رفضت ميليشيات الحوثي الإرهابية الموالية لإيران، مقترح كبير مراقبي الأمم المتحدة في الحديدة الجنرال باتريك كاميرت بانسحاب جميع القوات من المدينة، تنفيذاً لعملية إعادة الانتشار بموجب اتفاق السويد، فيما اعتبرت الحكومة اليمنية أن تساهل المجتمع الدولي جعل من أي اتفاق أو قرار جديد فرصة للميليشيات للتصعيد في انتهاكاتها وحربها ضد اليمنيين، مؤكدة ضرورة وضع خطة تنفيذية بجداول زمنية لما تم الاتفاق عليه في السويد، وأعلنت الأمم المتحدة أن ممثلي الحكومة اليمنية والميليشيات سيجتمعون اليوم في العاصمة الأردنية عمان في جولة جديدة من المباحثات بين الجانبين حول اتفاق الأسرى. وتواصلت أمس، لليوم الثاني على التوالي، أعمال الاجتماع الثالث للجنة إعادة الانتشار في الحديدة بمشاركة ممثلين عن الحكومة اليمنية وميليشيات الحوثي الإرهابية، وذلك على متن سفينة تابعة للأمم المتحدة قبالة ساحل الحديدة. وكان الجنرال كاميرت قد عرض خلال المناقشات مقترحاً لإعادة الانتشار في الحديدة، تضمن انسحاب جميع القوات من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ومدينة الحديدة. وذكرت مصادر مقربة من المشاورات أن ممثلي الميليشيات رفضوا مقترح المسؤول الدولي، فيما وافق ممثلو الحكومة اليمنية مبدئياً على المقترح شريطة أن يشمل الاتفاق ملفي الأجهزة الأمنية والسلطة المحلية بالحديدة، ويكون الاتفاق النهائي حزمة واحدة تشمل بنود اتفاق السويد كافة. وأشارت المصادر إلى أن الجنرال كاميرت عقد صباح أمس لقاءات منفردة مع الجانب الحكومي والحوثيين قبل أن يترأس اجتماعاً مشتركاً للجنة الأممية الثلاثية استمر ساعات عدة. وكان كاميرت قد استهل أعمال الاجتماع الثالث للجنة المشتركة بالتأكيد على أهمية احترام وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه في 18 ديسمبر. وحذر رئيس بعثة الأمم المتحدة المكلفة مراقبة وتنفيذ اتفاق الحديدة، والموجودة في المدينة منذ 23 ديسمبر، الأطراف من هشاشة وقف إطلاق النار، وحثها على إصدار تعليمات إلى قادتها على الأرض بالامتناع عن أي انتهاكات قد تعرض اتفاق ستوكهولم وعملية السلام للخطر. إلى ذلك، أكد رئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك أن إصرار ميليشيات الحوثي على إفشال اتفاق السويد، وتنصلها عن تنفيذ كل التزاماتها بموجب الاتفاق الموقع عليه برعاية الأمم المتحدة، يبرهن على استمرارها في مراوغاتها المعتادة وعدم جديتها أو قبولها الانصياع للسلام والرضوخ للإرادة الشعبية، وتنفيذ القرارات الدولية الملزمة. وأوضح لدى استقباله، أمس، رئيس دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية البريطانية نيل كومبتون، أن تساهل المجتمع الدولي جعل من أي اتفاق أو قرار جديد فرصة للميليشيات الانقلابية للتصعيد في انتهاكاتها وحربها ضد اليمنيين، لتتجاوز ذلك مؤخراً إلى إطلاق النار على فرق الرقابة الأممية ومنع تحركاتها في تحدٍّ سافر وغير مقبول للمجتمع الدولي. ولفت إلى أن لعبة المراوغة والمماطلة التي تعتمدها الميليشيات تتجسد حالياً في محاولاتها لإعادة التفاوض من جديد على اتفاق السويد وتفسيره بحسب ما يروق لها ويخدم ويشرعن لانقلابها. وقال الدكتور معين: «كانت موافقة الشرعية على