أوضحت معالي نورة الكعبي، وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة، خلال ترؤسها للجلسة الأولى للمؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية أن مفهوم الأخوة الإنسانية يتناول طبيعة العلاقة التي تربط البشر فيما بينهم، حيث إن ركائزها تتعدى مجرد الاعتراف بالآخر، سمواً إلى آفاق التأخي بمدى قوة تعاون الجميع، ومقدار التزامهم بواجباتهم لإنجاح هذه العلاقة من أجل مصلحة الإنسانية. وقالت معاليها: «إن الهدف من وراء نقاشنا حول منطلقات الأخوة الإنسانية هو إطلاق مشروع إعادة بناء جسور التواصل الإنساني الحقيقي، والتعاون المثمر، والثقة والاحترام والمحبة الضرورية لعبور الإنسانية بشتى أعراقها وأطيافها وتنوعها الجمالي إلى شاطئ السلام، إلى أفق فتح صفحة جديدة في العلاقات الإنسانية لمواجهة التطرف الفكري ونتائجه السلبية التي عانت منها الإنسانية طويلاً». ووجهت معالي نورة الكعبي -خلال الجلسة- سؤالاً للمجموعة المستضافة والتي تشكل شخصيات نسائية دينية وثقافية من مختلف دول العالم، وتمحور السؤال حول كيفية العيش من منطلق الأخوة الإنسانية، حيث أكدت د.تشونغ أوك لي، رئيس مؤسسة ون البوذية الدولية من جمهورية كوريا، أن هناك أهمية للحب والسلام والتعاطف والحكمة التي تأتي من التقاليد، وهو أمر هام للتعايش في عالمنا اليوم، وفي مواجهة الأمور، وتعاملنا مع المشاكل الإنسانية، مشيرةً إلى أن مبدأ الأخوة الإنسانية يأتي من حقوق الإنسان الأساسية ومنها حقوق المرأة والأقليات، وأن المؤتمر خلال افتتاحه وما ذكره القادة الدينيون بأن الجميع يتشاركون مفهوم الأخوة الإنسانية وأن البشر عائلة واحدة، وأن الرفاهية تتحقق بما نتشاطره من الأخلاق والفضائل. تعاضد وتكاتف من جانبها، لفتت د.فاديا كيوان المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية- الجمهورية اللبنانية، إلى أن منطلقات الأخوة الإنسانية هي أمر حدسي مرتبط بالإنسانية، وكأن الجماعات معادية للجماعات الأخرى، إلا أنه تدريجياً تبدلت الأمور عندما ظهرت الديانات السماوية، فالديانات رحمة، تدعو للقيم وتوحيد الله، وتدعو لأخلاقيات تبني مشتركات للإنسانية، مشيرةً إلى أن الديانات تداخلت مع التاريخ الاجتماعي واستغلت لأغراض السلطة والسياسة، وذكرت أن التحديات التي تواجه البشرية اليوم، هي تحديات منطلق للأخوة الإنسانية للتعاضد والتكاتف لمواجهة الأخطار ضد البشرية. وعبرت معالي د. نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين في الخارج، جمهورية مصر العربية، عن مفهوم الإنسانية بأنه هو العطاء والمحبة والخير وإنكار الذات، وتأتي عودة عمل وزارة الهجرة وشؤون المصريين في الخارج، لتحمل في طياتها معاني إنسانية تقدر المصريين في الخارج بكافة شرائحهم. فمفهوم الإنسانية دائماً في ملفات وزارة الهجرة، فالمفاهيم الإنسانية تقرب المواطن المصري في الخارج لدولته، وذلك بالتدخل حتى في الحوادث الفردية، والوقوف وراء كرامة المصري في الخارج، حتى المهاجر غير الشرعي. مساعدة النساء فيما ذكرت الكاهن «ماري سول فيلالون» راعي الكنيسة المِثْيُودِيَّة الاتحادية- جمهورية الفلبين، دور الكنيسة في مساعدة النساء في عملية تهريب البشر، ففي الفلبين المرء أكثر انفتاحاً لكن أحياناً يلحظ أن هناك مفارقة في بلد به خير كثير، وأن الغالبية العظمى يعيشون في بلدنا بنوع من الفقر، وغالبية الفلاحين يتركون أراضيهم، بسبب رجال الأعمال ورواد الأعمال الذين يستغلونهم ويسيطرون على التصدير والاستيراد، يحرمونهم من حقهم في تشكيل اتحاداتهم ليكون نوعا من الاحتكار. وقالت: «الاستغلال والقهر والقمع، الذي بدأ في الماضي ما يزال موجوداً في الحاضر، وأصبح بصورة اللاعدالة ويعاني منها 90% من الناس، وعندما يكون هناك تاريخ من اللاعدالة، فإنه يتم الاستغلال». وأضافت: « تدخلت الكنيسة من أجل أن يكون هناك تعاون مع كل المقهورين في المجتمع، من الفلاحين والعمال الذين يشكلون العدد الأكبر من المضطهدين في المجتمع، تم تشكيل مجموعة حركة الأديان لتكون منظمات غير حكومية من أجل مكافحة تهريب البشر، وكل أشكال استغلال الأطفال واهتمامها الكبير بتحقيق السلام». وذكرت، أن الكنيسة وجدت لتكون مواجهة للفساد، والتضامن مع المظلومين والفقراء في صراعهم من أجل حياة أفضل، ففي الفلبين أفقر الفقراء هم السكان الأصليون في الفلبين الذين أخذت منهم أراضيهم، حرموا