كنت كتبت منذ فترة بعيدة مقالاً بعنوان انتخبوا أم سامي، هي سيدة قصيمية توفاها الله، تنتقد كثيراً من أمور البلدية والنظافة والمستشفيات والطرق كل ما لا تراه جيداً، فكانت تضع يدها بحركة مميزة على فمها حين تنتقد، فعندما وقف افتح ياسمسم قالت: استكثروه! تذكرتها وأنا أتابع أحد البرامج، حيث أفرحتني عودة افتح ياسمسم لأطفالنا فهو الشيء الجميل والذي سيربط صغارنا بالتلفزيون وباللغة العربية، فألسنتهم تكسر بها اللغة لا هي عربي ولا إنجليزي، هجين بينهما، بحيث يفقد الطفل جزءاً أساسياً من العملية التربوية من جهة ومن هويته وانتمائه، فاللغة هي روح الأمة. وهي روح لابد أن تكون متجددة وولادة حتى تعايش الزمن والعصر. برنامج افتح ياسمسم ماتع سهل جميل، وهو الحديقة الجميلة للإنتاج البرامجي لمجلس التعاون، أما ما يتعلق بالاتفاقيات الأمنية والسياسية والاقتصادية فهي طموحات تخص الكبار، ولا شأن لأطفالنا بمتابعتها. افتح ياسمسم ولغته العربية البسيطة غير المتكلفة تبدو قريبة متوائمة مع لغة الطفل اليومية مع التأكد من عربيتها الفصحى. أما أناشيده فكانت جميلة بسيطة وتدخل للقلب بل لازلت أردد أحدها، أتذكر أطفالي وهم يتحلقون حول البرنامج بسعادة كبيرة ومن ثم يكررون ترديد الأناشيد. ومنها: أطفالنا سيروا سيروا إلى النهر الجميل أحبانا سيروا نغدو إلى النهر الجميل في نهرنا سمك يشتاقه الصياد يصطاده شبك فيفرح الأولاد ما أطيب السمك يشوى على النار هيا لنأكله برفقة الجار ما أطيب السمك ما أنكه السمك لحم يغذينا زيت يقوينا هذه الأنشود جميلة ومتكاملة عناصرها وبلغة ولحن جميل، وتختصر الكثير من المعاني الجميلة بأبيات سهلة وبسيطة، يستطيع الصغار حفظها بسهولة مثلما حفظوا افتتاحية البرنامج، تتواكب من الصور الجميلة للاطفال والنهر والسماء الزرقاء المشرقة بحيث تكون لوحة ربانية جميلة. النهر الجميل، وهذا النهر يقرب لهم فكرة الصيد والرزق التي يفرح الصياد، المعروف عن الكثير من الأطفال عدم حبهم للسمك، فهذه الأنشودة تحببهم به فلحمه لذيذ وزيته الذي يحوي الكثير من العناصر والمعادن لعل جيلي يتذكر كيف كان أهلنا يجبروننا على شرب زيت السمك (البحار السبعة). الذي أعرفه أن بعض الأمهات اتخذت من هذه الأنشودة سبيلاً لتدع صغارها يأكلون السمك، بل ويتلذذون به، ولم ينس المؤلف العلاقات الاجتماعية، للجار نصيب معهم بالوجبة السمكية اللذيذة. هكذا حوت أنشودة قصيرة وبسيطة على معان كبيرة. إننا نترقب افتح ياسمسم بعد 25 عاماً وتطور الحياة تطوراً مذهلاً والصغار قبل 25 أصبحوا رجالاً وسيدات ولديهم أبناء. والبلاد الجميلة تغيرت كثيراً، كما تغيرت مفاهيم وأفكار، وأثّرت التقنيات كثيراً على الطفولة، ليس في بلادنا فحسب بل في كل بلدان العالم، فمرحباً بافتح ياسمسم، لعله يعيد تربية ذائقة الصغار ويمنحهم سلاماً دمرته الحروب والانقسامات، يعيد للغة العربية جمالها وينظف ألسنتهم من غث اللغات المهجنة. مرحباً ببرنامج يوحد ألسنة صغارنا بعدما تفرقت بها اللهجات الهجين، مرحباً ببرنامج يواكب الجديد في التطور الكبير والقفزات الكبرى في عالم التقنية هذا العالم الذي تغير كثيراً عما كان عليه وقت وقف البرنامج، وتغير صغارنا أكثر!
مشاركة :