التي يتلفظ بها نماذج جعلهم الإعلام النخب أو صفوة المجتمع كل ذلك يجعل من الشباب بلا هوية وبلا قدوة يحيون في ضياع ومن ثم يقعون فريسة سائغة في سوق النخاسة فيبيعون أنفسهم وأوطانهم وينتهجون قيمًا خاصة بهم تجعلهم يعلون الأنا العليا ويبحثون عن مصالحهم الشخصية ،وينتمون إلى أجندات تدمر الوطن .,وهناك شريحة تظن أنها تحسن صنعا وأنها تمارس الوطنية وأن ما يفعلونه لخدمة الوطن تحت تأثير غسيل المخ فمن لا قيم له ولا علم عنده في غياب صحوة دينية صحيحة تجعل شبابنا فريسة فالبيت والمدرسة و الإعلام والأصدقاء .... شركاء في صناعة أمثال هؤلاء الشباب الذين يستقطبون بشتى الطرق ومن بينها السوشيال ميديا ، فالعقول الخاوية تتشكل بما يصب فيها من أفكار فالمتطرفون يسرقون فلذات أكبادنا ويغرونهم بالمال والنساء ويفترون على الله بفتاوى تبيح القتل وسفك الدماء والشاب الذي يفقد القدوة تتسلط عليه كيانات لا يعرف هويتها فيشعر بقوة زائفة حين ينتمي إليهم ،فالإنسان السوي يدقق ويحقق في كل ما يرد إليه من شائعات ولا تستقطبه تيارات الخراب ولا يلهث وراءهم ليتاجروا به في سوق النخاسة.
مشاركة :