قال الكاتب الصحفي علاء ثابت رئيس تحرير جريدة الأهرام إن المبادرة التى أطلقها الرئيس بعنوان «حياة كريمة» للفئات الأكثر احتياجا، لها ثلاثة محاور اقتصادية واجتماعية، أولها ترسيخ مفهوم التكافل الاجتماعى، وهو من أهم سمات المجتمع المصرى الإيجابية التى تعرضت لمحاولات طمسها تحت وطأة العزلة المجتمعية والأنانية الفردية، والسباق الذى يتجاوز حد تحقيق النجاح إلى تكديس أكبر ثروة ممكنة، وبعودة مفهوم التكافل الاجتماعى بين الأغنياء والفئات الأقل قدرة، يستعيد مجتمعنا صحته وحيويته، والمشاعر الإنسانية الراقية بين أفراده وفئاته، ليكون حب الخير للجميع هو الشعور السائد، وليس السخط أو الحسد، أو الرغبة فى الاستحواذ، وبذلك تترسخ الأخلاق المصرية التى راكمتها حضارتنا على مر الأجيال، لنجعل منها سمة إيجابية، تحمى المجتمع وتطوره، وتنشر المحبة والتقدير بين فئاته. وأضاف ثابت فى مقاله المنشور اليوم الجمعة بجريدة "الأهرام" أما المحمور الثانى فهو أننا دخلنا مرحلة جنى المكاسب، من وراء التضحيات والإصلاح، وأن ثمار جهود وصبر الشعب المصرى لم تذهب هباء، بل حققت الغاية منها، وها نحن نتحدث عن أولويات التوزيع، وهنا يأتى المحور الثالث، وهو منح الأولوية للأكثر احتياجا، يليهم الأقل احتياجا، وصولا إلى الرفاهية التى نتمنى أن تعم جميع فئات الشعب المصرى ليفخروا بما حققوه بعرقهم وكدهم وصبرهم.وفى سياق أخري عن سنوات صعبة مرت.. وتفاؤل بعام 2019، عبر الكاتب الصحفى علاء ثابت عن أمله فى أن يتمكن البشر من القدرة على الحوار والتعاون واستثمار الثروة فيما يفيد، وليس فى الصراعات المسلحة وسباقات العنف والقوة، والعلاج من الأمراض الخطيرة، لتخفف من معاناة البشر وتنشر السعادة بدلا من الحروب.إلى نص المقال:عند مقارنة ما قدمه الشعب المصرى من تضحيات، فى سبيل الإصلاح الاقتصادى وإعادة التوازن بين الإنفاق والعائد، سنجد أنه يفوق أى معدل للإصلاح جرى فى معظم دول العالم، بما فيها تلك الدول التى كانت تواجه ظروفا اقتصادية أكثر صعوبة من مصر، مثل اليونان التى تجاوزت مديونياتها كل الخطوط الحمراء واحتاجت إلى عمليات جراحية صعبة بمساعدة الاتحاد الأوروبى، وفى مقدمته ألمانيا. فقد صمم الشعب المصرى على أن يسدد قيمة الإصلاح من قوت يومه ونمط حياته، وتخلى معظم الفئات المتوسطة والفقيرة عن بعض حاجاتها الضرورية وقلصت من الإنفاق فى جوانب عديدة، أعرف عددا من الأسر خفضت الإنفاق على الدروس الخصوصية، وتولى الآباء والإخوة مساعدة الأبناء وحثهم على بذل مجهود أكبر والاعتماد على النفس، وهناك من ضحوا بما هو أكثر وارتضوا بأن يبذلوا ويعانوا لأنهم يدركون أن تلك التضحيات والمعاناة سوف تعود عليهم، وبدون ذلك يمكن أن تهدد الوطن مخاطر جسيمة، وقد رأينا دولا عظمى مهددة ليس بالتراجع فقط وإنما بانهيار منظومتها الاقتصادية والسياسية، وفرنسا كانت إحدى تلك الدول العظمى، حيث تعانى ديونا ثقيلة تجاوزت ثلاثة تريليونات يورو، تفوق ناتجها المحلى الإجمالى، ولم تتمكن من تحمل فاتورة الإصلاح، واضطر الرئيس ماكرون إلى التراجع عن خطته، وهدم كل ما فعله طوال الفترة السابقة، لأنه لم يجد الدعم الشعبى لخطته، على العكس مما رأيناه فى مصر، فرغم التضحيات الكبرى التى قدمها الشعب المصرى، وخطة الإصلاح الصعبة، فإن التأييد الشعبى فى مصر كان قويا، ولا يرجع ذلك إلى الثقة التى يوليها الشعب المصرى للرئيس عبدالفتاح السيسى فقط، وإنما بفضل وعيه وحبه لوطنه، وإدراكه تبعات التأخير فى الإصلاح الاقتصادى الذى قطعنا فيه شوطا طويلا، وها هو بدأ يؤتى ثماره، فالكثير من المشروعات الإنتاجية فى الصناعة، واستصلاح الأراضى والزراعة الحديثة بدأت تثمر، ويزداد إنتاجها يوما بعد يوم، لنشعر بالتحسن التدريجى، وإن كان بطيئا أو غير متكافئ بين قطاع وآخر، أو مشروعات تحتاج إلى وقت أطول، وأخرى تثمر بسرعة لكنها فى النهاية تحقق الغايات.