اتفاق السويد حرصاً منها على السلام وحقن دماء اليمنيين، رغم إدراكنا أن ميليشيات الانقلاب كعادتها في نقض المواثيق والاتفاقات لن تلتزم به، وهو ما نراه حالياً بعد مضي أكثر من شهر على التوقيع ولم تنفذ شيئاً، سواء الانسحاب من مدينة وموانئ الحديدة أو تبادل الأسرى والمعتقلين». وجدد التأكيد على أن المفتاح الحقيقي والوحيد للخروج من هذه الحرب التي أشعلتها الميليشيات هو في التعامل الجاد مع أسبابها، وذلك بإزالة مظاهر الانقلاب واستعادة مؤسسات الدولة، بالاستناد إلى مرجعيات الحل السياسي المتوافق عليها. وعبر رئيس الوزراء عن تقدير اليمن للدور البريطاني الداعم للشرعية والشعب اليمني، وتحركاتها الفاعلة باتجاه تحقيق السلام العادل والدائم تحت سقف المرجعيات المتوافق عليها محلياً وإقليمياً ودولياً. وتطرق اللقاء إلى الاجتماعات الجارية بين ممثلي الحكومة والميليشيات برعاية الأمم المتحدة، للدفع قدماً باتجاه تنفيذ اتفاق السويد بشأن الحديدة، حيث شدد رئيس الوزراء، في هذا الخصوص، على ضرورة وضع حد للمراوغات الحوثية واتخاذ إجراءات حازمة ورادعة تجاه خروقاتها المستمرة لوقف إطلاق النار في الحديدة ورفض الانسحاب من المدينة والموانئ، وعرقلة تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى. بدوره، قال وزير الخارجية اليمني خالد اليماني، إن الحكومة الشرعية أبدت في مشاورات ستوكهولم المرونة المطلوبة لإنجاح المشاورات، مشدداً على ضرورة وضع خطة تنفيذية بجداول زمنية لما تم الاتفاق عليه في السويد بعد مرور شهرين من تنصل ميليشيات الحوثي عن الاتفاق ورفض تنفيذه. وخلال إلقائه كلمة اليمن في اجتماع المجلس الوزاري العربي الأوروبي الخامس المنعقد في بروكسل، قال اليماني: «نعتبر أن تنفيذ اتفاقات السويد يشكل مدخلاً لمواصلة التقدم نحو جولات مشاورات قادمة لمناقشة الحل السياسي الشامل، وأن خيار الفشل في اتفاقات السويد ليس خياراً وارداً وقد أكده الأمين العام للأمم المتحدة، لأنه في حال إخفاق الحوثيين في تنفيذ اتفاق ستوكهولم، خاصة ما يتعلق بالحديدة، لن يكون باستطاعة الجميع إجبارهم على تحقيق التزامات الحل الشامل وفق القرار 2216». وفي سياق متصل، قال بيان صادر عن الأمم المتحدة، إن اللجنة الإشرافية المعنية بمتابعة تنفيذ اتفاق الأسرى ستجتمع اليوم في عمّان. وتضم اللجنة ممثلين عن الحكومة اليمنية والميليشيات الحوثية الإرهابية برئاسة مشتركة من مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر. وبحسب البيان، فإنه من المقرر أيضاً أن يشارك كل من المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن جريفيث، ورئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بيتر مورير، في جانب من اليوم الأول لاجتماعات اللجنة. وأوضح أنه خلال هذه الجولة من الاجتماعات الفنية، ستقوم اللجنة الإشرافية المعنية بمتابعة تنفيذ اتفاق الأسرى بمناقشة الخطوات المتخذة من قبل الأطراف للوصول لقوائم الأسرى النهائية للمضي قدماً لتنفيذ الاتفاق. وكان ممثلو الحكومة اليمنية والحوثيون قد عقدوا منتصف الشهر الماضي جولة أولى من المباحثات منذ اتفاق السويد في عمان، مقر مكتب بعثة الأمم المتحدة الخاصة باليمن، لبحث تطبيق تبادل الأسرى.
مشاركة :