كان لقاء لا يخلو من الشفافية بالأمس مع الأخ الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة وزير المالية والاقتصاد الوطني. لقاء حافلا، تحدث خلاله الوزير الجديد عن التقديرات الأولية للنتائج المالية لعام 2018، وانعكاسها على الوضع المالي. كما استعرض الوزير التنوع الاقتصادي والإيرادات الحكومية النفطية وغير النفطية، فضلا عن مبادرات إعادة هيكلة الميزانية وبرامج النمو الاقتصادي والدعم الحكومي المقدم للأفراد والشركات، وتفاصيل أخرى. أسعدني جدا افتخار الوزير بالشباب البحريني وتميزه وبراعته، وهنا كانت لنا وقفة بضرورة معالجة الظاهرة المعاكسة لذلك التوجه، والتي لا تزال تنمو وتكبر، من فصل العمالة البحرينية التعسفي، فضلا عن تمييز وتفضيل العمالة الأجنبية على البحريني مناصب ورواتب ومزايا، وهو ما نحتاج إلى علاجه جذريا. تابعت باهتمام بالغ الشرح الجميل والفهم الكبير لكثير من تفاصيل المشهد الاقتصادي، والتي يسعى الوزير المجتهد وطاقمه لملمتها ومحاصرتها، خاصة في ظل هذه الفترة المالية الحرجة التي تعيشها الدولة، ولكن بالتأكيد كان السؤال ملحا: هل بإمكان القارب أن يُبحر فقط بالإبداع والمهارة والتميز في إدارة الملف المالي والاقتصادي للدولة، أم أن هناك جانبا مظلما فيما يتعلق بوقف نزيف الثروات وهدر الأموال، والذي يجب أن يسدّ ويشمّع باللون الأحمر. هناك جهود واضحة تُبذل، وهناك نية صادقة لمعالجة الوضع تابعنا تصوراتها ونتائج بعضها بالأمس، وإذا لم تتكاتف جميع الجهود بوقف النزيف، وإذا استمر تعيين من هم ليسوا أهلا لمناصبهم، فلن يُبحر بنا القارب إلى بر الأمان. لقد نجحت جهود العاملين في ضبط الإنفاق الحكومي وتحقيق التوازن المالي، في خفض العجز الكلي للدولة بنسبة 35% كما أعلنها الوزير بالأمس. هذا وحده دليل الجدية في علاج الخلل، والذي نتمنى أن يتواصل بعيدا عن جيب المواطن، ومن خلال البحث في المَواضع التي كانت ولازالت تستنزفنا ويجب التحرك الفوري لوقفها. ليس ذلك فحسب؛ فحتى المشاريع الاقتصادية والتجارية والمتعلقة بسوق العمل التي أطلقتها الدولة منذ سنوات، يجب الاستمرار في تقييمها أولا بأول وسد ثغراتها، حتى لا نكون كمن يعمل ويجتهد ويظن بأنه يُحسن صنعا، بينما هو يسير في الجهة المعاكسة. برودكاست: قضية التوازن المالي وتخفيض العجز وصولا إلى التخلص منه، ليست مشكلة موظفي الدولة فقط، وليست مسؤولية وزارات الدولة ومؤسساتها فحسب، بل هي أمانة على الجميع أن يستشعر وجودها، ويوقف أي صرف يتسبب في توسيع رقعتها. دائما وأبدا، ستظل الصحافة مع الوطن في همومه وشجونه، تنشد له دائما التفوق والنجاح والسؤدد.
مشاركة :