يبدو أن الخيار الأخير، أصبح الدعاء لحل أزمة تشكيل الحكومة في لبنان، بحسب تعبير أمين عام «حزب الله»، حسن نصر الله، موضحا «ما زال هناك عقدتين، لكن خلال الأيام القليلة الماضية حصل جهد استثنائي، وهناك مساع جدية، وشغل ليل نهار، وفي محاولة لإيجاد حلول لهاتين العقدتين، هل نصل إلى نتيجة أو لا؟ هذا يحتاج إلى دعاء ؟!»..معتبرا أن لبنان بحاجة الان الى «الدعاء». عقدتان تعترضان تشكيل الحكومة لم يتمكن الساسة اللبنانيون من الاتفاق على حكومة جديدة منذ الانتخابات البرلمانية التي أجريت في شهر مايو/أيار حيث تختلف مواقف الفرقاء السياسيين بشأن توزيع الحقائب الوزارية، وبشأن تولي أحد الاشخاص السنة من اللقاء التشاوري «السنة الستة المستقلين» منصبا وزاريا..والعقدتان ما زالتا موجودتين، مما يزيد اقتصاد البلاد اضطرابا.. مما دفع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط ، للتساؤل: هل الاطالة في انجاز الحكومة هو لاضعاف لبنان اقتصاديا وانهاكه من أجل تعميم اليأس والفقر والهجرة؟.. ولبنان من بين الدول الأعلى مديونية في العالم قياسا إلى حجم اقتصاده، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى خدمة الدين القائم والإنفاق الحكومي المرتفع. ويبلغ الدين العام للبنان نحو 150 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. «الساحة مجمدة»..و«المياه راكدة» ومن جانبه قال رئيس الوزراء المكلف، سعد الحريري، الأسبوع الماضي بعد اجتماعه مع شخصيات سياسية بارزة، أن الأمور بدأت «تتبلور ايجابيا»، وأعرب عن أمله في حل القضية الأسبوع المقبل.. ويؤكد نواب «تكتل لبنان القوي» أنه سيكون للرئيس العماد ميشال عون موقف في حال لم تنجح المحاولة الأخيرة التي يبذلها الحريري، سواء من خلال الاتصالات التي أجراها في بيروت أو التي أجراها في باريس أول أمس مع رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، ثم مساء أمس مع رئيس «حزب القوات اللبنانية»، سمير جعجع، والذي أعقبه اجتماع ثان بين الحريري وباسيل، ومن المرتقب عودة الحريري من باريس خلال الساعات القليلة المقبلة، من أجل متابعة جهوده، ولقاء الرئيس عون لتقويم المعطيات التي تجمعت لديه واتخاذ القرار المناسب في شأن الحكومة. مصادر لبنانية، ترى أن «الساحة مجمدة» وليس هناك جديدا يحرك المياه الراكدة، التي جنحت عندها محاولات تشكيل الحكومة الجديدة، ولا يمكن الحديث عن حصول خرق في جدار الأزمة، طالما تطرح مجددا أفكارا قديمة لم تنجح، وأن الحريري بدوره لن يقدم أي تنازلات جديدة تطلب منه، وأن أي تنازل من قبل الحريري يعني أنه لم يعد رئيسا للحكومة، وأن خيارات الحريري المحتملة باتت معروفة، طالما أن الحريري وضع لنفسه مهلة للتشاور مع القوى الرئيسة المعنية بالتأليف، لكن الحسم بأي منها مرهون بنتيجة المشاورات التي يجريها..ومن بين الخيارات المطروحة في حال الفشل في إتشكيل الحكومة:اللجوء إلى تفعيل حكومة تصريف الأعمال التي يؤيدها رئيس مجلس النواب، نبيه بري، والتي سبق أن طالب الحريري باللجوء إليها على الأقل من أجل إقرار موازنة عام 2019 . لكن هذا الخيار يستبعده الرئيس ميشال عون الذي يعتبر أن إقرار الموازنة يجب أن يتم من قبل الحكومة الجديدة، وبالتالي استعجال تأليفها.الخيار أو الاحتمال الثاني: ترقب الأمل في حل الأزمة التي يراها البعض مرتبطة بتطورات إقليمية، أو على الأقل بحسابات الفرقاء الداخليين في ساحة لتطورات الإقليمية، ويرى المراقبون أن الرئيس ميشال عون قد يجد نفسه أقرب إلى هذا الخيار، إذا وجد أن هناك من يسعى إلى خفض قدرته على امتلاك كتلة وزارية من أجل تنفيذ مشروعه الإصلاحي، ولكن الانتظار«أي التأجيل» قد يعني بالنسبة إلى الحريري الاعتكاف احتجاجا على عرقلة مهمته.الاحتمال الثالث والأخطر في الأزمة: هو اعتذار الحريري عن عدم تأليف الحكومة لرفضه منهج المراوحة دون تقدم للحل، ويرى سياسيون في بيروت،ان فشل كل هذه المحاولات لتشكيل الحكومة، سيدفع بالحريري إلى التفكير بخطوة الاعتذار، إذا لم ير أفقا للخروج من نفق التعطيل. ويذكّر بعض هؤلاء السياسيين بما قاله الحريري حين جرى تعطيل تشكيل الحكومة نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي أنه لم يعد مقتنعا بأن عليه لعب دور «أم الصبي» من باب الحرص على البلد، وقلقه على الوضع الاقتصادي، لأن تمديد التعطيل يزيد من تآكل دوره وشعبيته أكثر فأكثر. ومع تضارب التوقعات والاحتمالات، بين التشاؤم والتفاؤل، ينتظر اللبنانيون عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من باريس لمواصلة مشاوراته لحل العقدتين الماثلتين أمام تشكيل الحكومة، أي إعادة توزيع الحقائب، وتمثيل «اللقاء التشاوري» في الحكومة الجديدة.
مشاركة :