يواجه العالم مثلث تحديات عالمية أضلاعه البطالة والفقر وعدم المساواة. فعلى مستوى العالم، ووفق منظمة العمل الدولية، بلغ عدد عمال العالم نحو 3347 مليون عامل في 2013، منهم نحو 202 مليون عامل عاطل من العمل، أي أن معدل البطالة على مستوى العالم يقدر بنحو ستة في المئة. ويعمل نحو 45 و23 في المئة من العاملين في قطاعي الخدمات والصناعة على التوالي والباقي يعمل في قطاع الزراعة. وعلى مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بلغ عدد العمال نحو 147 مليون عامل منهم نحو 17 مليون عامل عاطل من العمل، أي أن معدل البطالة يقدر بنحو 11.5 في المئة. ويعمل نحو 54 في المئة من العاملين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في قطاع الخدمات ونحو 24 في المئة في قطاع الصناعة والباقي في قطاع الزراعة. والبطالة بين الشباب مرتفعة إذ تقدر بـ 74.5 مليون عاطل من العمل على مستوى العالم وتمثل نحو 13 في المئة من الشباب في الفئة العمرية 15 - 24 سنة. وتقدر البطالة بين الشباب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بـ 7.5 مليون عاطل من العمل أو نحو 27 في المئة من الشباب، وهي النسبة الأعلى بين الشباب في مناطق العالم المختلفة: البلدان المتقدمة 18.3 في المئة، شرق آسيا 10.1 في المئة، أميركا الجنوبية 13.6، أفريقيا جنوب الصحراء 11.9 في المئة. والبطالة أساس الفقر، والفقر ما زال منتشراً في العالم على رغم انخفاض أعداد الفقراء. ففي 2000 قدر عدد فقراء العالم المشتغلين بدخل يساوي دولارين يومياً بنحو 1200 مليون، وانخفض الرقم إلى 839 مليون عام 2013، أي بنحو 30 في المئة. وجاء الانخفاض في معظمه في شرق آسيا حيث تراجع عدد الفقراء بنحو 73 في المئة بين 2000 و2013 (من 412.9 إلى 111.6 مليون فقير)، وفي أميركا الجنوبية انخفض بنسبة 45 في المئة (من 33.4 مليون إلى 18.5 مليون) وفي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 4.2 في المئة (من 14.4 مليون إلى 13.8 مليون). ويذكر أن عدد الفقراء في الشرق الأوسط زاد من 3.8 مليون فقير إلى خمسة ملايين بينما انخفض عدد الفقراء في شمال أفريقيا من 10.6 مليون فقير إلى 8.8 مليون بين 2000 و2013. وإذا كانت البطالة أساس الفقر يصبح هدف القضاء على الفقر مرتبطاً بالقضاء على البطالة. والسؤال هو ما هي السياسات الاقتصادية والإجراءات الضرورية لخلق فرص عمل لاستيعاب العاطلين من العمل؟ أكدت مجموعة العشرين في اجتماعها الأخير في إسطنبول على ضرورة النمو الاقتصادي الشامل كشرط لمواجهة التحديات العالمية. صحيح أن مجموعة العشرين أقرت بأهمية النمو الاقتصادي الشامل، لكنها لم تتفق على السياسات، عاكسة الاختلاف بين رؤية البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والاقتصاديين عموماً في شأن أهمية عدم المساواة في النمو الاقتصادي. يعتبر البنك الدولي أن عدم المساواة يساعد على النمو الاقتصادي الذي هو شرط ضروري لمحاربة الفقر وإيجاد فرص عمل. أما صندوق النقد الدولي، فيرى أن الاهتمام يجب أن يكون في إزالة عدم المساواة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام وبالتالي خلق فرص عمل ويساعد في تخفيف الفقر وتقليص عدد الفقراء. ووفق منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، فإن فجوة الدخل بين الأثرياء والفقراء في معظم البلدان المتقدمة تفاقمت خلال العقود الثلاثة الماضية إذ إن الـ 10 في المئة الأكثر ثراء يحوزون نحو 10 أضعاف ما يحوزه الـ 10 في المئة الأكثر فقراً. وفي تقرير لمؤسسة أوكسفام البريطانية، سـيملك الواحد في المئة الأغنى في العالم ثروة أكبر مما يملكه الـ 99 في المئة الباقية في 2015. وفي الولايات المتحدة، بقي عدم مساواة الدخل ينمو لعقود لكنه أصبح أسوأ بعد الأزمة المالية العالمية (2009 - 2012) فالواحد في المئة في القمة حصلوا على مجمل الزيادة في الدخل، بينما انخفض متوسط دخل الآخرين وما زال مستمراً بالانخفاض. تركز الثروة والدخل في مجموعة قليلة من البلدان أو من الناس لا يساعد على استمرار النمو وخلق فرص عمل. وتُخلق فرص العمل بالنشاطات الجديدة الكثيفة العمالة لكن المستثمرين لا يستثمرون إذا وجدوا أن ما ينتجونه من سلع وخدمات لا يلقى طلباً كافياً عليه لأن الناس لا يملكون القوة الشرائية التي باتت مركزة في فئة قليلة من الناس. وعلى مستوى الدول تسوى هذه الإشكالية من خلال السياسة المالية وملاحقة من هربوا ثرواتهم إلى الملاذات الآمنة، كما أشار البعض في مجموعة العشرين. كاتب متخصص بالشؤون الاقتصادية
مشاركة :