هذا ما جناه الإنترنت على الأدب!

  • 2/1/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أصبحت من التراث... تلك المشاهد التي كانت تحدث في قديمنا العربي، والتي تتمثل في الاحتفاء الصحافي شديد الخصوصية بقصيدة يكتبها أحد الشعراء العرب مثل أحمد شوقي أو حافظ إبراهيم، فتجدها منشورة على الصفحة الأولى من جريدة مهمة، كما تتناقلها معظم الصحف العربية أيضا على صفحاتها الأولى أو على صفحاتها الداخلية المهمة، ليتناولها بالقراءة الجميع، تأثراً واستمتاعاً، وتداولاً، واعتزازاً بقيمتها الأدبية والعربية.ولكن هذا الدلال... انسحب بعض الشيء ولم تعد الصفحات الأولى مكاناً مرحباً به للقصائد الشعرية، إلا أن هذا الاهتمام الأدبي ظل محافظاً على قيمته حتى في السنوات الأخيرة من القرن الماضي والسنوات الأولى من القرن الحالي.نعم، ظل الأدب محركاً رئيساً للمجتمع وحافزاً قوياً لنهضته ووعيه، لتبرز أسماء أدبية كبيرة في عالمنا العربي على وجه الخصوص، هذه الأسماء لم تكن متوقفة عند جيل محدد ولكنها في حالة ازدياد دائم من خلال تعاقب الأجيال، بين الضعف والقوة، إلا أن الحالة الأدبية كانت مزدهرة، وتشي بحركة غاية في الأهمية.في هذه الفترات البعيدة والقريبة قرأنا لشوقي وحافظ والبياتي والجواهري والعسكر والسياب وغيرهم الكثير في مجال الأدب، كما تابعنا بشغف الكتابات القصصية والروائية ليوسف إدريس ونجيب محفوظ وعبد القدوس وغيرهم ممن كانت لهم أدوار فاعلة ومثرية في توعية المجتمعات في مختلف الأقطار العربية، وأيضا في المجالات المسرحية.فلا أدري هل نحن نعيش في ردة إبداعية - إن صح التعبير- تلك التي أعادتنا إلى زمن تخطيناه بسنوات طويلة، والذي لم تكن فيه الكلمة ذات قيمة، وكانت الغلبة لأشياء أخرى مثل القوة والتسلط والسطو وغيرها، وأن هذه الأشياء قد استبدلت في زماننا هذا... بالشهرة التي يصنعها صاحبها من خلال وجوده الدائم على مواقع التواصل الاجتماعي، وغيرها.إنني رغم كل ذلك - وهذا هو طبعي الذي لا أريد التخلص منه - متفائل كثيراً بأن تعود الروح إلى الإبداع الحقيقي، ولكن بعد تلك الفترة التي تعاقب فيها الأسماء الطارئة على الأدب ثم تختفي، ليظل الإبداع الحقيقي هو الثابت على الأرض، بفضل ما يحققه من قيمة إنسانية منشودة، إنها طموحات وتطلعات، أرى أنها ستتحقق ليس في القريب البعد، ولكن في القريب العاجل، فإنني أرى بوادر وأحس بمشاهد كثيرة، تؤكد أن الجمهور - المتلقي للإبداع - بدأ يعرف أن ما يقدم إليه على «السوشيال ميديا»، فيه الغث والسمين، وأنه مطالب بمراجعة أو فلنقل «تنقية»، هذه الإبداعات من محتواها السيئ، للحصول على الجودة التي تعينه على الحياة، وتحقق له ما يصبو إليه من كتابات حقيقية، صادقة.* كاتب وأكاديمي كويتي

مشاركة :