هذه هى البطولة التى تحدث عنها الرئيس فهو يدرك حجم العطاء والتضحية التى قدمها الشعب المصرى، وأراد تكريمه معنويا بالإشادة بتحمله وصبره وقوة إرادته، لكنه قرر أن تكون الفئات الأكثر احتياجا هم أول من يحصلون على مكافأة الصبر والتحمل، ليس لأنهم دفعوا الفاتورة الأكبر، فهناك فئات دفعت قيمة أكبر، لكن الفئات الأكثر احتياجا ضحت بالضروريات، وليس بالأشياء الترفيهية أو التى يسهل تقليصها، أو الاستغناء عنها، ولهذا فإن تضحياتهم تفوق غيرهم من الفئات القادرة، ولهذا كان قرار الرئيس بأن تكون تلك الفئات لها الأولوية، فذلك يعنى إعادة توزيع الدخل وترسيخ مفهوم العدالة الاجتماعية، وأن يحصل الأكثر فقرا على النسبة الأكبر من عوائد الإصلاح الاقتصادى.هذه الفلسفة التى يعتمدها الرئيس فى توزيع الأعباء وتوزيع العوائد، فالأقل احتياجا يدفع نسبة أكبر، بينما عند التوزيع يقف الأكثر احتياجا فى مقدمة صفوف من يحصلون على الفوائد والعوائد، وبهذا تتحقق العدالة، لكنها لا تقف عند حدود الفئات المنتجة والمساهمة فى التطوير والإصلاح وستحصل جميعها على مزايا ومكاسب ستزداد مع الوقت، لأن كل انتعاش اقتصادى يحرك جميع قطاعات الإنتاج، ويرفع الأرباح، ومن ثم تتحقق المكاسب، وهذه غاية الإصلاح الذى يبدأ بقطاعات نعتبرها قاطرة تجر خلفها باقى القطاعات الإنتاجية والخدمية.إن المبادرة التى أطلقها الرئيس بعنوان «حياة كريمة» للفئات الأكثر احتياجا، لها ثلاثة محاور اقتصادية واجتماعية، أولها ترسيخ مفهوم التكافل الاجتماعى، وهو من أهم سمات المجتمع المصرى الإيجابية التى تعرضت لمحاولات طمسها تحت وطأة العزلة المجتمعية والأنانية الفردية، والسباق الذى يتجاوز حد تحقيق النجاح إلى تكديس أكبر ثروة ممكنة، وبعودة مفهوم التكافل الاجتماعى بين الأغنياء والفئات الأقل قدرة، يستعيد مجتمعنا صحته وحيويته، والمشاعر الإنسانية الراقية بين أفراده وفئاته، ليكون حب الخير للجميع هو الشعور السائد، وليس السخط أو الحسد، أو الرغبة فى الاستحواذ، وبذلك تترسخ الأخلاق المصرية التى راكمتها حضارتنا على مر الأجيال، لنجعل منها سمة إيجابية، تحمى المجتمع وتطوره، وتنشر المحبة والتقدير بين فئاته. أما المحمور الثانى فهو أننا دخلنا مرحلة جنى المكاسب، من وراء التضحيات والإصلاح، وأن ثمار جهود وصبر الشعب المصرى لم تذهب هباء، بل حققت الغاية منها، وها نحن نتحدث عن أولويات التوزيع، وهنا يأتى المحور الثالث، وهو منح الأولوية للأكثر احتياجا، يليهم الأقل احتياجا، وصولا إلى الرفاهية التى نتمنى أن تعم جميع فئات الشعب المصرى ليفخروا بما حققوه بعرقهم وكدهم وصبرهم.سنوات صعبة مرت.. وتفاؤل بعام 2019رحل عام 2018 بحلوه ومره وننتظر عاما نأمل أن يكون أفضل من سابقه، معظم المراقبين يرون أن عام 2018 كان من أكثر السنوات اضطرابا فى منطقتنا والعالم، فقد مررنا بثمانى سنوات هى الأصعب على المنطقة فى تاريخها الحديث حيث تعرضت لأشد المخاطر التى كادت تخفى دولا من على الخرائط، بتعرضها للتقسيم والفشل والفوضى، وكانت كل من سوريا والعراق على شفا خطر التقسيم، إلا أن وضعهما فى العام الأخير صار أفضل كثيرا، وهناك بصيص أمل فى أن تجد الأزمة اليمنية طريقها إلى الحل بعد النجاح المحدود الذى أحرزته مفاوضات إستوكهولم، وإن لم يكن الحل السياسى قريبا، إلا أن اليمن ابتعد عن شبح المجاعة بالاتفاق على فتح ميناء الحديدة وتسيير قوافل الإغاثة إلى معظم مدن اليمن وإمداده بالغذاء والدواء وصرف أجور موظفى الدولة، وينتظر اليمن أن تتوصل الأطراف الداخلية إلى حل يضمن استقرار اليمن وابتعاده عن الاستقطابات الإقليمية.