أكدت دائرة القضاء في أبوظبي حرصها على المساهمة الفاعلة في ترسيخ قيمة التسامح عبر المبادرات التي تدعم هذا التوجه، وذلك انطلاقاً من توجيهات سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة رئيس دائرة القضاء. واستطاعت الدائرة خلال فترة وجيزة أن تقطع شوطاً كبيراً نحو ترسيخ البنية المؤسساتية لثقافة احترام الاختلاف والعمل على فتح قنوات تواصل مع مختلف الجهات الممثلة للإثنيات العرقية والدينية. يذكر أن دائرة القضاء بأبوظبي وقعت مذكرتي تفاهم، مع كل من الكنيسة الإنجيلية والكنيسة القبطية الأرثوذكسية في أبوظبي، بشأن التعاون بين الجانبين في تقديم خدمة التوجيه الأسري لرعايا الطائفتين في أبوظبي، وذلك في إطار الاستجابة لمتطلبات تنفيذ قرار سمو رئيس الدائرة المتعلق بتشكيل دوائر خاصة للأحوال الشخصية والتركات لغير المسلمين، وبما يحقق الأولوية الاستراتيجية لدائرة القضاء في تعزيز فاعلية واستدامة العمليات القضائية، وضمان الوصول الشامل للخدمات للفئات كافة. وقد أقر قانون الأحوال الشخصية الحالي، الذي صدر عام 2005، في مادته الأولى بأنه يسري على غير المسلمين شرط عدم تعارضه مع أحكام طائفتهم وملتهم، وهو ما يؤكد أن القانون في دولة الإمارات قام على تشريع احترام الاختلاف. وأكد المستشار يوسف سعيد العبري وكيل دائرة القضاء في أبوظبي أن إعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» 2019 عاماً للتسامح يتوج جهود دولة الإمارات على مدار عقود منذ تأسيسها في ترسيخ قيم العيش المشترك في ظل سيادة القانون وتحقيق العدالة وصيانة الحقوق، حتى أصبحت دولتنا منارة ومقصداً ووجهة مفضلة لجميع الجنسيات على امتداد المعمورة، ليعيش الجميع تحت مظلة من الود والاحترام المتبادل والانفتاح على الآخر بما ينبذ التطرف. وقال العبري: إن إطلاق الدائرة، مركز التسامح للتوفيق والمصالحة بإدارة الحلول البديلة لفض النزاعات، يأتي استجابة لإعلان صاحب السمو رئيس الدولة عام التسامح مما يسهم في نشر ثقافة العفو والتسامح بين أفراد المجتمع والتوعية بأهمية تلك القيم السامية. التوفيق والمصالحة وأوضح الدكتور عبدالحميد الحوسني، المدير الإداري لإدارة الحلول البديلة لفض النزاعات بدائرة القضاء أن إدارة الحلول البديلة لفض النزاعات تنقسم إلى قسمين هما قسم التوفيق والمصالحة المختص بالنزاعات التجارية والمدنية وقسم التوجيه الأسري الذي يستهدف مكونات المجتمع الأساسية أفراد الأسرة خاصة الزوجين سواء لحل الخلافات أو للاستشارات. وأضاف أن هدف الإدارة مساعدة كل أفراد المجتمع الإماراتي مهما اختلفت جنسياتهم أو دياناتهم قدر المستطاع لإيجاد الحلول الودية لمشاكلهم بعيدا عن المحاكم، مشيرا إلى أن الأفراد غير المسلمين عندما يطلبون الاستشارة من التوجيه الأسري يتم إبلاغهم بدور الكنائس لإيجاد الحلول المناسبة إذا كانت لديهم الرغبة بالاستعانة بها وأن هناك من يقوم بدور الموجه الأسري كذلك. وقال الحوسني: بعد الاتفاق الذي وقع بين الكنائس ودائرة القضاء تم تفعيل دور الكنائس في موضوع حل الخلافات الأسرية والذي لم يكن له دور سابقا، ولم يكن حتى للتوجيه الأسري دور في إرسال أو عدم إرسال غير المسلمين للكنائس أو حتى توعيتهم بوجود الموجه الأسري