برلين - يكون الناس في فصل الشتاء عرضة أكثر للإصابة بالاكتئاب وتعكر المزاج ويعود ذلك جزئيا إلى البرودة والأجواء المعتمة ولكن يحدث ذلك أيضا لأن الأشخاص يميلون إلى التقليل من الخروج من المنزل، كما تنخفض الأنشطة الاجتماعية والبدنية على حد سواء. ومنذ زمن بعيد، ارتبط الاكتئاب بالنشاط البدني ولكن طبيعة هذا الارتباط -حتى الآن- تركت سؤالا واحدا مطروحا: هل يمكن أن تقلل ممارسة الرياضة خطر الإصابة بالاكتئاب في المقام الأول؟ توصلت دراسة جديدة أجراها باحثون في مستشفى ماساتشوستس إلى إجابة على هذا السؤال. إذ تقول رئيسة فريق الباحثين، كارمل تشوي، “باستخدام البيانات الوراثية، وجدنا أدلة على أن المستويات الأعلى من النشاط البدني قد تقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب”. ويعني هذا أن المرء إذا مارس الرياضة بانتظام، فإنه يقلل بفاعلية من خطر إصابته بالاكتئاب. ويستند هذا البحث إلى دراسة مجموعتين من البيانات حول النشاط البدني. إحداهما قام فيها المشاركون بالتسجيل الذاتي لمستويات ممارستهم للرياضة والثانية جمع فيها الباحثون البيانات من جهاز استشعار لرصد الحركة. وأظهرت البيانات المأخوذة من جهاز استشعار رصد الحركة أن النشاط البدني قد منع الاكتئاب، لكن مجموعة البيانات التي تم تسجيلها ذاتيا لم تجد هذه العلاقة. ووجدت الدراسة أن ذلك قد يرجع إلى أن الأشخاص المعنيين لم يسجلوا أشكالا معينة من النشاط البدني في تقاريرهم، مثل المشي إلى العمل أو تنظيف المنزل. ومع ذلك، فإن أي شكل من أشكال النشاط البدني يمكن أن يساعد في منع الاكتئاب، وفقا للدراسة. وتشير تشوي إلى أن “معرفة أن النشاط البدني يمكن أن يكون مفيدا لمنع الاكتئاب هو دافع مهم لجعل الناس نشطين فعليا. فمن الضروري العمل أكثر على تكييف التوصيات لتناسب فئات مختلفة من الأشخاص ممن يواجهون مخاطر صحية مختلفة”. وأضافت أن الباحثين يتطلعون الآن إلى رصد فوائد الرياضة لمختلف الأشخاص وتحديد الطرق التي يمكن أن تساعد بها هذه المعلومات في تعزيز النشاط البدني بشكل عام. يذكر أنه من المحتمل أن يحتاج الأشخاص الذين لديهم استعداد جيني للاكتئاب إلى اتباع نهج مختلف في ممارسة التمارين الرياضية مقارنة بالأشخاص الذين يمرون بمواقف عرضية ومؤقتة قد تسبب بعض الضغط النفسي. وكانت إحدى الدراسات الأميركية قد أثبتت أن ممارسة ساعة من النشاط البدني مرة في الأسبوع من شأنه أن يساعد على تخفيض مخاطر الإصابة بالاكتئاب. نشرت نتائج الدراسة في المجلة الأميركية للطب النفسي(أميركان جورنال أوف سايكايتري). استخدم الباحثون في معهد بلاك دوغ في أستراليا بيانات من دراسة صحية أجراها نورد- تروندلاغ (هانت)، واحدة من أكبر وأشمل استقصاءات الصحة الديموغرافية التي أُجريت في النرويج بين عامي 1984 و1997. وقد شملت الدراسة حوالي 33908 مواطنين نرويجيين من البالغين، والذين تمَّ رصد مستويات نشاطهم البدني والاكتئاب لديهم لمدة 11 عامًا. وذكر المشاركون عدد مرات وشدّة التمارين الرياضية التي شاركوا في أدائها، وملأوا كذلك استبيانًا للتقييم الذاتي، للإشارة إلى أي علامات للإصابة بالقلق أو أي شكل من أشكال الاكتئاب. وأثبتت النتائج أنّ الأشخاص الذين قالوا إنهم لم يمارسوا أيّ نوع من أنواع الرياضة البدنية، ازدادت مخاطر إصابتهم بالاكتئاب 44 بالمئة، مقارنة بأولئك الذين مارسوا الرياضة حوالي ساعتين في الأسبوع.
مشاركة :