قال الكاتب الصحفي علاء ثابت رئيس تحرير جريدة الأهرام إذا كان ماكرون يعتبر القضايا التى يضعها تحت بند «حقوق الإنسان» تتيح لأى دولة حق التدخل فى شئون البلدان الأخرى، فيجب ألا يعترض على تصريحات المسئولين الإيطاليين وغيرهم ممن أعلنوا تأييد حركات احتجاج سلمية ضد سياسات ماكرون، وليس من حقه حتى الإشارة إلى وجود أيد خارجية تدعم الاحتجاجات ضده، مادام الأمر جائزا ومشروعا فى رأيه، أما إذا كان يعتقد أن من حقه التدخل فى شئون الدول ، وليس من حق الدول الأخرى أن تتدخل فى الشأن الفرنسى فإن هذا يعد نوعا من ازدواجية المعايير التى يمكن وصفها بالتعالى و العنصرية، وكأن للرئيس الفرنسى حقوقا تفوق غيره أو أن فرنسا لها وضع يختلف عن باقى دول العالم. وتسأل ثابت هل يمكن أن تقبل فرنسا بإنشاء مراكز حقوقية بتمويل أجنبى تدعم حركات الاحتجاج فيها ويلتقى معهم رؤساء أجانب؟وأضاف ثابت فى مقاله المنشور اليوم الجمعة بجريدة "الأهرام"أن مصر لم تحتج على ما قاله ماكرون عن حقوق الإنسان فى مصر، بل تركته يلتقى من يرى أنهم من نشطاء المراكز الحقوقية التى تتلقى تمويلا أجنبيا، وهذه مسألة بالغة الحساسية وتتعلق بأمور السيادة. إن المشكلة ليست فيمن يلتقى معهم الرئيس ماكرون أو غيره، لكن أن يكون اللقاء مع تلك المجموعات الصغيرة من متلقى التمويل الأجنبى فهذا لا يتناسب مع مكانة ماكرون، ويضع مزيدا من علامات الاستفهام والشكوك حول هؤلاء «النشطاء» الذين لم يتكلم أحدهم عن أوضاع حقوق الإنسان فى فرنسا ولا عن عمليات الاعتقال التى يتعرض لها المحتجون هناك، ولا كل أشكال القمع من دولة تقول إنها مهد حقوق الإنسان، ورافعة راية الثورة الفرنسية التى جرى انتهاكها فى شارع الشانزليزيه أمام العالم كله.إلي نص المقالعندما أعلن عدد من أعضاء الحكومة الإيطالية دعمهم المحتجين ضد سياسة الرئيس الفرنسى ماكرون من أصحاب السترات الصفراء، احتج ماكرون على التدخل الإيطالى فى الشئون الداخلية لفرنسا رغم أن إيطاليا عضو بارز فى الاتحاد الأوروبى الذى يعتبره ماكرون كيانا موحدا، لكنه لم يحتمل مجرد رأى من أصدقائه الإيطاليين، بل إن حكومة ماكرون أشارت مرارا إلى وجود أيد خارجية وراء احتجاجات أصحاب السترات الصفراء المستمرة منذ شهور، وتمددت إلى معظم المدن الفرنسية ووصلت كذلك إلى الريف، والكثير من أعضاء الحكومة الفرنسية وجه باستخدام القوة وإغلاق الطرق، ومنع دخول أصحاب السترات الصفراء إلى باريس، وتعطيل مترو الأنفاق و إطلاق الأعيرة المطاطية وهناك شهادات على استخدام الرصاص.إذا كان ماكرون يعتبر القضايا التى يضعها تحت بند «حقوق الإنسان» تتيح لأى دولة حق التدخل فى شئون البلدان الأخرى، فيجب ألا يعترض على تصريحات المسئولين الإيطاليين وغيرهم ممن أعلنوا تأييد حركات احتجاج سلمية ضد سياسات ماكرون، وليس من حقه حتى الإشارة إلى وجود أيد خارجية تدعم الاحتجاجات ضده، مادام الأمر جائزا ومشروعا فى رأيه، أما إذا كان يعتقد أن من حقه التدخل فى شئون الدول ، وليس من حق الدول الأخرى أن تتدخل فى الشأن الفرنسى فإن هذا يعد نوعا من ازدواجية المعايير التى يمكن وصفها بالتعالى و العنصرية، وكأن للرئيس الفرنسى حقوقا تفوق غيره أو أن فرنسا لها وضع يختلف عن باقى دول العالم.لم تحتج مصر على ما قاله ماكرون عن حقوق الإنسان فى مصر، بل تركته يلتقى من يرى أنهم من نشطاء المراكز الحقوقية التى تتلقى تمويلا أجنبيا، وهذه مسألة بالغة الحساسية وتتعلق بأمور السيادة. إن المشكلة ليست فيمن يلتقى معهم الرئيس ماكرون أو غيره، لكن أن يكون اللقاء مع تلك المجموعات الصغيرة من متلقى التمويل الأجنبى فهذا لا يتناسب مع مكانة ماكرون، ويضع مزيدا من علامات الاستفهام والشكوك حول هؤلاء «النشطاء» الذين لم يتكلم أحدهم عن أوضاع حقوق الإنسان فى فرنسا ولا عن عمليات الاعتقال التى يتعرض لها المحتجون هناك، ولا كل أشكال القمع من دولة تقول إنها مهد حقوق الإنسان، ورافعة راية الثورة الفرنسية التى جرى انتهاكها فى شارع الشانزليزيه أمام العالم كله.