أوصى ملتقى النص في نسخته الخامسة عشرة، الذي نظمه نادي جدة الأدبي بالتعاون مع جامعة الأعمال والتكنولوجيا واستمر ثلاثة أيام، بضرورة التركيز على فئة الشباب من الأدباء والمثقفين من الجنسين وإتاحة الفرصة لهم في الملتقيات الأدبية والثقافية. والاهتمام بالأدب الرقمي التفاعلي على الشبكة العنكبوتية، وتوجيه المؤسسات الثقافية المعنية إلى أهمية رقمنة إصداراتها ومنتدياتها. كما أوصى الملتقى الذي انطلق برعاية سفير خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، بضرورة إيجاد مبادرات عملية منهجية تعنى بتقديم دورات متخصصة وورش عمل ومنصات تفاعلية تهتم بمواهب الشباب الأدبية ورعايتها. وتوجيه المؤسسات الثقافية والأكاديمية إلى ضرورة الاهتمام بأدب الشباب وضبط مفاهيمه وخصائصه وتوجيه الباحثين إلى دراسته وتقويمه. وأيضا مطالبة رؤساء الأندية الأدبية في دورتهم القادمة بضرورة عقد مؤتمر يهتم بمبادرات الشباب الأدبية ودعمها مادياً ومعنوياً. وكان الملتقى، الذي عقدت فعالياته في قاعة الأليزية بفندق الدار البيضاء بجدة، ناقش في جلسات عدة مواضيع وقضايا وطيدة العلاقة بأدب الشباب، وعكست عدد من الأوراق النقدية اهتماما نقديا لافتا بظواهر أدبية، مثل ورقة الدكتور سامي جريدي، وتناولت «قلق الهوية الشعرية في النص الجديد بالسعودية»، من خلال نماذج مختارة من إنتاج الشعراء الشباب في مقاربة وحوار معها، تحاول كشف المظاهر، والجماليات، والرؤى، والصور، والأشكال الفنية، مع تناول لقضية تداخل النصوص الأدبية بما يحدث حالة من «قلق تجنيسها» وفق التقسيمات الكلاسيكية المحفوظة، بما يضع المنتج أما مصطلح «ما بعد قصيدة النثر». ومن الأوراق ما قدمه الباحث صالح العمري وعالج من خلالها مسألة الهويات المكانية الصغرى تحت مظلة هوية الوطن كهوية كبرى تحتضن عددا من الانتماءات الداخلية التي لا تعارض الهوية الكبرى بل تدعمها وتثريها. آخذًا في الاعتبار حداثة الوطن السعودي في تكوينه الحديث وتسارع المتغيرات التي قفزت بالوطن من وطن مبتدئ تغيب عنه كثير من مظاهر الحداثة إلى وطن في غاية التقدم اقتصاديا ومعرفيا. مركزًا على ظهور هذه الانتماءات المكانية لدى الشعراء الشباب وكيف عبروا عن انتماءاتهم الصغرى. وهناك ورقة بعنوان «النقد الموضوعاتي للقصة القصيرة السعودية.. البدايات والنهايات في القصة القصيرة السعودية للدكتورة منى المفلح أنموذجاً» قدمتها الباحثة العنود المطيري، وخلصت فيه إلى أن دراسة «المفلح» «حصرت التيمات المتشابهة التي اعتمدت عليها في دراستها» البدايات والنهايات» واستنطقتها من داخل نصوص القصص القصيرة السعودية، ولم تسقط عليها شيئاً من الخارج، ولكنها في الوقت ذاته استعانت بالربط بين المكونين السرديين «البداية، والنهاية» من خلال التحليل والتأويل. وشهد الملتقى ورقة للباحثة منى المالكي بعنوان «غواية القصيدة والإبداع في التيه الزجاجي»، مقدمة من خلالها قراءة في ديوان «لا أعرف الغرباء، أعرف حزنهم» للشاعر إياد حكمي، خالصة من تطوافها إلى أن تجربة «الحكمي في