تابعتْ الرائعة سامية العمودي سرد تجربتها مع مرض سرطان الثدي وهو يهاجمها للمرة الثانية ؛ بينما تلقفتُ تغريداتها الشجاعة وهي تستلها من سويداء قلبها كاشفة عن تفاصيل التجربة ؛ومراحلها المتقلبة على جمار الأمل والرجاء تارة والترقب والخوف تارة أخرى . استطاعت الطبيبة القديرة- مرة أخرى- تحويل الألم إلى أمل بانتصار آخر يرفع معه المرض رايته البيضاء ؛ إلى حيث ينهزم - بإذن الله - أمام شجاعة الدكتورة سامية وإرادتها الفولاذية المقترنة بإيمانٍ صلد . وهي إذ تطرح تجربتها وتسكب معاناتها على الملأ للمرة الثانية ؛ تأخذ بيد كل من كان الألم رفيقاً له في دربه ؛- وليس فقط المصابين بالسرطان- كونها تتحدث عن تجربة عميقة عريضة تشكل منجماً للاستلهام والتعلم. وهي أيضاً إذ تمارس البوح العلني بتفاصيل مرضها ومراحل علاجها وتطوراته ؛ تقشع ستائر الصمت والتكتم المحاطة دوما بمرض السرطان ؛ وتساهم في تحجيم الخوف من هذا المرض « البعبع» وتقليم أظافره ؛ فالمعرفة والمعلومة الصحيحة تفكك الأفكار النمطية والمبالغات ؛ وتخلع عن المرض هيبته وهالة الرعب المحيطة به . وهنا تأتي أهمية التعامل مع الكشف المبكر لسرطان الثدي بجدية ، والحرص على القيام به دورياً. تؤسس أيضاً تجربة الدكتورة سامية العمودي لثقافة المواجهة وعدم وضع الرؤوس في الرمال . والمتابع لتغريداتها يلاحظ تأكيدها على محاولة ممارسة الحياة بكافة تفاصيلها ومتابعة العمل خلال رحلة العلاج ؛ وبذلك يخرج المريض من قوقعة الانزواء والاختباء عن الناس ؛ ويساعد نفسه على تجاوز المعاناة بالتطبيع معها والتعايش . منذ إصابتها الأولى ، استطاعت الدكتورة سامية الخروج من دائرة الذات وحولت صراعها مع المرض إلى شأن عام ؛ فتماهى عندها الهم الخاص بالعام؛ ليصبح كل اكتشاف مبكر للمرض نصراً لها ولقضيتها في تثقيف النساء وتوعيتهن بالمرض ؛ وبالتالي هزيمته . أتشوق كثيراً لقراءة مذكرات الدكتورة سامية التي ستوقعها إن شاء الله في معرض الكتاب القادم بالرياض ؛ لثقتي بشجاعتها في البوح ؛ ولأهمية توثيق تجربة ثرية كتجربتها في استنهاض الهمم واستمطار الأمل وتحريض طاقة الإنسان الكامنة في صراع البقاء . وهي اليوم إذ تتحدث في تغريداتها عن مذكراتها تؤكد أنها ليست قصتها وحدها ولكن قصة جيل من نساء الوطن ممن حفرن الطريق في التعليم والطب، ونحتن طريقهن في درب التمكين . إنها كما تقول في سباق مع الزمن لتروي خلاصة تجربة أم طبيبة ناجية من السرطان من جيل الثمانينات ؛ والحراك المجتمعي في تلك المرحلة مما يحتاج لتوثيقه. ويبقى أن أقول : لا يزال درب تمكين المرأة السعودية طويلاً وشائكاً ومحفوفاً بشتى أنواع المصاعب ؛ ولا تزال المرأة تنحت الصخر لتحصل على الاعتراف بأهليتها الكاملة . amal_zahid@hotmail.com
مشاركة :