لا يمكن التعامل بانتقائية فى حقوق الإنسان، فلا تمارس القمع والاعتقال فى بلدك ثم تأتى لتنتقد بلدانا أخرى، وتلقى بالخطب والعظات على مسامعنا. فعلى السيد ماكرون أن يهتم بحقوق الإنسان فى بلده أولا، وعلى كهنة حقوق الإنسان من أصحاب المراكز الحقوقية الممولة أن يوضحوا لنا كيف لبلد عريق مثل فرنسا وظروفه الاقتصادية أفضل منا بكثير ومستوى التعليم والوعى مرتفع لديهم ، ولا يتعرضون لخطر استضافتهم عددا من المحرضين والمروجين للإرهاب، ومن سافروا إلى سوريا والعراق وأفغانستان تحت نظر وسمع أجهزة الأمن الفرنسية.إننا نأمل أن تتضافر الجهود فى محاربة الإرهاب وألا تتحول قضية الإرهاب إلى ورقة سياسية تتلاعب بها الدول الكبرى حسب مصالحها، ولا تريد،إلى الآن، وضع تعريف محدد ودقيق للإرهاب، وتتهرب منه، لأنها ترى الإرهاب الذى يحقق مصالحها إرهابا جيدا يمكن السكوت عليه ولا أقول دعمه، رغم وجود شواهد ومعلومات كثيرة عن دول تدعى أنها تحارب الإرهاب، بينما كانت و مازالت تقدم له الدعم، وهناك عشرات الكتب والمقالات والبحوث التى تكشف عن هذا الدور المزدوج.أما أن تتحول الحرب على الإرهاب إلى قضية مساومة وتلاعب ويتهم من يتصدى له ويتم وصف جهوده لمكافحة الإرهاب بالقمع والاعتداء على حقوق الإرهابيين ، فهذا ينسف كل الجهود الحقيقية والتضحيات المبذولة لحماية الإنسانية من الإرهاب.لقد تحول الإرهاب إلى وجهة نظر فى رأى بعض الدول وكذلك أصبحت حقوق الإنسان وجهة نظر أيضا تعكس ازدواجية العديد من تلك الدول تجاه الإرهاب وحقوق الإنسان، وهذا هو ما أخرنا كثيرا فى استئصال جذور الإرهاب، فهناك دول وظفت الإرهاب لمصلحتها، ونفت عنها صفة الإرهاب، وهناك من وضعوا خصومهم فى قائمة الإرهاب لتختلط المفاهيم وترتبك الرؤى حول سبل مواجهة الإرهاب.إننى أشكر السيد ماكرون الذى أتاح لى أن أخوض فى تلك المسألة المعقدة، وأن نناقشها بشفافية وصراحة، مع ضرورة وضع تعريف محدد ودقيق للإرهاب وكذلك حقوق الإنسان. فهل يمكن لقادة البلدان الغنية والقوية أن تقدم لنا القدوة فى عدم خلط الأمور وعدم ازدواجية المعايير واحترام السيادة الوطنية للجميع وليس للدول الكبرى فقط؟ والكف عن استخدام الإرهاب أو دعمه بأى شكل وأن نضع معا تعريفات موحدة للإرهاب تقى الجميع شر تلك الجماعات الإرهابية؟وأخيرا أتوجه بسؤال إلى الرئيس ماكرون: هل يمكن أن تقبل فرنسا بإنشاء مراكز حقوقية بتمويل أجنبى تدعم حركات الاحتجاج فيها ويلتقى معهم رؤساء أجانب؟يا سيد ماكرون أنت لم تعش الإرهاب، فقط بضع شظايا أصابتكم بالرعب، لم تروا إرهابيين يقتلون المئات دفعة واحدة فى مسجد أو يفجرون كنيسة مليئة بالنساء والأطفال، فلو شاهدتم ولو قليلا من المآسى التى عشناها، لركزتم على حق البشر فى الحياة الآمنة وليس حق بضعة إرهابيين مارسوا القتل، و نحتجزهم لارتباطهم بشبكات إرهابية خطيرة. فلو كان الحقوقيون الذين التقيت معهم انتقدوا ممارساتكم ضد أصحاب السترات الصفراء لضقت بهم، لكن هؤلاء يدافعون عن جماعات مرتبطة بالإرهاب، يعد أصحاب السترات الصفراء ملائكة بالمقارنة بهم،ولكن شعبك لم يكتو بجحيم الإرهاب.يا سيد ماكرون بلادك لا تعانى أزمة اقتصادية مثل التى نعيشها، ولمجرد تعرضكم لأزمة بسيطة كادت بلادكم تشتعل من الغضب.اسمح لى بأن أقول لك إنك لا تعرف إلا قليلا، وما تعرفه ليس كله صحيحا وصادقا.يا سيد ماكرون أتمنى أن نركز معا على التعاون الاقتصادى، وأن نواجه معا الإرهاب بشكل جاد ودون ازدواجية، وإذا نجحنا فى ذلك فسوف يحقق الشعبان الفرنسى والمصرى خطوات مهمة على طريق الاستقرار والنماء والأمن والسلام.
مشاركة :