في الكنيسة أما الآن فالأمر أصبح أكثر تنظيما وبشكل رسمي حيث يتم إبلاغهم بهذا الشأن وهو جانب من الاتفاق. وأضاف أنه بموجب مذكرتي التفاهم فإن أي اتفاق يتم في الكنيسة لن يكون مغايرا للاتفاق في التوجيه الأسري، بل مكملا له وللأطراف الخيار في ذلك إما الاستعانة بالوسيط في التوجيه الأسري في الدائرة أو الذهاب للكنيسة، ويتم إعطاء الاتفاق بعد ذلك الصبغة القانونية والصيغة التنفيذية بدائرة القضاء. التوجيه الأسري وأكد أن كل سند اتفاق لغير المسلمين يصدر حاليا من الكنائس يدخل نطاق التنفيذ في المحاكم لافتا إلى أن الموظف بالكنيسة يقوم بالدور ذاته الذي يقوم به موظف التوجيه الأسري وبذلك يتم الحصول فوراً على الصيغة التنفيذية لسند الاتفاق مما يجعله في نفس قوة السند الذي يتم في التوجيه الأسري من حيث تنفيذه.. مشيرا إلى أن لغير المسلمين مكتبا مختصا تابعا لقسم التوثيقات بدائرة القضاء. وقال الدكتور عبدالحميد الحوسني، المدير الإداري لإدارة الحلول البديلة لفض النزاعات بدائرة القضاء إن القسمين التابعين لإدارة الحلول البديلة لفض النزاعات يسيران على نهج التسامح لحل المشكلات قبل وصولها للمحكمة وبذلك يتم تطبيق هذا المبدأ بشكل فعلي خاصة عندما يتأثر الأفراد بكونهم في عام التسامح ليبادر كل من الأطراف المتنازعة للتفكير بالمسامحة. وتوقع أن ينعكس عام التسامح على المحاكم لترتفع نسبة المصالحة وتتراجع الخصومات بين جميع الأفراد المسلمين وغيرهم، لافتا إلى أن عدد قضايا غير المسلمين التي تعرض على التوجيه الأسري لدائرة القضاء أغلبها خلافات زوجية وقد تراجعت عن السابق بعد توعيتهم بوجود الموجه الأسري بالكنائس، مؤكدا أن العدد سينخفض في عام 2019 في حالة استعانة الأطراف المتخاصمة بالموجه الأسري في الكنيسة والذي يقوم بدوره بكفاءة عالية. ولفت إلى أن ردود الأفعال من غير المسلمين كانت سعيدة للغاية بمبادرة الاتفاق بين دائرة القضاء والكنائس حيث تم تفعيل الشراكة بين الجانبين والتواصل المستمر. جوزيف فرج الله: التسامح عنوان دولة الإمارات من جهة أخرى، قال القس جوزيف فرج الله رئيس مجلس الكنيسة الانجيلية بأبوظبي: إن إعلان عام التسامح 2019 في دولة الإمارات يأتي استمراراً لرؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه.. مؤكداً أن التسامح بدولة الإمارات هو تفعيل لما هو واقع، وإذا كان للتسامح عنوان فهو دولة الإمارات لأن قيادتها الرشيدة تجسد التسامح قولا وفعلا. مشيرا إلى الاتفاقية الموقعة مع دائرة القضاء بهدف الحد من الخلافات الأسرية وبالأخص حالات الطلاق، مؤكدا التعاون مع القضاء من أجل التوعية لتحقيق هذا الهدف. وأكد أن الكنيسة الانجيلية تعهدت حسب الاتفاقية أن تكون أول من يقابل الزوجين طرفي الخلاف لتقديم الاستشارة والإصلاح والإقناع بالحلول البديلة، موضحا أن في السابق كانت مسؤولية توجيه الأسرة وحل الخلافات الزوجية تمر بمراحل عديدة بين الكنيسة وكذلك التوجيه الأسري والمحاكم التابعين لدائرة القضاء ولم يكن هناك وعي أو اطلاع على الخدمات التي ممكن أن تقدمها الكنيسة ودورها في هذا الاتجاه. وأوضح أن الهدف من الاتفاقية علاج المشاكل الزوجية بتسهيل الصلح بين الزوجين وليس لمجرد إجراءات الطلاق.
مشاركة :