هذا الديوان تأملية واضحة عالج من خلالها شؤون ذاته وكأنها تؤرخ لخطرات نفسه. ملامح شعرية أسماء مهمة شاركت أيضا بأوراق قاربت زوايا متنوعة في أدب الشباب، كالدكتور محمد صالح الشنقيطي الذي استجلت ورقته «ملامح من شعرية الخطاب في قصيدة الشباب»، وذلك عبر قراءة في نماذج مختارة لعدد من الشعراء ، مستخلصاً من استعراضه أن شعر الشباب يأتي في سياق التجديد والتحديث الذي تسارعت وتيرته في عقد الثمانينيات الميلادية فتفاوتت درجات السلم الشعري»، وأنه «لم تنقطع الأواصر بينهم وبين الإبداع الشعري العربي الحديث». أما الباحثة سمية العدواني فتناولت «السرد في الرواية السيرذاتية الغيرية»، واضعة رواية «موت صغير» للروائي محمد حسن علوان نموذجاً للتدليل على فرضياتها البحثية، مبينة أن هذا اللون من الروايات يجمع إلى جانب الواقعية الخيال، مما أكسب كثافة في التصوير الأدبي والإبداعي فضلاً عن توافرها على العديد من التقنيات الأدبية التي تجمع ما بين الرواية والسيرة الذاتية . أمل التميمي فتناولت «أدب الشباب في المملكة. المفاهيم والظواهر الأدبية»، وقدمت نماذج عديدة وضعتها تحت مسبار النقد، محددة في خلاصة بحثها جملة من المفاهيم التي أحصتها، ومثلت نقاط التقاء في نتاج النماذج المختارة للبحث. الباحث قليل الثبيتي تناول «فضاءات التعلق الفني بين القصة القصيرة والنص الشعري لدى جيل الشباب السعودي من عام 2000 إلى 2018»، حاصراً إياها في (5) فضاءات تمثلها: فضاء الأمكنة، فضاء الرمز، فضاء اللغة، فضاء العتبات، فضاء التجنيس. مشيراً إلى أن «هذه الفضاءات بما تملكه من تأثير في النص، وبما لها من قدرة على تحريك وتوجيه العمل الإبداعي, مكّنت الكاتب، أو الشاعر من تحقيق الانفتاح بين الأعمال الكتابية الأدبية». ومن جانبها تناولت الباحثة مستورة العرابي موضوع «التناص وتوسيع المعنى»، من خلال مقاربة سيميائية في شعر محمد إبراهيم يعقوب، استهلته ببيان الطرق التي اعتمدها النقاد المحدثون في دخولهم إلى فضاء النص، ثم دلفت إلى استقصاء التناص في شعر «يعقوب» في مقاربة مع عدد من الشعراء في مقدمتهم الشاعر محمد الثبيتي، لتدون في نهاية الورقة جملة من النتائج، من أبرزها قولها: «برز في التناص الأدبي تأثر الشاعر بالشاعر محمد الثبيتي في كثير من نصوصه مقارنة بغيره من الشعراء، ولعل هذا فيه نوع من الوفاء والإعجاب بالشاعر محمد الثبيتي، أو ربما يتكىء على شعريته، ويريد أن يبين أنه امتداد لهذا الشاعر من أجل الوصول إلى المكانة التي وصل إليها الثبيتي، وقد ألمح لذلك في قصائد من دواوين أخرى، وربما لطغيان شهرة الثبيتي في حينها على بقية الشعراء، وما أولاه النقاد والباحثون من دور لافت لتجربته الإبداعية». وفي ورقتها «تداخل العتبات النصية مع البنية الروائية» استندت الباحثة الدكتورة دلال المالكي، على نماذج للروائي ماجد سليمان، وبالتحديد روايتيه «طيور العتمة» و«عين حمئة»، من خلال استنطاق محيط الدكتور سعد البازعي قدم ورقة بعنوان «بهجات الصمت والخيبة: قراءة لتجربتين شعريتين شابتين»، يتمثلان