من التعليم والصحة، وحرموا أن يكونوا مساهمين في اتخاذ القرار وتحديد المصير، مشيرةً إلى أن قطاع المهاجرين في الفلبين يزداد ويبلغ عدهم من 10 إلى 15 مليون شخص في ما يزيد على 140 دولة، وأن أكثر من 5 آلاف يغادر البلد كل يوم، أغلبهم من النساء لإيحاد عمل، وبعضهم يحصلون على وظائف جيدة وبعضهم لا يحالفهم الحظ، وتعاني عائلاتهم مع معاناتهم في أماكن لجوئهم. وأكدت الكاهن «كوشو نيوانو» رئيس منظمة كوسي كاي اليابان، أهمية العمل معاً، فنضج المجتمعات لا يمكن أن يتم إذا وجدت الأنانية وإقصاء الآخرين، وأن المهمة التي تقع على عاتق الجميع هي بناء مجتمع يعتمد على روح المحبة للآخرين والإنسانية، وعندما يتم ذلك سيكون لدينا تسامح وتآخٍ ومجتمعات ناجحة، فإن كل الصراعات هي نتيجة خسارة عقلية التنازل للآخر. وقالت:«يجب ألا نتمسك بالأمور التافهة التي تقوم بالمزيد من الصرعات بيننا، وهي تفرق وتجعل الجميع تعسين، لذلك يجب أن نرى الأمور من وجهة نظر الآخر، وعلينا فتح قلوبنا وعقولنا للحقيقة». سؤال حول القلق ووجهت معالي الكعبي سؤالاً حول القلق القائم في كيفية تعليم الأجيال القادمة، حيث لفتت د.تشونغ أوك لي في مداخلتها إلى أن المادية في عالمنا اليوم أمر كبير جداً، ولا يمكن إن تختفي، وهناك اتفاق بين الجميع كرجال ونساء دين ومثقفين بأن المادية تفرق بين الناس، ويجب النظر للكيفية التي يمكن بها ردم الفجوة بين ما هو مادي وروحي. وقالت: عندما ننظر للقيم المادية التي يروج لها بأشكال الإعلانات المختلفة، سيكون هناك دائماً أشخاص أغنياء يمتلكون الكثير من أصول البشرية، والمادية تلهم الناس أن تكون لديهم عقول جشعة، وبالتالي يكون تفكيرهم بأن يحصلوا على المزيد والمزيد بغض النظر عما يتسبب فيه ذلك للآخرين، وزيادة في الاحتكار مما يزيد من الكره والبعد والفرقة. وشددت على أهمية زيادة القيم الروحية لدى الشباب، فالمستقبل البشري يتعلق بالحقوق، وبالتالي يمكن النجاة معاً، بوجود قيم وممارسات روحانية، سواء بحياتنا الشخصية أو المهنية، وأنه لا يوجد ما هو ضروري أكثر من القيم الروحية التي يجب أن تغرس في الجميع، وتربية الأطفال على هذه القيم، وأن نكافح بعيداً عن التطور المادي وإنما نطور الروابط التي تقربنا من بعضنا البعض. مواجهة التطرف وفي سؤال معالي نورة الكعبي عن أن المنطقة فيها الكثير من التساؤلات عن كيفية مواجهة التطرف بكافة أنواعه وكيفية مواجهة أمر تقبل الرأي الآخر خاصة في الأمور الدينية، والنظر لفكرة تدريس التسامح. أكدت د.فاديا كيوان، ضرورة عودة برامج الأخلاق للحياة السياسية، والتي تنتهج منهجين أحدهما مدرسة تعتقد أن السياسة كسب السلطة والمحافظة عليها، ومدرسة تبني السياسة على ارتباطها بالأخلاق، فهناك إقصاء شديد في الأوساط الفقيرة، وتهديد لكرامة المرأة والفتيات. وقالت: «نحن مقتنعون بأن هناك مصلحة للأسرة كما للمجتمع وللمرأة، ودور المرأة في محاربة التطرف، فهي يمكن أن تساهم بشكل إيجابي في لجم التطرف». ولفتت إلى أن التسامح الإيجابي الروحاني الديني هو القبول بالرأي الآخر والتنوع، واحترام الشخص المختلف عنك، والتعاضد في مواجهة التحديات. واستعرضت معالي نورة الكعبي خلال الجلسة أهمية قانون التمييز والكراهية، الذي أصدرته دولة الإمارات، وما هي أهمية مثل هذه القوانين، حيث أكدت د. نبيلة مكرم، بأن هذا القانون يرسخ قيمة الترابط بين الشعب الإماراتي وكل الجنسيات والأديان والثقافات في الدولة، ويضع حداً لأي تجاوزات ضد الإنسانية. ويجب الاستفادة من القانون لتعزيز قيم الأخوة الإنسانية في المجتمعات العربية. ففي المنطقة العربية نشترك بقيم كثيرة تنبع منها القيم التي نسمو إليها، وإن القوانين مهمة وهي ليست مسؤولية القيادات فقط، بل المجتمعات، وذلك بأن علينا أن نزرع في نفوس الأطفال هذه القيم، وإعداد كوادر تعليمية، ويكون الإعلام العربي مسؤولاً عن نشر ثقافة قبول الغير. وتحدثت معالي نورة الكعبي في الجلسة عن تقدير النساء العاملات من الفلبين، وأن هناك تقديراً لعملهن في المستشفيات ومختلف القطاعات، وأن الجميع دائماً يتعلم منهن في طريقة احتفائهن بالحياة. وأشارت الكاهن «ماري سول فيلالون»، بأن الأمر متجذر في شخصية المرأة أن تكون متعاطفة ومحبة للسلام، وهي المرأة الأم التي تعزز قيم العطاء والمشاركة والبذل واحترام الآخرين، فالمرأة من الرحم تبدأ بتعليم الحب والسلام والاحترام.
مشاركة :