سيطرة النهضة على الحكومة التونسية تخرج إلى العلن

  • 1/25/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تونس - حرص رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي خلال ظهوره في منتدى دافوس الدولي على إظهار أن حركته هي التي تتولى إدارة أهم الملفات وتشرف على تنفيذها، في خطوة تهدف إلى تأكيد سيطرة النهضة على الحكومة التونسية وعرض نفسها المحاور الوحيد للخارج والأكثر قدرة على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي تطالب بها الصناديق المالية الدولية. يأتي هذا في وقت يحذر فيه محللون وسياسيون في تصريحات لـ”العرب” من خطر هيمنة حركة النهضة على الوزارات والمؤسسات في ظل أداء ضعيف لرئيس الحكومة يوسف الشاهد واستغراق جهده في بناء حزب سياسي خاص به ينافس من خلاله في الانتخابات القادمة. وشدد رئيس حركة النهضة على دعمه للإصلاحات الاقتصادية التي يفرضها صندوق النقد الدولي على تونس، وسط تخوفات جدية من أن سياسة التقشف، وخفض حجم الدعم الموجه للمواد الأساسية، وزيادة الضرائب، كلها ستزيد من إثقال كاهل الفئات الضعيفة والمهمشة والتي توسعت دائرتها بعد ثورة 2011 بسبب ارتباك الأداء الحكومي وسيطرة الحسابات السياسية والحزبية على القرار الحكومي. وبعد تمرير رسالته إلى الدوائر المالية الدولية، خاصة بتأكيده أن “الوزراء الذين يتعاملون مع صندوق النقد هم أعضاء في الحزب”، سعى الغنوشي إلى مغازلة الغاضبين في الداخل من سياسة الارتهان للصناديق الدولية، وهو استطراد محكوم أساسا بالسعي لتجنب الغضب الشعبي المتصاعد بسبب الأزمة الاقتصادية، خاصة أن تونس مقبلة على انتخابات تشريعية ورئاسية. وحذر الغنوشي في مقابلة مع وكالة بلومبرغ للأنباء من أنه “لا توجد ضرورة لممارسة ضغوط أكثر مما يجب، مثل إلغاء الدعم أو عدم زيادة الأجور”، وأن “ضغوط الدائنين الدوليين يمكن أن تهدد الاستقرار الذي تعيشه تونس بعد ثورة يناير بسبب سياسات التقشف”. وأضاف “على صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية، أن تضع في حسابها الموقف الانتقالي الذي تمر به تونس. يمكن أن تمارس هذه المؤسسات ضغوطها إلى درجة الانفجار”. وتعتقد المعارضة أن هم حركة النهضة صار استرضاء الخارج بكل الطرق وذلك بسبب هوسها بالسلطة ورغبتها في التمسك بمقاليد الحكم، مشيرة إلى أن تصريحات الغنوشي أثبتت أن النهضة هي من تحكم في تونس، وأن استراتيجيتها لاحتواء رئيس الحكومة سمحت لها بتنفيذ خططها بكل يسر. وقال غازي الشواشي النائب بالكتلة الديمقراطية لـ”العرب” إن “إبداء الغنوشي تأييده للإصلاحات الاقتصادية مجرد شعارات في الملتقيات الدولية لترويج صورة جذابة عن النهضة وتقديمها كأنها زعيمة الإصلاحات في تونس، في حين أنها عنصر من عناصر تعميق الأزمة منذ توليها الحكم”. وكثيرا ما سعى قياديون في حركة النهضة إلى التبرؤ في تصريحاتهم من السياسات الاقتصادية للحكومة، والتمايز عنها خوفا من تأثيراتها على شعبية الحركة في بلد تتزايد فيه المؤشرات السلبية بسبب ضعف أداء الحكومة وغياب رؤية استراتيجية توائم بين الإصلاحات والقيام بإجراءات للحد من تأثيرها على الطبقات المتضررة. واعتبر زهير المغزاوي الأمين العام لحزب حركة الشعب أن تصريحات الغنوشي تؤكد رضوخ الحكومة لشروط صندوق النقد الدولي. وأضاف المغزاوي في تصريح لـ”العرب” أن “الحكومة بما فيها النهضة تقبل بتنفيذ الشروط رغم أنها ستؤدي إلى إثقال كاهل التونسي”. وتابع أن “الغنوشي ذهب إلى دافوس لاستجداء صندوق النقد وتبرير الرفض الشعبي للإصلاحات، والنهضة تطمح إلى تحسين صورتها في الخارج متجاهلة الوضع الداخلي، وما يهمها سوى الاستمرار في الحكم”. ويشير مراقبون إلى أن الغنوشي الذي يحرص على حضور الاجتماعات الدولية يريد أن يلمع صورته في الخارج من خلال ملف الإصلاحات الاقتصادية ويروج للمجتمع الدولي أن حزبه هو من يقود حملة الإصلاحات ولا يعارض شروط المانحين الدوليين، لكنها تصطدم بمعارضة الكثير من التونسيين على غرار النقابات والأحزاب. ودافع محمد بن سالم القيادي بحركة النهضة عن مشاركة الغنوشي في منتدى دافوس وتصريحاته بشأن ملف الإصلاحات. وقال بن سالم في تصريح لـ”العرب”، “كل الأنظمة وكل الأحزاب من مهامها أن تكون صورتها جيدة في الخارج وهذا ليس عيبا فهو يخدم سمعة الحزب وسمعة البلاد”. وسعت الحركة في أكثر من مناسبة لمغازلة الخارج كإطلاق تصريحات و”فتاوى” تقدم الحركة كتنظيم مدني ومتحرر، غير أن المقصود منه أنها مستعدة للتنازل عن كل شيء مقابل استرضاء الخارج والسماح لها بالبقاء في الحكم خاصة مع فشل تجارب إسلامية أخرى في إقناع الغرب. وأقر الغنوشي بأن “الحكومة تتعرض لضغوط بسبب شروط صندوق النقد الدولي من جهة، ومن النقابات من جهة أخرى”. ويتهم الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يمثل حوالي 500 ألف عامل في تونس، الحكومة بالرضوخ لشروط صندوق النقد الدولي عندما عرضت زيادة أجور العاملين في الدولة بأقل من المطلوب. كما نظم الاتحاد إضرابا عاما عن العمل في تونس لمدة 24 ساعة الأسبوع الماضي، مع الدعوة إلى إضراب مماثل في فبراير المقبل.

مشاركة :