محمد عبده.. إمام التنوير العربي

  • 1/28/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كان الشيخ محمد عبده أحد رموز التنوير فى تاريخ النهضة المصرية الحديثة، كما ساهم بشكل كبير فى دعم رواد المشهد الثقافى والدينى أمثال الشيخ مصطفى المراغي، والشيخ مصطفى عبدالرازق، وقاسم أمين، وطه حسين، وحافظ إبراهيم، وغيرهم الكثير.وانحاز الشيخ محمد عبده إلى الفكر العقلانى فى الدين، وحارب بأرائه الجديدة كل ما يخالف العقل، ورأى أن ذلك التخلف يرجع سببه لانتشار الأمية وعدم توفير الظروف المناسبة للتعلم، ومن أهمها توفير الكتب ولاسيما كتب التراث العربى الفكرية والإسلامية، فساعد على إحياء التراث وكتب المقدمات لتلك الكتب التراثية المهمة مثل تاريخ الواقدي، كما قدم شرحًا وافيا لكتاب «نهج البلاغة» الذى ضم خطب ومقولات الإمام على بن أبى طالب، والذى جمعه العالم اللغوى الشريف الرضي.ونال محمد عبده لقب «الأستاذ الإمام» حتى صار درسه فى الأزهر يُعرف عندما فقط يقول أحدهم إنه درس «الإمام»، وسبب له انحيازه للأفكار العقلانية التى تماست مع جماعات فكرية فلسفية مثل تيار المعتزلة وتيار إخوان الصفا وخلان الوفا، في مشاكل كثيرة بين المحافظين الذين حاربوه على كل شيء يقوم به، أبرزها محاولته إدخال تدريس الجغرافيا «علم البلدان آنذاك» ضمن مناهج الأزهر، فاعتبر البعض ممن ينتمون لتيارت منغلقة أن ذلك كفرا.كما قدم تقارير ومشاريع تجديدية لإصلاح الأزهر ومناهجه، والأوقاف، والمحاكم الشرعية، الأحوال الاجتماعية حيث الزواج والطلاق، ولاقى وضع المرأة السيئ اهتماما كبيرا من قبل الإمام.ألف العديد من الكتب المهمة فى مجالات اللغة والبلاغة العربية والفكر الديني، منها «رسالة التوحيد» التى حاول فيها تفسير أصول العقيدة الإسلامية بمزيد من العقلانية والتحرر لكي يفك أسر هؤلاء الذين يرتبطون بتأويلات خاطئة للعقيدة الإسلامية.كما ألف كتاب «الإسلام دين العلم والمدنية» وأوضح فيه دور الإسلام فى بناء دولة عصرية مدنية تقوم على الحرية والديمقراطية، كما كتب تفسيرا للقرآن الكريم لكنه لم يكتمل ابتعد فيه عن خرافات القدماء، والقصص التى تم تلفيقها فى تاريخ الموروث العربي.واختاره معرض القاهرة الدولى للكتاب شخصية دورته السادسة والأربعين لعام ٢٠١٥، وفى افتتاح المعرض قال الناقد الأدبى الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة آنذاك، إن الإمام محمد عبده اعتبر أن العقل أول بناء فى الإسلام، وإنه واصل الطريق بعد الشيخ رفاعة الطهطاوى ولم يخش التعصب والإرهاب ولم يخش ضيق أفق معاصريه، ولهذا جعلناه شخصية المعرض هذا العام تقديرا منا لدور الأزهر العظيم وللشخصية الإسلامية وتقديرا لكل العقول المنفتحة فى الأزهر.وأشاد «عصفور» بما كتبه الإمام فى عام ١٩٠٤ عن تحليل الفنون من تصوير ونحت، وبكتابه «الإسلام دين العلم والمدنية، مؤكدا أننا أحفاد محمد عبده نؤمن بأنه لولا الإسلام والأزهر الشريف ما كان العلم والمدنية.ومحمد عبده، عالم ومجدد ومصلح ديني، ولد فى محافظة البحيرة عام ١٨٤٩، تلقى تعليمه فى المعهد الدينى بطنطا، وواصل تعليمه فى الجامع الأزهر حتى نال شهادة العالمية عام ١٨٧٧، عمل مدرسًا بالأزهر وبمدرسة دار العلوم، تولى الافتاء كأول مفت مصري، ورحل فى عام ١٩٠٥.

مشاركة :