كما قطعت ليبيا شوطا جيدا على طريق المصالحة، وضاقت المسافة بين الأطراف المتصارعة، وأصبحت أكثر استعدادا للتوصل إلى حل ينهى هذا الصراع الدموى والطويل، والتى فاقم التدخل الأجنبى من معاناة شعبها، الذى يتوق إلى العودة إلى الاستقرار وإعادة البناء.ورغم أن مصر قد حماها الله من أن تتعرض لحروب داخلية، وتخلصت من حكم جماعة الإخوان الإرهابية بأقل قدر من الخسائر، فإنها قد عانت اقتصاديا تداعيات الحروب التى شهدتها المنطقة، والتى كان لها تأثيرها الخطير على مجالات عدة. وبالفعل بدأنا فى حصد ثمار جهد السنوات الأخيرة، التى ركزت على إعادة بناء وتأهيل البنية التحتية، بما يسهل إقامة المشروعات الصناعية والزراعية والخدمية، وأصبحنا نرى فى كل يوم مشروعا جديدا، سواء طريقا أو كوبرى أو مصنعا أو مزرعة، فعجلة الإنتاج تحركت وتزيد سرعتها بمضى الوقت، وارتفعت معدلات التنمية المستدامة، فى الوقت الذى تحرص فيه مصر على تجنب الصراعات المسلحة، مع استعدادها الدائم لحماية الدولة، وأن يكون جيشها فى أعلى درجات اليقظة والكفاءة، ومع ذلك فإن علاقات مصر السياسية والاقتصادية بجميع الأطراف على أحسن حال، بفضل الرؤية المصرية التى ترى أن الحلول السلمية عن طريق الحوار، هى أفضل الطرق وأقلها تكلفة، وبهذا نجحت فى أن تكون محل ثقة وتقدير كل الأشقاء العرب والمجتمع الدولى. أما إذا تطرقنا إلى ما يحدث على الساحة الدولية فسنجد أن الأمور ليست على ما يرام، وتكفى نظرة إلى الولايات المتحدة التى تشهد صراعا محتدما بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وعدد كبير من مؤسسات الدولة، وإدارته متخبطة، فيكفى أنه أنهى خدمات أكثر من 30 مسئولا كبيرا فى إدارته، ومن المقرر أن يشهد العام الجديد تصعيدا أشد بتولى الحزب الديمقراطى قيادة مجلس النواب، لتستمر حالة الارتباك والتصدع داخل أقوى دولة فى العالم.لم يكن الصراع الداخلى هو أهم ما ميز السياسة الأمريكية، وإنما اتساع نطاق الحروب التجارية، وفرض العقوبات الاقتصادية، التى شملت معظم أصدقاء الولايات المتحدة، وليس خصومها فقط، وللحرب التجارية فى حال استمرارها وتفاقمها آثار سلبية على معدلات النمو والتجارة العالمية.أوروبا لم تكن بمنأى عن تلك الهزات، فقد تعرضت فرنسا فجأة لهزة اقتصادية وسياسية خطيرة، ومن المتوقع أن تستمر حالة عدم الاستقرار فى فرنسا، بل قد تنتقل إلى اقتصادات أوروبية، تعانى أزمات لا تقل خطورة عن فرنسا، وفى مقدمتها إيطاليا وإسبانيا واليونان، وعدد من دول شرق أوروبا، ورغم أن الاقتصاد الألمانى كان صمام الأمان للاتحاد الأوروبى، فلم يعد بمقدوره أن يفعل شيئا مع اتساع دائرة الأزمات وتفاقمها، بل قد تتعرض ألمانيا لبعض المتاعب.وإذا كانت روسيا قد تعرضت لعقوبات اقتصادية ذات طابع سياسى، بسبب تحديها الولايات المتحدة وأوروبا، سواء فى سوريا أو أوكرانيا، فإن روسيا كانت لديها متاعب أخرى على المستوى السياسى والاقتصادى.تظل الصين من أكثر دول العالم استقرارا اقتصاديا وسياسيا، وتحقق معدلات نمو هى الأكثر ارتفاعا بين الدول الصناعية الكبرى، إلا أن الولايات المتحدة ضاقت من الفائض التجارى الهائل الذى تحققه الصين معها، وقررت فرض رسوم جمركية للحد من تدفق السلع الصينية إلى الأسواق الأمريكية، لكن التنافس التجارى أخذ يتحول إلى منافسة سياسية وعسكرية، وتسعى الصين إلى الحد من الوجود العسكرى الأمريكى فى كوريا الجنوبية واليابان، وتخفيف الاحتقان بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، إلا أن الأهمية الاقتصادية والعسكرية للمنطقة ستجعلها دوما فى بؤرة الأحداث ومرشحة للتصعيد.كلنا أمل فى أن يتمكن البشر من القدرة على الحوار والتعاون واستثمار الثروة فيما يفيد، وليس فى الصراعات المسلحة وسباقات العنف والقوة، والعلاج من الأمراض الخطيرة، لتخفف من معاناة البشر وتنشر السعادة بدلا من الحروب.
مشاركة :