في الشاعرة هيفاء الجبري، والشاعر أحمد الصحيّح، فتتبع منجزهما الشعري للتدليل على فرضياته فيما يتصل بسيمتي «الصمت» و«الخيبة». وتناول الباحث راشد القثامي «شعرية التنوع»، بمتكأين؛ نظري استقصى فيه معاني الشعرية، وخصوصاً في نقدنا العربي، فيما اختص القسم الثاني بدارسة شعرية التنوُّع في النصوص الشعرية عند الشعراء الشباب في فترة ما بعد الألفية الثالثة، ومن بينهم عيد الحجيلي، لطيفة قاري، جاسم الصحيح، محمد أبوشرارة، وبكر مستور. ولم يبعد الباحث سامي العجلان عن سابقه فيما يتصل بنتاج الشعراء السعوديين الشباب، حيث توجه بورقته للبحث عن «تجليات التعبير عن الذات عند الشعراء الشباب في المملكة»، وسبيله في ذلك مهاد نظري، متبوع بشواهد تعدد الفرضيات التي استقاها من قراءته لمنجز بعض من الشعراء السعوديين الشباب. العزلة والعدمية واهتمت الباحثة ميسا الخواجا في بحثها الموسوم بـ«العزلة والعدمية في إنتاج الشعراء الشباب بعد عام 2000 «قراءة في نماذج شعرية»، جرت فيه على سياق سابقيه بالتوطئة النظرية المنسجمة مع فرضياتها، والمدلل عليها بالنماذج المختارة. أما عبدالله السفياني فواصل أيضا المنحى ذاته إذ جاء بحثه بعنوان «التجربة الشعرية عند الشباب السعودي - بدايات التشكل وصعوبات التأسيس»، حاصراً المدى الزمني لتصنيف الشباب بمطلع الألفية الجديدة، محصيًا عوامل يرى أنها كونت التجربة الشبابية، ومن أبرزها: نهاية الصراع الحداثي الإسلاموي، والعودة للقصيدة العمودية من جديد، والتجديد في داخل القصيدة العمودية، والاستفادة من التراث وتجارب شعراء الحداثة،. كما اعتبر أن سلطة الجماهير والتواصل، والأرواح المتناسخة، تمثلان أكبر عقبتين أمام الشعراء السعوديين الشباب. الباحث سعود الصاعدي قدم ورقة بعنوان «القصيدة العمودية الجديدة - دراسة في فضاء الشكل الكتابي الجديد»، مقسماً ما خلص إليه من نتائج إلى ثلاثة أقسام؛ أولها يتعلّق بالوسيلة، وفيه رصد: الانتقال من أفق الكتابة الورقية إلى أفق الكتابة الضوئية، والتحوّل التقني، التعالق بين الطباعي والتقني في عملية النشر. وثانيها يتعلّق بالفعل الإنجازي أو المبدع، ورصد عبره: الاستفادة من التجارب الشعرية بمختلف مذاهبها، السيطرة على اللغة بمرونة وطواعية، والخروج بخلاصة الصراع الشعري فنيًّا وتجاوز الجدل الفكري الدائر في الحقبة السالفة. وثالثها يتعلّق بالمتلقّي، ومن نتائجه: الخروج به من التصور القديم إلى أفق التصور الجديد فيما يتعلّق بفضاء الورقة، والتفاعل معه من خلال إشارات كتابية بديلة للغة الجسد في الإلقاء الصوتي. وتتبعت الباحثة كوثر القاضي «كتابة الشباب في المواقع الإلكترونية - رؤى وتجارب»، خلصت فيها إلى أن «الإحصاءات أثبتت أن الشباب السعوديين والخليجيين بشكل عام أكثر التزامًا وتحفظًا أمام إنشاء مواقع أو دور نشر الكترونية، كما أنهم أكثر تحفظًا في المشاركة في الفيسبوك الذي يجد إقبالاً أكبر من المصريين خاصة بعد ثورات الربيع العربي، مع أن «فيسبوك» يعطي مساحة أكبر في الكتابة والتعبير»
مشاركة :