كلام بعضه ذهب وبعضه قصدير

  • 1/30/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

لي صديق أحبه كثيرا، ولا يحضرني اسمه الآن، لأن مجموع اللحظات التي قضيتها بصحبته على مدى ثلاثين سنة لا تزيد على ثلاث ساعات، ولكننا تعاملنا مع بعضنا البعض منذ اللحظات الأولى للقائنا «الوحيد»، وكأننا كنا دفعة واحد منذ مرحلة الـ«كي جي KG»، التي هي روضة الأطفال (في واقع الأمر لم يدخل أي منا الكيه جي إلا بعد أن تجاوز الـ35 لتوصيل وإعادة عيالنا إليها ومنها)، المهم أن صديقي هذا صاحب ذوق رفيع في انتقاء مواد ظل يزودني بها عبر البريد الإلكتروني، ثم واتساب، ولأنني لست ميالا للقراءة الطويلة الأمد على شاشة الكمبيوتر أو الهاتف، فإنني أقوم بطباعة بعض ما يرسله لقراءته لاحقاً. وعثرت مؤخرا وأنا أراجع دفاتري القديمة على مادة زودني بها قبل 20 سنة تقريبا، وأخرج عن الموضوع قليلاً لأقول إنني أتلقى بين الحين والآخر رسائل إلكترونية وواتسابية بها صور ماجنة، لا تجد مني الترحيب، ولكن أن يصل الأمر بالبعض أن يتداولوا صور بنات «مركبة» في أوضاع شائنة، وأن ينسبوا أولئك البنات إلى «أُسر» معروفة في هذا البلد أو ذاك، فهذه حقارة ووضاعة وقذارة وقوادة، وقبلها وصلتني صور لمذيعة تلفزيونية معروفة ليس بيني وبينها مودة في أوضاع جنسية، فحزنت لمن أرسلوها، الذي صدقوا أنها ساذجة بدرجة أن تدعو الكاميرا إلى مخدعها المزعوم، ثم هب أن الصور صحيحة وأنها فاجر تتباهى بفجورها ولا تمانع في عرضه على الملأ، أليس من يتداول هذه الصور أكثر فجورا؟ ففي حالة كهذا ينطبق نفس حكم الخمر الملعون حاملها ومن يقوم بتوزيعها حتى وإن لم يكن من شاربيها. وأناشد القراء الذين يحسبون أنهم «يكرمونني» بمثل تلك الصور أن يبحثوا لصورهم عن مزبلة غير بريدي الإلكتروني وهاتفي، لأنني رجعي من الناحية الأخلاقية، وذوقي بلدي ولا تستهويني إلا المرأة التي عقلها في جمال وجهها، وقد أكره معظم مذيعات الفياغرا، ولكنني لا أرضى لأحد أن يطعن في شرفهن بفبركة الصور والأخبار عنهن؛ وإذا كان هناك شخص عاهر فاجر يتباهى بصوره العارية، فإن من يقوم بتوزيع تلك الصور عبر الوسائط الالكترونية يساعده/ يساعدها في تحقيق الغاية المنشودة، وهي «الذيوع والانتشار». سامح الله الجاحظ الذي أخذت عنه الاستطراد، فقد بدأت بصديقي الخلوق بقيمه العالية، وانتهيت بمن يعانون من اعتلالات أخلاقية؛ وإليكم ما وجدته في رسالة منه قديمة وأعرف أن كثيرين منكم اطلعوا عليها ولكنها تستحق العرض والتداول: بالمال تستطيع شراء سرير ولكنك لن تستطيع شراء النوم! كذب، بالمال أستطيع شراء حبوب منومة، واستئجار أخصائي مساج أي تدليك يريح أعصابي وعضلاتي فأنام بينما غيري يحسب أقساط السيارة! بالمال قد تشتري ساعة فاخرة ولكنك لن تشتري الوقت! الوقت «يشيل همّه» الموظفون الكحيانون فقط! بالمال قد تشتري كتاباً ولكنك لن تشتري المعرفة! وما حاجتي إلى الكتاب أو المعرفة إذا كان عندي مال! وماذا صنعت بكتبك ومعرفتك؟ (بلّها وأشرب منقوعها وخليها تنفعك)! بالمال تشتري الطعام وليس الشهية!! وما فائدة الشهية في غياب الطعام الشهي؟ ثم هل هناك ما يسد النفس أكثر من الفلس؟ بالمال تستطيع شراء الجنس وليس الحب؟ بلاش الإثنين يا سيدي!! بالمال قد تشتري المنصب والمركز وليس الاحترام! بذمتك هل رأيت صاحب مال لا يقابل بالاحترام حتى لو كان في رزانة رزان وذكاء مستر بين؟ بالمال تستطيع شراء الدواء وليس الصحة! زين في هذه الحالة اشتري المستشفى الذي يعمل فيه الطبيب الذي يصف لي الدواء وأفنشه وجميع زملائه!! ولكن صديقي أفحمني بمقولتين: بالمال تستطيع شراء الدم، وليس الحياة، وشراء بوليصة تأمين ضد المخاطر وليس السلامة! وإذا كنت أيها القارئ صاحب مال، وصدقت الكلام أعلاه، فحوّل رصيدك إلى أبي الجعافر الذي لا يهاب الأرق وانعدام الشهية، وبه سلفاً من الأمراض فائض للتصدير.

مشاركة :