قال الدكتور محمد ابو سيف أستاذ الأثار بكلية الأثار جامعة القاهرة أن الدولة العثمانية قامت بعد سقوط دولة سلاجقة الأناضول،واتخذت من مدينة بورصة عاصمة لها ثم انتقلت العاصمة إلى أدرنة، وبعد فتح القسطنطينية على يد السلطان محمد الفاتح سنة 1453م، نقل العاصمة إليها وغير تسميتها إلى إسلامبول التي حرفت مع الوقت إلى استانبول.جاء ذلك في الدورة التدريبية المتخصصة في الفنون الإسلامية،والمقامة حاليا في المتحف الإسلامي بعنوان"عالمية الفنون الإسلامية"، لتدريب 50 طالبا وخريجا من دارسي ومتخصصي الفنون الإسلامية،وتنظمها إدارة التدريب والنشر العلمي بالمتحف، ويحاضر فيها أساتذة متخصصين من جامعة القاهرة وعين شمس وحلوان وأسوان،وستمر لمدة 5 أيام.وتابع:شيد العثمانيون مجموعة كبيرة من العمائر المختلفة التي تميزت بضخامتها من الناحية المعمارية وفخامتها من الناحية الزخرفية،وكان أهم المواد التي استخدمها العثمانيون في زخرفة عمائرهم هي التكسيات الخزفية،والتي شهدت تقدمًا كبيرًا في صناعتها منذ الفترة المبكرة وحتى منتصف القرن السابع عشر.وازدانت عمائر الفترة المبكرة ببلاطات خزفية ذات لون واحد دون أن يكون بها زخرفة، تم استخدامها لزخرفة الجوامع من الداخل والخارج وبعض المآذن،وفي بداية القرن التاسع الهجري (15 الميلادي) تعرضت الدولة العثمانية لهزة عنيفة كادت أن تعصف بها نتيجة لغزو تيمورلنك لها،ووقوع السلطان بايزيد الأول في الأسر.وتابع:وكان هذا تمهيدًا لحدوث تغيير كبير في صناعة البلاطات الخزفية،نتيجة لانتقال الخزافين من ايران وآسيا الوسطى إلى الأناضول، وقد ظهرت أعمالهم في الجامع الأخضر الذي شيده السلطان محمد جلبي،والذي اكتسب تسميته من لون بلاطاته التي يغلب عليها اللون الأخضر.ثم عمل الخزافون العثمانيون على تطوير صناعة الخزف فاستحدثوا طرق صناعية جديدة واستخدموا ألوان مميزة،حتى وصلت هذه الصناعة إلى أوج ازدهارها في النصف الثاني من القرن العاشر الهجري (16م) والنصف الأول من القرن الحادي عشر الهجري (17م)،وتعد مدينة أزنيق هي الأشهر في صناعة البلاطات الخزفية في هذه الفترة.وتزخر المنشآت التي تعود إلى هذه الفترة بكميات كبيرة من التكسيات الخزفية،التي تتميز بألوانها البراقة وزخارفها الغنية التي استلهمها الفنان من البيئة المحيطة به،فنجد زهور اللاله والقرنفل والسنبل،واشجار السرو والنخيل وعناقيد العنب، بالإضافة إلى الزخارف الهندسية المختلفة،والكتابات التي تعتبر من أهم العناصر الزخرفية التي سادت على عمائر العثمانيين.وقال:ثم بدأت صناعة البلاطات الخزفية في الأضمحلال مع بداية النصف الثاني من القرن الحادي عشر الهجري (17م)، حيث افتقرت البلاطات إلى التنوع في الزخارف والألوان، إلى أن قام أحد كبار رجال الدولة بمحاولة لإحياء هذه الصناعة بأن جمع ما تبقى من الخزافين العثمانيين في مدينة أزنيق ونقلهم إلى استانبول وأسس لهم مصنع للخزف بتكفور سراي،لكن لم يستمر طويلًا في الانتاج.وأضاف:وفي القرن الثاني عشر والثالث عشر الهجريين (18-19م) انتقلت صناعة الخزف إلى مدينة كوتاهية واستمرت بها حتى سقوط الدولة العثمانية. وتميزت البلاطات التي انتجتها مدينة كوتاهية بعدم انسجام الألوان والعناصر الزخرفية وقلة جودة الصناعة.
مشاركة :